عرض مشاركة واحدة
قديم 28-05-17, 09:29 AM   رقم المشاركة : 8
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


حسنات الأبرار سيئات المقربين :

ينبغي ان يعلم ان ذنوب الأنبياء (عليهم السلام) وأخطاءهم ليست كذنوب غيرهم. وإنما هي –في غالبها- تدخل في باب: (حسنات الأبرار سيئات المقربين). فإن عامة ما بدر منهم إنما اعتبر في حقهم تقصيراً بالنظر الى علو منزلتهم وقربهم من الله بالنسبة الى غيرهم، والا فهي في حق ذلك الغير قد تعتبر حسنات يمدحون عليها. فالعتاب والحساب على قدر القرب ودرجة الانتساب. وهذا متعارف عليه وشائع بين البشر، فما يعتبر فضلاً في صديق عابر قد يعتبر تقصيراً إذا صدر من أخ أو صديق حميم. وقد يؤاخذ الوزير بما يثاب عليه الأجير.

وقد يجيب طالب بجواب يحوز الإعجاب لو صدر مثله من أستاذه لذم عليه! وهكذا. فما فعله ذو النون عليه السلام وعوقب عليه من التقصير في الصبر المطلوب على دعوة قومه وتركهم قبل ذلك حتى ان الله تعالى نهى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم عن التأسي به في هذا الأمر فقال: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ القلم/48 لو فعله داعية من الدعاة غير الأنبياء لربما اعتبر في حقه حسنة يثاب عليه،
أو فضيلة يمدح من اجلها.
وكذلك ما عاتب الله النبي صلى الله عليه وسلم من العبوس في وجه الأعمى والإعراض عنه فقال: عَبَسَ وَتَوَلَّى * إنْ جَاْءَهُ ألأعْمَى  عبس/1،2 فإنما لعلو منزلته وكمال خلقه اعتبر مثل هذا قدحاً فيه يستحق العتاب عليه.
وهذا وامثاله مما يدل على ان ذنوب الأنبياء إنما اعتبرت ذنوباً لشدة قربهم الى الله، وان لم تكن في حق غيرهم كذلك.
ومهما يكن من أمر فهي بهذا الاعتبار ذنوب لأنها لا تليق بمنصب النبوة: فما كان لهم ان يفعلوها وهم في مثل هذا المنصب وهذا القرب. على أنه ليست جميعها يمكن حملها على هذا المحمل كأكل آدم (عليه السلام) من الشجرة، او قتل موسى (عليه السلام) للرجل، او إلقائه الألواح من يده .

وبهذا يتبين أن قول بعض العلماء بأن أخطاء الأنبياء وذنوبهم معناها فعلهم خلاف الأولى ليس على إطلاقه.

نظرة المشركين اللاهوتية للنبوة والأنبياء :

اعتقد المشركون أن الأنبياء لا ينبغي ان يكونوا من جنس البشر، وأن النبوة لا تعطى الا للملائكة أو على الأقل لمن يكون كالملائكة. ويضفى على النبي من المواصفات والقوى والخوارق والكمالات ما يرفع به فوق مستوى الجنس البشر. كما اخبر الله عز وجل عنهم في مواضع عديدة من كتابه الكريم كقوله : وَقَالُوا مَالِ هَذَا
الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأسْوَاق الفرقان/7.
وقوله:وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ الأنعام/8.
وقوله: وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَراً رَسُولاً * وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً * قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً  الإسراء/90-95،
وهذا كله عن قريش.
وأما قوم نوح (عليه السلام) فقالوا: مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأوَّلِينَ  المؤمنون/24.
وقال قوم صالح (عليه السلام): مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ المؤمنون/ 33،34.
وقال فرعون وقومه: أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ المؤمنون/47. وفرعون اعترض على نبوة موسى لكونه قاتلاً: وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ الشعراء/19.

وهكذا تخيل الكفار والمشركون الأنبياء كمخلوقات فوق مستوى البشر. فالذين رأوا منهم الأنبياء وعاشروهم ثبت لهم بالمشاهدة والملموس أنهم ليسوا كذلك فكان هذا سبباً لإنكارهم نبوتهم وكفرهم بهم.
وهؤلاء الذين اثبتوا للأنبياء العصمة اللاهوتية انطلقوا من النقطة نفسها والمبدأ عينه. فكلا الفريقين تصوروا الأنبياء فوق البشر، الا ان أولئك لما لم يجدوهم كذلك أنكروهم، وهؤلاء لم تحتمل عقولهم أن يكونوا كذلك فأضفوا عليهم صفات وخصائص من عندهم ليست موجودة في النصوص الشرعية كي يوفقوا بين إيمانهم بهؤلاء الأنبياء ونظرتهم المسبقة عنهم .
والفرق بين الفريقين أن الأولين عاينوهم فلم يجدوا فيهم هذه المواصفات التي تطابق نظرتهم فأنكروا كونهم أنبياء، والآخِرين لم يروهم فقالوا: لا بد ان يكونوا كذلك والا لم يكونوا أنبياء. ولو عاينوهم لأنكروهم.







من مواضيعي في المنتدى
»» صور السيلفي تصل مليشيا بابليون النصرانية في تعذيب أهل الصقلاوية
»» للمرة الثانية حشود الشيعة تقتحم مجلس النواب وإعلان العبادي للطواريء
»» بالصور/ زفاف القاسم وتفريخ بدع الشيعة
»» صكوك الغفران ولبيك يا حسين ، محبة وولاء أم شرك ونفاق ؟
»» شبهة عدم اتباع مذهب واحد عند أهل السنة دليل على اختلافهم في الأصول