عرض مشاركة واحدة
قديم 22-09-11, 08:37 PM   رقم المشاركة : 1
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


موقف الإمام الطاهر بن عاشور من الشيعة في تفسير " التحرير و التنوير "

موقف الإمام ابن عاشور من الشيعة في تفسير " التحرير و التنوير "

كتاب (التحرير والتنوير) للطاهر ابن عاشور
كتاب تألق بين كتب التفسير؛ هو منهج علمي متين، متمسّك بطرائق وحبال المتقدمين، حريص على تفسير كلام الله بالمأثور , إذا تأملت تفسيره ولو من بُعد ألفيت عقلًا راجحًا، ورأيًا صائبًا، وسعة فكر، وقوة بيان، وحجة قوية، وبرهانًا قاطعًا، ولا غرو، فهو سليل العلم ومعدن الفهم، علم وخبرة وذوق وملكة.. صحة مدارك وقوة مقاصد.
في هذا الكتاب الكبير دافع الإمام ابن عاشور رحمه الله عن مقاصد الإسلام ومعانيه وشرائعه ومبانيه.. حارب الشرك وأشكاله، والكفر وضروبه، حبّب المسلمين في السنة ورغبهم في التمسك بها، وحذّرهم من البدعة ونفّرهم منها . شنّع على المبتدعة وأهل الضلال ، ورد على الزنادقة أعداء الملة المحمدية، وبيّن منهجهم وفضح باطلهم، بأجلى عبارة وأمتن بيان... ومن هؤلاء المبتدعة (الشيعة الإمامية الإثنا عشرية) فقد بيّن أمرهم وشيئًا من معتقداتهم الفاسدة، وأنهم ليسوا على شيء.


موقف ابن عاشور من الشيعة في كتابه التحرير والتنوير
وفيما يلي نبين موقف العلامة الكبير الطاهر ابن عاشور من الشيعة من خلال كتابه العظيم (التحرير والتنوير) و ذلك في عشر مناسبات :
[الموضع الأول]
قال رحمه الله في المجلد الأول (ص:61) من تفسيره، عند كلامه على القراءات في المقدمة السادسة:
«...وقرأبعض الرافضة: ((وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)) [الكهف:51 ]بصيغة التثنية وفسروها بأبي بكر وعمر حاشاهما، وقاتلهم الله».

وهذا مذهب وعقيدة الشيعة الإثني عشرية اليوم، فهم يُكفِرون أبا بكر وعمر رضيالله عنهما، وذلك لأن أسياد الشيعة علموا أن الطعن فيهما طعن في الإسلام. وإليك أقوالهم في الشيخين رضي الله عنهما، موثّقة من مصادرهم الأصلية ومراجعهم المعتمدة:

يوجب الشيعة الاثنى عشرية لعن الشيخين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ويزعمون أن بعض أئمتهم قد لعنهما:
فقد نسبوا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه - زورًا وبهتانًا- أنه لما قام إليه أحد الناس، وطلب منه أن يبايعه على ما عمل أبو بكر وعمر، قال: «فمد يده، وقال له: اصفق، لعن الله الاثنين»( رواه الصفار في بصائر الدرجات الكبرى (ص:412) والمفيد في الاختصاص (ص:312 ))

وذكر بعض الشيعة أن الإمام جعفر الصادق رحمه الله كان يلعنهما - رضي الله عنهما- في دبر كل مكتوبة(نفحات اللاهوت للكركي (ق:6/أ:74/ب)).
وقد أنشأ الشيعة أدعية عديدة في لعن الشيخين رضي الله عنهما، ذكروها في كتبهم، ووضعوا في فضلها أحاديث كثيرة، ترغيبًا لشيعتهم في قراءتها، والإكثار من ترديدها والدعاء بها.
وسأذكر منها:الدعاء المسمى بـ( دعاء صنمي قريش ) أوله: «اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، والعن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وإفكيها، وابنتيهما...إلخ».
ومرادهم بصنمي قريش: أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - كما صرح الشيعة بذلك في العديد من مصنفاتهم، منهم: الكفعمي في شرحه لهذا الدعاء(المصباح للكفعمي (ص:552-554).)، والكركي في نفحات اللاهوت( وكتابه نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت، صنفه خصيصًا في لعن الشيخين الجليلين صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما اللذان عناهما بقوله: الجبت والطاغوت، وقد ذكر في هذا الكتاب أن عليًا رضي الله عنه وحاشاه مما ينسبه إليه الشيعة - كان يقنت في الوتر يلعن صنمي قريش، ثم قال: يريد بهما أبا بكر وعمر، وقد ورد استحباب الدعاء على أعداء الله في الوتر، نفحات اللاهوت للكركي (ق:74/ب).)،والمجلسي في مرآة العقول: (4/356)، والداماد الحسيني الذي أشار إلى دعاء صنمي قريش، وقال: إن المراد بـ(صنمي قريش) الرجلان المدفونان مع رسول الله ) شرعة التسمية في زمن الغيبة (ق:26/أ))، والتستري في إحقاق الحق (ص:133-134)، والحائري في إلزام الناصب (2/95) ومما قاله: «صنما قريش هما: أبو بكر وعمر... غصبا الخلافة بعد رسول الله...»، والنوري الطبرسي في فصل الخطاب (ص:9-10)

والشيعة قد زعموا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه - وحاشاه مما نسبه إليه الشيعة- كان يقنت في صلاة الوتر بهذا الدعاء(البلد الأمين للكفعمي (ص:511)، والمصباح له (ص:511)، ونفحات اللاهوت للكركي (ق:74/ب)، وعلم اليقين للكاشاني (2/701)، وفصل الخطاب للنوري الطبرسي (ص:221-222)). ونسبوا إليه - زورًا وبهتانًا- أنه قال عنه: «إن الداعي به كالرامي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بدر وحنين بألف ألف سهم»، (المصادر السابقة نفسها).
ونسبوا إلى بعض أئمتهم - زورًا وبهتانًا أيضًا- في فضل هذا الدعاء: أن من قرأه مرة واحدة «كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، ويقضى له سبعون ألف ألف حاجة»( ضياء الصالحين (ص:513..)) وأن من يلعن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في الصباح لم يكتب عليه ذنب حتى يمسي، ومن لعنهما في المساء لم يكتب عليه ذنب حتى يصبح(ضياء الصالحين (ص:513)).

أما عن عقيدة الشيعة في البراءة من الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما:
فإن البراءة منهما ومن عثمان ومعاوية رضي الله عنهم تعد من ضروريات مذهبهم، فمن لم يتبرأ منهم، فليس من مذهب الشيعة في شيء.
قال المجلسي - مرجع الشيعة المعاصرين-:«ومن ضروريات دين الإمامية البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية...»( الاعتقادات للمجلسي (ق:17.) بل والبراءة منهم تعتبر عند الشيعة من أسباب ذهاب الأسقام وشفاء الأبدان(إلزام الناصب للحائري (2/9)).
ومن تبرأ منهم ومات في ليلته دخل الجنة: روى الكليني في كتابه الكافي (2/389)-الذي يعد أحد الأصول الأربعة المعتبرة عند الشيعة - بسنده عن أحدهما( مصطلح يستعمله الشيعة ويريدون به أحد الإمامين: جعفر الصادق أو أباه الباقر.)، قال: «من قال: اللَّهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك المقرّبين، وحملة عرشك المصطفين أنك أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم، وأن محمدًا عبدك ورسولك، وأن فلانًا إمامي ووليي(ويسمى إمام زمانه.) وأن أباه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي والحسن والحسين وفلانًا وفلانًا حتى ينتهي إليه(أي: إلى إمام زمانه.) أوليائي، على ذلك أحيا، وعليه أموت، وعليه أبعث يوم القيامة، وأبرأ من فلان وفلان وفلان. فإن مات من ليلته دخل الجنة».
وفلان وفلان وفلان هم أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.


[الموضع الثاني]

قال رحمه الله (ص:139) من المجلد الأول، في معرض كلامه عن (البسملة) وخلاف أهل العلم في كونها آية من كل سورة: «... قال الباقلاني: لو كانت التسمية من القرآن لكان طريق إثباتهاإما التواتر أو الآحاد، والأول باطل؛ لأنه لو ثبت بالتواتر كونها من القرآن لحصل العلم الضروري بذلك، ولامتنع وقوع الخلاف فيه بين الأمة، والثاني أيضًا باطل؛ لأن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن، فلو جعلناه طريقًا إلى إثبات القرآن لخرج القرآن عن كونه حجة يقينية، ولصار ذلك ظنيًا، ولوجاز ذلك لجاز ادعاء الروافض أن القرآن دخله الزيادة والنقصان والتغيير والتحريف. اهـ... إلى أن قال رحمه الله في نقل كلامٍ لعبدالوهاب:.. إن رسول الله بين القرآن بيانا واحدا متساويا ولم تكن عادته في بيانه مختلفة بالظهور والخفاء حتى يختص به الواحد والاثنان ولذلك قطعنا بمنع أن يكون شيء من القرآن لم ينقل إلينا، وأبطلنا قول الرافضة إن القرآن حِمْلُ جَملٍ عند الإمام المعصوم المنتظر، فلو كانت البسملة من الحمد لبينها رسول الله بيانًا شافيًا. اهـ».
يجب علينا حتى نَعِي ونفهم كلام هذا الإمام رحمه الله في موقف الشيعة من كتاب الله تعالى، أن نشير إلى بعض كلام علمائهم المعتبرين وعقيدتهم في القرآن الكريم... :
قال الشيخ المفيد: «إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن، وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان»( أوائل المقالات (ص:91))
وقال نعمة الله الجزائري: «إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة، بل المتواترة، الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلامًا، ومادةً، وإعرابًا، مع أن أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها»( الأنوار النعمانية (ج:2-ص:357)).
وقال محمد باقر المجلسي في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية» قال عن هذا الحديث: «موثق» وأضاف: «ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره، وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأسًا، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة، فكيف يثبتونها بالخبر؟»( مرآة العقول (12/525).) أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف؟.

ويصرح الفيض الكاشاني في تفسير الصافي (المقدمة السادسة:1/44 ط: الأولى 1979م، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت لبنان) بأن: «المستفاد من جميع الأخبار والروايات الواردة من طريق أهل البيت، أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مُغيّر مُحرف، وأنه حذف منه أشياء كثيرة، منها اسم علي عليه السلام في كثير من المواضع، ومنها لفظة آل محمد».
ويقول نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية (2/357 ط.تبريز إيران): «الأخبار المستفيضة المتواترة الصريحة على وقوع التحريف في القرآن».
ويورد محمد باقر المجلسي في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (12/525-526 ط:2 نشر دار الكتب الإسلامية طهران) ما رووه عن أبي عبد الله أنه قال: «إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية».
ويعلق على هذه الرواية بقوله: «فالخبر صحيح، ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره، وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة».

هذه هي عقيدة الشيعة في كتاب الله تعالى الموصوف بأنه: ((لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)) (فصلت:42). وأن الله تكفل بحفظه، فقال سبحانه: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ))(الحجر:9).

[الموضع الثالث]
قال رحمه الله (ص:46) من تفسيره الجزء الرابع من المجلد الثالث، عند تفسير قوله تعالى:
((يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)) [آل عمران:106].
«..من العتبية قال: ما آية في كتاب الله أشد على أهل الاختلاف من أهل الأهواء من هذه الآية: ((يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)) [آل عمران:106] قال مالك: إنما هذه لأهل القبلة. يعني أنها ليست للذين تفرقوا واختلفوا من الأمم قبلنا، بدليل قوله: ((أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)) [آل عمران:106] ورواه أبو غسان مالك الهروي عن مالك عن ابن عمر، وروي مثل هذا عن ابن عباس، وعلى هذا الوجه: فالمراد الذين أحدثوا بعد إيمانهم كفرًا بالردة أو بشنيع الأقوال التي تفضي إلى الكفر ونقض الشريعة، مثل الغرابية من الشيعةالذين قالوا بأن النبوة لعلي، ومثل غلاة الإسماعيلية أتباع حمزة بن علي،وأتباع الحاكم العبيدي... إلخ».


أقول: هكذا الشيعة محكوم على أقوالهم بأنها تُفضي إلى الكفر ونقض الشريعة،فقد غلوا فيمن جعلوهم (أئمة) لهم، ورفعوا درجتهم من البشرية إلى مرتبة الربوبية والإلهية، فصرفوا لهم العبادة من دون الله، وإليك بعض الأمثلة من كتاب واحد للشيعة لتعلم كيف أنهم يدعون أن الوحي ينزل على أئمتهم:
في كتاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار (ص:251):
(1باب في أنهم -الأئمة- يخاطبون ويسمعون الصوت ويأتيهم صور أعظم من جبرائيل وميكائيل حدثنا علي بن اسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن منا لمن يعاين معاينة، وإن منا لمن ينقر في قلبه كيت و كيت، وإن منا لمن يسمع كما يقع السلسلة كله يقع في الطست، قال: قلت: فالذين يعاينون ما هم؟ قال: خلق أعظم من جبرائيل و ميكائيل».
(2) حدثنا محمد بن عيسى عن زياد القندي عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قلت: كيف يزاد الإمام؟ فقال: منا من ينكت في أذنه نكتًا، ومنا من يقذف في قلبه قذفًا، ومنا من يخاطب».
(3) حدثنا بعض أصحابنا عن محمد بن حماد، عن أحمد بن رزين، عن الوليد الطائفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن منا لمن يوقر في قلبه، ومنا من يسمع بأذنه، ومنا من ينكت، وأفضل من يسمع».
(4) حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن نعمان، عن يزيد بن إسحاق يلقب شعر، عن ابن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن منا لمن ينكت في أذنه، وإن منا لمن يؤتى في منامه، وإن منا لمن يسمع الصوت مثل صوت السلسلة يقع على الطست، وإن منا لمن يأتيه صورة أعظم من جبرائيل وميكائيل».

وغير هذا من الروايات والأعاجيب التي كذبوا فيها على أئمة أهل البيت عليهم السلام.. وخالفوا فيها كتاب الله تعالى، وصريح قول النبي صلى الله عليه وسلم.

[الموضع الرابع]
قال رحمه الله في (ص:260) من المجلد الرابع الجزء السادس عند قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) [المائدة:67]: «.. دلت الآية على أن الرسول مأمور بتبليغ ما أنزل إليه كله، بحيث لا يتوهم أحد أن رسول الله قد أبقى شيئا من الوحي لم يبلغه.لأنه لو ترك شيئا منه لم يبلغه لكان ذلك مما أنزل إليه ولم يقع تبليغه،. وإذ قد كانت هذه الآية من آخر ما نزل من القرآن، علمنا أن من أهم مقاصدها أن الله أراد قطع تخرص من قد يزعمون أن الرسول قد استبقى شيئًا لم يبلغه، أو أنه قد خص بعض الناس بإبلاغ شيء من الوحي لم يبلغه للناس عامة. فهي أقطع آية لإبطال قول الرافضة بأن القرآن أكثر مما هو في المصحف الذي جمعه أبو بكر ونسخه عثمان،وأن رسول الله اختص بكثير من القرآن علي بن أبي طالب، وأنه أورثه أبناءه،وأنه يبلغ وقر بعير، وأنه اليوم مختزن عند الإمام المعصوم الذي يلقبه بعض الشيعة بالمهدي المنتظر وبالوصي.
وكانت هذه الأوهام ألمت بأنفس بعض المتشيعين إلى علي رضي الله عنه في مدة حياته، فدعا ذلك بعض الناس إلى سؤاله عن ذلك. روى البخاري أن أبا جحيفة سأل عليًّا: (هل عندكم شيء ما ليس في القرآن وما ليس عند الناس؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن؛ إلا فهمًا يعطى رجل في كتاب الله، وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر). وحديث مسروق عن عائشة الذي سنذكره ينبئ بأن هذا الهاجس قد ظهر بين العامة في زمانها. وقد يخص الرسول بعض الناس ببيان شيء من الأحكام ليس من القرآن المنزل إليه لحاجة دعت إلى تخصيصه، كما كتب إلى علي ببيان العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر؛ لأنه كان يومئذ قاضيًا باليمن ، وكما كتب إلى عمرو بن حزم كتاب نصاب الزكاة لأنه كان بعثه لذلك، فذلك لا ينافي الأمر بالتبليغ لأن ذلك بيان لما أنزل وليس عين ما أنزل، ولأنه لم يقصد منه تخصيصه بعلمه، بل قد يخبر به من تدعو الحاجة إلى عمله به، ولأنه لما أمر من سمع مقالته بأن يعيها ويؤديها كما سمعها، وأمر أن يبلغ الشاهد الغائب، حصل المقصود من التبليغ؛ فأما أن يدع شيئا من الوحي خاصا بأحد وأن يكتمه المودع عنده عن الناس فمعاذ الله من ذلك.
وقد يخص أحدا بعلم ليس مما يرجع إلى أمور التشريع، من سر يلقيه إلى بعض أصحابه، كما أسر إلى فاطمة رضي الله عنها بأنه يموت يومئذ وبأنها أول أهله لحاقا به.وأسر إلى أبي بكر رضي الله عنه بأن الله أذن له في الهجرة.وأسر إلى حذيفة خبر فتنة الخارجين على عثمان، كما حدث حذيفة بذلك عمر بن الخطاب.وما روي عن أبي هريرة أنه قال:حفظت من رسول الله وعائين، أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم.
ومن أجل ذلك جزمنا بأن الكتاب الذي هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابته للناس، وهو في مرض وفاته، ثم أعرض عنه، لم يكن فيما يرجع إلى التشريع لأنه لو كان كذلك لما أعرض عنه والله يقول له: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}. روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لمسروق: "ثلاث من حدثك بهن فقد كذب، من حدثك أن محمدا كتم شيئا مما أنزل عليه فقد كذب، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهُ} الحديث.
وقوله: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهُ} جاء الشرط بإن التي شأنها في كلام العرب عدم اليقين بوقوع الشرط، لأن عدم التبليغ غير مظنون بمحمد صلى الله عليه وسلم وإنما فرض هذا الشرط ليبني عليه الجواب، وهو قوله: {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهُ} ليستفيق الذين يرجون أن يسكت رسول الله عن قراءة القرآن النازل بفضائحهم من اليهود والمنافقين، وليبكت من علم الله أنهم سيفترون، فيزعمون أن قرآنا كثيرا لم يبلغه رسول الله الأمة.


[الموضع الخامس]

قال رحمه الله (ص:311) من المجلد الرابع -الجزء السابع- عند قوله تعالى: ((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [الأنعام:74]: «... قال الفخر: وقالت الشيعة: لايكون أحد من آباء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجداده كافرًا. وأنكروا أن آزر أب لإبراهيم وإنما كان عمه. وأما أصحابنا فلم يلتزموا ذلك. قلت: هو كما قال الفخر من عدم التزام هذا، وقد بينت في رسالة لي في طهارة نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكفر لا ينافي خلوص النسب النبوي خلوصًا جبليًا؛ لأن الخلوص المبحوث عنه هو الخلوص مما يتعير به في العادة».
أقول: ثبت عندنا أهل السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب: (لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه، يغلي منه دماغه)( رواه مسلم (1/135).) وفيه بيان أن أبا طالب في النار.
ومن هذا الباب وبمساندة غلو الشيعة الكبير في الأئمة عندهم، فقد ادعوا إيمان أبي طالب والد الإمام علي رضي الله عنه، فقد روى الصدوق عن جابر قال: (قلت: يا رسول الله! إن الناس يقولون: إن أبا طالب مات كافرًا، قال: يا جابر! ربك أعلم بالغيب، إنه لما كانت الليلة التي أسري بي إلى السماء انتهيت إلى العرش، فرأيت أربعة أنوار فقيل لي: هذا عبد المطلب، وهذا عمك أبو طالب، وهذا أبوك عبدالله، وهذا ابن عمك جعفر بن أبي طالب، فقلت: إلهي لم نالوا هذه الدرجة؟ قال: بكتمانهم الإيمان وإظهارهم الكفر حتى ماتوا على ذلك!!)( انظر: جامع الأخبار، نقلاً عن تنقيح المسائل (ص:140)).
فلم اعتقد الشيعة هذه العقيدة؟ يقول أحد عقلائهم! (كيف عقلًا يكون إمامنا عليٌ أبوه كافر في النار، ومعاوية يسلم أبوه وهو من الأعداء؟!) هذا مبلغهم من العلم!

فلا أدري لم تكلف الشيعة اختلاق الأحاديث الموضوعة ولي عنق الآيات، لإثبات إيمان أبي طالب؛ ذريعة بتنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن أن يكون عمه كافرًا، مع أنهم أثبتوا ذلك في عمه أبي لهب!!
ولكن فعل الشيعة هذا ليس تنزيهًا للرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما المراد منه تنزيه علي رضي الله عنه عن أن يكون أبوه أبو طالب مشركًا، وهم الذين نعلم أنهم قد وصفوا عليًا رضي الله عنه بصفات لا يتصف بها إلا الخالق عز وجل.
والشيعة يرون أن القرابة كافية لدخول الإنسان الجنة، فأنكروا أن يكون آزر أبو إبراهيم في النار وكذلك أبو طالب..

=======
الموضع السادس]
قال رحمه الله في (ص:16) من المجلد الحادي عشر-الجزء الثاني والعشرون-عند تفسير قوله تعالى: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)) [الأحزاب:33]:
«.. والتعريف في {الْبَيْتِ} تعريف العهد وهو بيت النبيء صلى الله عليه وسلم وبيوت النبيء صلى الله عليه وسلم كثيرة فالمراد هنا بالبيت هنا بيت كل واحدة من أزواج النبيء صلى الله عليه وسلم وكل بيت من تلك البيوت أهله النبيء صلى الله عليه وسلم وزوجه صاحبة ذلك ولذلك جاء بعده قوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 34], وضميرا الخطاب موجهان إلى نساء النبيء صلى الله عليه وسلم على سنن الضمائر التي تقدمت. وإنما جيء بالضميرين بصيغة جمع المذكر على طريقة التغليب لاعتبار النبيء صلى الله عليه وسلم في هذا الخطاب لأن رب كل بيت من بيوتهن وهو حاضر الخطاب إذ هو مبلغه. وفي هذا التغليب إيماء إلى أن هذا التطهير لهن لأجل مقام النبيء صلى الله عليه وسلم لتكون قريناته مشابهات له في الزكاء والكمال، كما قال تعالى {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} [النور: 26] يعني أزواج النبيء للنبيء صلى الله عليه وسلم، وهو نظير قوله في قصة إبراهيم: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73] والمخاطب زوج إبراهيم وهو معها.
و {أَهْلَ الْبَيْتِ} : أزواج النبيء صلى الله عليه وسلم والخطاب موجه إليهن وكذلك ما قبله وما بعده لا يخالط أحدا شك في ذلك ولم يفهم منها أصحاب النبيء صلى الله عليه و سلم و التابعون إلا أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام هن المراد بذلك وأن النزول في شأنهن.

.وقد تلقف الشيعة حديث الكساء، فغصبوا وصف أهل البيت وقصروه على فاطمةوزوجها وابنيهما عليهم الرضوان، وزعموا أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لسن من أهل البيت. وهذه مصادمة للقرآن بجعل هذه الآية حشوًا بين ما خوطب به أزواج النبي. وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف على أهل الكساء؛ إذ ليس في قوله: (هؤلاء أهل بيتي) صيغة قصر، وهو كقوله تعالى: ((إن هؤلاء ضيفي)) [الحجر:68] ليس معناه ليس لي ضيف غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عما قبلها وما بعدها.
ويظهر أن هذا التوهم من زمن عصر التابعين وأن منشأه قراءة هذه الآية على الألسن دون اتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها، ويدل لذلك ما رواه المفسرون عن عكرمة أنه قال: من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قال أيضًا: ليس بالذي تذهبون إليه، إنما هو نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يصرخ بذلك في السوق. وحديث عمر بن أبي سلمة صريح في أن الآية نزلت قبل أن يدعو النبي الدعوة لأهل الكساء، وأنها نزلت في بيت أم سلمة.


وأقول: رحم الله العلامة الكبير، شيخ الإسلام الطاهر ابن عاشور فقد بين بالحجّة والبرهان، والعلم الدقيق، والمعرفة الثاقبة بتفسير آي الكتاب، وردّ أقوال المبطلين أعداء النبي صلى الله عليه وسلم والطاعنين في أزواجه الكرام المطهرات، من الشيعة الذين ما فتئوا يقدحون في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهم بهذا يؤذونه أشد الإيذاء، والله سبحانه وتعالى يقول: (( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)) [النور:26].

===========

طعن الشيعة في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
وإلى معتقد الشيعة في أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات رضي الله عنهن، وحيث إن المطاعن التي وجهها الشيعة إلى عائشة رضي الله عنها أكثر من غيرها فسأقتصر على نماذج منها..
وإذا كان هذا قولهم في عائشة أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه، فما بالك بغيرها رضي الله عنهن أجمعين؟ فمنها:

أولاً: ادعاء الشيعة كفرها وعدم إيمانها، وزعمهم أنها من أهل النار:
أسند العياشي - وهو من علماء الشيعة- إلى جعفر الصادق - زورًا وبهتانًا- في تفسير قوله تعالى: ((وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً)) [النحل:92]، قال: «التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا: عائشة، هي نكثت إيمانها» ) تفسير العياشي (2/269)، البرهان للبحراني (2/383) وبحار الأنوار للمجلسي (7/454)).
وزعم الشيعة أيضًا أن لعائشة رضي الله عنها بابًا من أبواب النار تدخل منه : فقد أسند العياشي إلى جعفر الصادق –رحمه الله، وحاشاه مما نسبه الشيعة إليه- أنه قال في تفسير قوله تعالى حكاية عن النار: ((لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ)) [الحجر:44]: «يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب... والباب السادس لعسكر... إلخ»( تفسير العياشي (2/243)، البرهان للبحراني (2/345)، وبحار الأنوار للمجلسي (4/378، 8/220)).وعسكر كناية عن عائشة رضي الله عنها، كما زعم ذلك المجلسي(بحار الأنوار للمجلسي (4/378، 8/220 ))
ووجه الكناية عن اسمها بعسكر، كونها كانت تركب جملًا - في موقعة الجمل- يقال له عسكر. كما ذكر ذلك المجلسي أيضًا.
ولم يكتف الشيعة بذلك، بل لقبوا عائشة في كتبهم بـ(أم الشرور)( الصراط المستقيم للبياضي (3/161)، وبـ(الشيطانة)( الصراط المستقيم للبياضي (3/135)).

وسمع عمار بن ياسر رضي الله عنهما رجلًا ينال من عائشة رضي الله عنها، فزجره ووبخه وقال له: «اغرب مقبوحًا منبوحًا، أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم »( جامع الترمذي (5/707) المناقب باب فضل عائشة رضي الله عنها) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن.
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحبُّ الناس إليك؟ فقال: عائشة)( صحيح البخاري (5/68) ك.الفضائل باب فضائل أبي بكر).
ثم الشيعة بعد هذا كله يزعمون أنها كانت كافرة! حاشاها بل هي من أفضل المؤمنين وعباد الله الصالحين.
وقد فضلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على سائر النساء بقوله: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)( أخرجه البخاري (6/340) ك.الأنبياء باب قول الله تعالى: ((وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)) [آل عمران:42).
ويتناقض ما زعمه الشيعة عن عائشة بكونها من أهل النار مع ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من بشارته لها بالجنة بقوله: (لقد رأيت عائشة في الجنة؛ كأني أنظر إلى بياض كفيها ليهون بذلك علي عند موتي)( مسند أحمد (6/138)، وفضائل الصحابة له (2/871)، وطبقات ابن سعد (8/65)،
ويتناقض أيضًا مع ما ثبت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، من قوله عنها رضي الله عنها: (إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة)( تاريخ الطبري (5/225)).
فالشيعة بعد هذه الأدلة الواضحة الصريحة قد خالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخالفوا من زعموا أنه إمام لهم -علي بن أبي طالب رضي الله عنه - وزعموا أن عائشة رضي الله عنها كافرة، وأنها من أهل النار، حاشاها من ذلك. بل هي مؤمنة طاهرة، من أهل الفردوس الأعلى في الجنة مع زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: الشيعة الإثنا عشرية ينسبون الصديقة بنت الصديق المبرَّأة من فوق سبع سموات إلى الفاحشة:
وينبغي أن يعلم أن سب عائشة رضي الله عنها بما برّأها الله منه يعتبر مروقًا من الدين -حسبما تقرر في القواعد الشرعية- وسابُها كافر، وعلى هذا إجماع علماء المسلمين، مستدلين بقوله تعالى: ((يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)) [النور:17]، وبغيرها من آيات الكتاب الحكيم.
قال القاضي أبو يعلى: «من قذف عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه كفر بلا خلاف»( نقله عنه ابن تيمية في الصارم المسلول (ص:571)).

وروي عن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: «أنه كان بحضرته رجل، فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة، فقال: يا غلام! اضرب عنقه، فقال له العلويون: هذا رجل من شيعتنا، فقال: معاذ الله! هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الله تعالى: ((الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ)) [النور:26] فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث، فهو كافر فاضربوا عنقه. فضربوا عنقه وأنا حاضر-على حد قول الراوي-»( الصارم المسلول: (ص:566))
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين..»( الصارم المسلول (ص:568))
وقال ابن حجر الهيتمي بعد ما ذكر حديث الإفك: «عُلم من حديث الإفك أن من نسب عائشة إلى الزنا كان كافرًا، وقد صرح بذلك أئمتنا وغيرهم؛ لأن في ذلك تكذيبًا للنصوص القرآنية، ومُكِّذبها كافر بإجماع المسلمين، وبه يعلم القطع بكفر كثيرين من غلاة الروافض، لأنهم ينسبونها إلى ذلك، قاتلهم الله أنى يؤفكون»(الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي (ص:101))
وقال الشيخ محمد بن سليمان التميمي حاكيًا عن عائشة رضي الله عنها: «والحاصل أن قذفها كيفما كان يوجب تكذيب الله تعالى في إخباره عن تبرئتها عما يقول القاذف فيها»( رسالة في الرد على الرافضة لمحمد التميمي (ص:24-25)) ويقول في موضع آخر: «ومن كذّب الله فقد كفر»( المصدر نفسه) .
ونقل قول بعض أهل البيت في ذلك: «وأما قذفها الآن فهو كفر وارتداد، ولا يكفي فيه الجلد؛ لأنه تكذيب لسبع عشرة آية في كتاب الله كما مر، فيقتل ردة...ومن يقذف الطاهرة الطيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة كما صح ذلك عنه، فهو من ضرْبِ عبدالله بن أبي بن سلول رأس المنافقين..»( المصدر نفسه).


[الموضع السابع]
قال رحمه الله في (ص:45- 47) من المجلد الحادي عشر-الجزء الثاني والعشرون- عند تفسير قوله تعالى: ((مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)) [الأحزاب:40].
«... ولذلك لا يتردد مسلم في تكفير من يثبت نبوة لأحد بعد محمد صلى الله عليه وسلم وفي إخراجه من حظيرة الإسلام، ولا تعرف طائفة من المسلمين أقدمت على ذلك إلا البابية والبهائيةوهما نحلتان مشتقة ثانيتهما من الأولى. وكان ظهور الفرقة الأولى في بلادفارس في حدود سنة مائتين وألف وتسربت إلى العراق، وكان القائم بها رجلًامن أهل شيراز يدعوه أتباعه السيد علي محمد، كذا اشتهر اسمه، كان في أولأمره من غلاة الشيعة الإمامية، أخذ عن رجل من المتصوفين اسمه الشيخ أحمدزين الدين الأحسائي الذي كان ينتحل التصوف بالطريقة الباطنية، وهي الطريقةالمتلقاة عن الحلاج. وكانت طريقته تعرف بالشيخية، ولما أظهر نحلته علي محمد هذا؛ لقَّب نفسه باب العلم فغلب عليه اسم الباب، وعرفت نحلته بالبابية، وادعى لنفسه النبوة، وزعم أنه أوحي إليه بكتاب اسمه البيان، وأن القرآن أشار إليه بقوله تعالى: ((خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)) [الرحمن:3-4].

فمن كان منالمسلمين متبعًا للبهائية أو البابية، فهو خارج عن الإسلام مرتد عن دينهتجري عليه أحكام المرتد. ولا يرث مسلمًا ويرثه جماعة المسلمين، ولا ينفعهمقولهم: إنا مسلمون ولا نطقهم بكلمة الشهادة؛ لأنهم يثبتون الرسالة لمحمدصلى الله عليه وسلم، ولكنهم قالوا بمجيء رسول من بعده. ونحن كفرناالغرابية من الشيعة لقولهم: بأن جبريل أرسل إلى علي ولكنه شُبِّه له محمد بعلي، إذ كان أحدهما أشبه بالآخر من الغراب بالغراب -وكذبوا- فبلغ الرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهم أثبتوا الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم ولكنهم زعموه غير المعَين من عند الله.
[الموضع الثامن]
قال رحمه الله في (ص:103) من المجلد الحادي عشر-الجزء الثاني والعشرون-عند تفسير قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)) [الأحزاب:56].
«...وأما التسليم في الغيبة فمقصور عليه وعلى الأنبياء والملائكة لا يشركهم فيه غيرهم من عباد الله الصالحين؛ لقوله تعالى: ((سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ)) [الصافات:79] وقوله: ((سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ)) [الصافات:130].. ((سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ)) [الصافات:120] ((سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ)) [الصافات:109].
وأنه يجوز إتباع آلهم وأصحابهم وصالحي المؤمنين إياهم في ذلك دون استقلال. هذا الذي استقر عليه اصطلاح أهل السنة، ولم يقصدوا بذلك تحريمًا؛ ولكنه اصطلاح وتمييز لمراتب رجال الدين، كما قصروا الرضى على الأصحاب وأئمة الدين، وقصروا كلمات الإجلال نحو: تبارك وتعالى، وجل جلاله، على الخالق دون الأنبياء والرسل.
وأما الشيعة فإنهم يذكرون التسليم على علي وفاطمة وآلهما، وهو مخالف لعمل السلف، فلا ينبغي اتباعهمفيه؛ لأنهم قصدوا به الغض من الخلفاء والصحابة».

أقول: إن هذا المقصد الخبيث هو خِبْءُ هؤلاء الشيعة، وهو الغض من خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم وهم الثلاثة بعده: أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين وكذا جميع الصحابة إلا من استثنوه بهواهم... وإليك عقيدة هؤلاء الشيعة في الصحابة رضي الله عنهم أجمعين:
أولاً: دعوى الشيعة الاثني عشرية ارتداد الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا يرتاب مسلم صادق في إسلامه في سمو منزلة الصحابة وفضلهم ورفعة شأنهم، فهم قوم اختصهم الله تبارك وتعالى لصحبة أفضل رسله محمد صلى الله عليه وسلم، فصدقوه وآزروه ونصروه واتبعوا النور الذي جاء به، فتلقوه عذبًا زلالًا، وسائغًا فراتًا من مشكاة النبوة، وأخلصوا دينهم لله، وبذلوا في سبيله المهج والأرواح، والأموال والأولاد، فشادوا بنيانه، وفتحوا البلاد، وهدوا العباد، فكانوا بذلك أهلًا لرضوان الله ومحبته ورحمته وجنته؛ فكانوا خير أمة أخرجت للناس وخير القرون.

قال التستري - من كبار علمائهم-:«كما جاء موسى للهداية وهدى خلقًا كثيرًا من بني إسرائيل وغيرهم، فارتدوا في أيام حياته ولم يبق فيهم أحد على إيمانه سوى هارون (ع)؛ كذلك جاء محمد صلى الله عليه وسلم وهدى خلقًا كثيرًا لكنهم بعد وفاته ارتدوا على أعقابهم»( إحقاق الحق للتستري (ص:316).
ومن الأقوال التي نسبوها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أن الناس كلهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أربعة»( انظر: السقيفة لسليم بن قيس (ص:92)، والأنوار النعمانية للجزائري (1/81)
ومن الأقوال التي نسبوها إلى محمد بن علي الباقر رحمه الله: «كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة»( روضة الكافي للكليني (ص:115)، وتفسير العياشي (1/199)، واختيار معرفة الرجال (ص:6-8-11)، وانظر: علم اليقين للكاشاني (1/ 743-744)، وتفسير الصافي له (1/148-305)، وقرة العيون له (ص:426)، والبرهان للبحراني (1/319)، وبحار الأنوار للمجلسي (6/749)، وحياة القلوب له (2/837)، والدرجات الرفيعة للشيرازي (ص:223)، وحق اليقين لعبدالله شبر (1/ 218-219).) و«ارتد الناس إلا ثلاثة نفر»(المصادر السابقة نفسها..)
وقد وصف الشيعة أسانيد هذه الروايات بأنها معتبرة(انظر: تفسير الصافي للكاشاني (1/148)، وقرة العيون له (ص:426)، وحق اليقين لشبر (1/ 218)).

أضف إلى ذلك معارضة هذه المزاعم- ما زعمه الشيعة من ارتداد الصحابة- لما أخبر الله به تبارك وتعالى من أنه رضي عن الصحابة في غير ما موضع من كتابه الكريم، وأمر بالاستغفار لهم، والمؤمن المطيع المتبع لا يصنع كصنيع الشيعة مع الصحابة: (أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم) بل يستغفر لهم ويترضى عنهم، ويعتقد أن ما نحن فيه من نعمة فهو من جهودهم رضي الله عنهم وجهادهم، ونتائج أعمالهم الطيبة المباركة، وثمرة لما قدموه من مال وولد في سبيل نصر دين الله ونشره، وإعلاء كلمة الله حتى لا يعبد أحد سواه.
وقد أخبر الله تبارك وتعالى أنه رضي عن الصحابة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة بقوله: ((لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)) [الفتح:18].
فكيف يُجوِّز الشيعة أن يرضى الله عز وجل عن أقوام ويحمدهم، وهو يعلم أنهم سيرتدون على أعقابهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ بل وكيف يزعمون بعد هذا الإخبار أن الصحابة ارتدوا إلا نفرًا يسيرًا؟ إلا أن يقولوا: إن الله لم يعلم ذلك حتى وقع، فإن قالوها فقد عرضوا أنفسهم للعنة أحد الأئمة المعصومين عندهم؛ جعفر الصادق الذي لعن من قال: إن الله لا يعلم الشيء حتى يكون، أسنده إليه الكشي الشيعي في كتابه معرفة الرجال(اختيار معرفة الرجال للطوسي (ص:151))، ودعا عليه بالخزي فقال: «من قال هذا أخزاه الله» أسنده الكليني في كتابه الكافي(الأصول من الكافي للكليني (1/148).


[الموضع التاسع]
قال رحمه الله في (ص:247) من المجلد العاشر-الجزء الحادي والعشرون-في أول مقدمة تفسير سورة (الأحزاب).
«...وكون القرآن قد تلاشى منه كثير هو أصل من أصول الروافض ليطعنوا به في الخلفاءالثلاثة، والرافضة يزعمون أن القرآن مستودع عند الإمام المنتظر، فهو الذي يأتي بالقرآن وقر بعير. وقد استوعب قولهم واستوفى إبطاله أبو بكر بنالعربي في كتاب العواصم من القواصم».

وأقول هنا: انظر ما قدمناه تحت كلامه رحمه الله في الموضع الثاني
وأما إمام الزمان عند الشيعة الإمامية الذي يدندنون به ويعتقدون بوجوده، وأنه حي لم يمت، وهو الخرافة كما قدمنا.. فهو الذي ينتظرون ظهوره منذ أحد عشر قرنًا من الزمان!!
فدعونا هنا نتعرف على معتقداتهم فيه، ليعلم المسلم إلى أيّ مدى بلغ بهم السخف والبله.. والحمد لله على نعمة الإسلام أولًا، ونعمة العقل ثانيًا!

يزعمون أنه عندما يخرج مهديهم أن أول ما يبدأ به هو إخراج خليفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيعذبان ثم يحرقان على يد مهديهم، فقد روى المجلسي عن بشير النبال عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «هل تدري أول ما يبدأ به القائم عليه السلام ؟ قلت: لا. قال: يخرج هذين الرطبين غضين فيحرقهما ويذريهما في الرياح ويكسر المسجد!!»(الغيبة للنعماني (ص:107))
وفي رواية أخرى يرويها المفضل عن جعفر الصادق وفيها: قال المفضل: «يا سيدي! ثم يسير المهدي إلى أين؟ قال: إلى مدينة جدي رسول الله... فيقول: يا معشر الخلائق! هذا قبر جدي رسول الله، فيقولون: نعم يا مهدي آل محمد، فيقول: ومن معه في القبر؟ فيقولون: صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر، فيقول: أخرجوهما من قبريهما، فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما ولم يشحب لونهما، فيكشف عنهما أكفانهما ويأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها!»( الرجعة للأحسائي (ص:186.)
ويقول نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية (1/141) بعد ما ذكر رأيه في حكم لعن الشيخين رضي الله عنهما وأنه من ضرورات المذهب عندهم يقول: «..وفي الأخبار ما هو أغرب من هذا، وهو أن مولانا صاحب الزمان عليه السلام (المهدي) إذا ظهر وأتى المدينة أخرجهما من قبريهما، فيعذبهما على كل ما وقع في العالم من ظلم متقدم على زمانيهما، كقتل قابيل وهابيل، وطرح إخوة يوسف له في الجب، ورمي إبراهيم في نار نمرود، وإخراج موسى خائفًا يترقب، وعقر ناقة صالح، وعبادة من عبد النيران، فيكون لهما الحظ الأوفر من أنواع ذلك العذاب».

ومهدي الشيعة متعصب لا يقتل من أجل العقيدة، بل يقتل بعض الناس، يعني كتطهير عرقي فقط، وأول من يبدأ بالقتل قريش، روى المجلسي عن أبي عبدالله أنه قال: «إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف»( بحار الأنوار (52/355))
هذا دليل أنه سوف يقتل العرب وقريش هكذا بلا سبب، يخرج يقتل فقط، فهو متعطش لسفك الدماء، هذا هو العدل الذي يقصده الشيعة والذي سيملأ الأرض عدلًا أي (قتلًا).تطهير عرقي لا غير.
وفي نفس المصدر بحار الأنوار (52/354) عن أبي جعفر يقول: «لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس، أما إنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف، حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد، ولو كان من آل محمد لرحم».

======

[الموضع العاشر]
قال رحمه الله في (ص:210) من المجلد السابع-الجزء الرابع عشر-عند تفسير قوله تعالى: ((ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) [النحل:69].
«ومن لطيف النوادر ما في الكشاف: أن من تأويلات الشيعة أن المراد بالنحل في الآية علي وآله. وعن بعضهم أنه قال عند المهدي: إنما النحل بنو هاشم يخرج من بطونهم العلم، فقال له رجل: جعل الله طعامك وشرابك أضحوكة من أضاحيكهم.».

أقول: هذه واحدة من تأويلات الشيعة وتلاعبهم بآيات القرآن الكريم، ووصمهم آل البيت بأبشع الأوصاف التي يعدونها تشريفا !! فإليك بعضًا منها في تفاسيرهم وكتبهم ومصادرهم المعتمدة:
يؤول الشيعة كثيرًا من آياتالقرآن بالإمامة والأئمة، وكأن القرآن لم ينزل إلا فيهم، ولقد تجاوزوا في هذه الدعاوى كل معقول، وأسفّوا في تأويلاتهم إلى ما يشبه هذيان المعتوهين حتى قالوا:
إن النحل في قوله سبحانه: ((وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ)) [النحل:68] هم الأئمة، وروى القمي بإسناده إلى أبي عبد الله قال: «نحن النحل التي أوحى الله إليها ((أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً)) [النحل:68] أمرنا أن نتخذ من العرب شيعة ((وَمِنْ الشَّجَرِ)) [النحل:68] يقول: من العجم ((وَمِمَّا يَعْرِشُونَ)) [النحل:68] يقول: من الموالي..» ( تفسير القمي (1/387))
وجمع المجلسي رواياتهم في هذا المعنى في باب بعنوان: «باب نادر في تأويل النحل بهم عليهم السلام »( بحار الأنوار (24/110-113))، كما جاء بروايات تقول: «إن الأئمة هم الماء المعين، والقصر المشيد، والسحاب والمطر والفواكه، وسائر المنافع الظاهرة»( بحار الأنوار (24/100-110))


أما البعوضة - وهي الحشرة الصغيرة المعروفة- و التي ورد ذكرها في سورة البقرة [الآية: 26.].هي علي عندهم (تفسير القمي (1/35)، البرهان (1/70)).
ولفظ(الذباب) يؤوَّل بعلي في تفسير الشيعة( مرآة الأنوار (ص:150)

وما أدري ما السر في إطلاق أسماء أحطِّ الحشرات على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه من طائفة تزعم محبته والتشيع له؟!
فقد وصموه بما يلي:
1 - علي عند الشيعة (هو دابة الأرض) في قوله تعالى: ((وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ)) [النمل:82] (كتاب الرجعة للأحسائي (ص:201) فصل في ذكر بعض ما جاء في رجعة أمير المؤمنين-صلوات الله عليه-وأنه دابة الأرض. و تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي (1/384) و تفسير القمي لعلي بن إبراهيم القمي (2/130) و تفسير فرات لفرات بن إبراهيم الكوفي (ص:373). و تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي (7/405). والتفسير الصافي للفيض الكاشاني (4/74).

2 - علي عند الشيعة (بئر)( تفسير القمي (2/85) وأصول الكافي (1/427)... عند تفسير آية الحج رقم:45)

3 - علي عند الشيعة هو(البحر) في قوله تعالى: ((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ)) [الرحمن:19] (تفسير القمي (2/344) وتفسير فرات (ص:177) والصافي (5/109 )
4 - علي عند الشيعة هو (الساعة) في قوله تعالى: ((بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ)) [الفرقان:11] (الغيبة للنعماني (ص:54) ومرآة الأنوار (ص:182)
هذه أوصاف أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه عند هؤلاء الشيعة وهم يزعمون حبه واتباعه - كذبوا- وقد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، وتاريخهم الفعلي مع آل البيت أشد وأشنع.

الخاتمة
وبعد... فإني أرجو أن يكون قد استبان موقف شيخ الإسلام العلامة (محمد الطاهر ابن عاشور) رحمه الله من الشيعة، وذلك من خلال عرضنا لأقواله رحمه الله في تفسيره الكبير (التحرير والتنوير)، والتي يتبين فيها موقفه رحمه الله - وبكل صراحة ووضوح- من الشيعة ومعتقداتهم المخالفة لكتاب الله تعالى وصحيح سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأقوال أئمة آل البيت الموافقة لكتاب الله تعالى وهدي جدِّهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
وإني أدعو كل مسلم لعرض أقوال وأفعال ومعتقدات الشيعة على كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ليرى البون الشاسع والمخالفات في المعتقد، لتستبين السبيل وليعلم الدليل..
وعليه فإني أرجو أن أكون قد أسهمت في بيان معتقدات الشيعة وموقف علمائنا منهم، ليتضح الأمر عند العامة والخاصة من أبناء تونس الغالية فلا يغتر مغتر بهالات الشيعة وإشاعاتهم وتلبيسهم على العامة، بل وبعض الخاصة.
فرحم الله شيخنا العلامة الكبير (الطاهر ابن عاشور) وأجزل له الأجر والمثوبة على جهوده في بيان الإسلام الصحيح، والتحذير من الدخيل على الدين من بدع المبتدعين وضلالات المضلين، الذين نبذوا كتاب الله خلفهم ظهريًا، واتخذوا من أهوائهم دينًا يحادُّون بها دين الله الذي أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم.
((اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)) [الأعراف:3 ]



انتهى
منفول