عرض مشاركة واحدة
قديم 14-10-13, 05:41 PM   رقم المشاركة : 10
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road




الشبهة الثامنة

قولهم: إن الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله، ويكذبون الرسول صلى الله عليه وسلم، وينكرون البعث، ويكذبون القرآن ويجعلونه سحرًا،

ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ونصدق القرآن، ونؤمن بالبعث، ونصلي ونصوم،
فكيف تجعلوننا مثل أولئك؟


الجواب: اعلم أن العلماء أجمعوا على أن من كفر ببعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وكذَّب به، فهو كمن كذب بالجميع وكفر به،

ومن كفر بنبي من الأنبياء فهو كمن كفر بجميع الأنبياء؛
لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا *
أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا}[النساء : 150-151]

وقوله تعالى في بني إسرائيل: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ
فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ}[البقرة: 85].


فمن أقر بالتوحيد وأنكر وجوب الصلاة فهو كافر،

ومن أقر بالتوحيد والصلاة وجحد وجوب الزكاة فإنه يكون كافرًا،

ومن أقر بوجوب ما سبق وجحد وجوب الصوم فإنه يكون كافرًا،

ومن أقر بذلك كله وجحد وجوب الحج فإنه كافر

والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ
(يعني من كفر بكون الحج واجبًا أوجبه الله على عباده)
فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[آل عمران:97].

ومن أقَرَّ بهذا كله، ولكنه كذب بالبعث فإنه كافر بالإجماع
لقول الله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ}[التغابن: 7].


فإذا أقررت بهذا فاعلم أن التوحيد هو أعظم فريضة جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أعظم من الصلاة، والزكاة، والصوم والحج،

فكيف إذا جحد الإنسان شيئًا من هذا الأمور كفَر ولو عمل بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؟

وإذا جحد التوحيد الذي هو دين الرسل كلهم لا يكفر؟

سبحان الله، ما أعجب هذا الجهل! فمنكر التوحيد أشد كفرًا وأبين وأظهر.


وها هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلوا بني حنيفة وقد أسلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤذِّنون ويصلون،

وهم إنما رفعوا رجلًا، وهو مسيلمة الكذاب، إلى مرتبة النبي صلى الله عليه وسلم،

فكيف بمن رفع مخلوقًا إلى مرتبة جبار السماوات والأرض، يدعوه ويذبح له ويستغيث به ويعتقد فيه النفع والضر؟

أفلا يكون أحق بالكفر ممن رفع مخلوقًا إلى منزلة مخلوق آخر؟!


وقد أجمع العلماء على كفر بني عبيد القداح [الفاطميين] الذين الذين ملكوا المغرب ومصر وكانوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويصلون الجمعة والجماعات ويدَّعون أنهم مسلمون،

ولكن ذلك لم يمنعهم من حكم المسلمين عليهم بالردة حين أظهروا مخالفة المسلمين في أشياء دون التوحيد حتى قاتلوهم واستنقذوا ما بأيديهم من بلدان المسلمين.


وإذا كان الكفار الأولون لم يكفروا إلا حين جمعوا جميع أنواع الكفر من الشرك والتكذيب والاستكبار، فما معنى ذِكر أنواع من الكفر في (باب حكم المرتد)؟

كل نوع منها يُكَفّر، حتى ذكروا أشياء يسيرة عند من فعلها مثل كلمة يذكرها بلسانه دون قلبه، أو كلمة يذكرها على وجه المزاح واللعب،

فلولا أن الكفر يحصل بفعل نوع منه وإن كان الفاعل مستقيمًا في جانب آخر لم يكن لذكر الأنواع فائدة.


وقد حكم الله تعالى بكفر المنافقين الذين قالوا كلمة الكفر مع أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يصلون ويزكون ويحجون ويجاهدون ويوحدون،

فقال الله تعالى فيهم: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ}[التوبة:74].


وحكم الله تعالى بكفر المنافقين الذين قالوا كلمةً ذكروا أنهم قالوها على وجه المزح، فقال الله تعالى فيهم:

{قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة: 96].


ومن الدليل على أن الإنسان قد يقول أو يفعل ما هو كفر من حيث لا يشعر، قول بني إسرائيل مع إسلامهم وعلمهم وصلاحهم لموسى عليه الصلاة والسلام:
{اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}

وقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: «اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط»

فقال: «الله أكبر! إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}[الأعراف: 138]،

لتركبن سنة من كان قبلكم»(رواه الترمذي وصححه الألباني).

وهذا يدل على أن موسى ومحمدًا ـ عليهما الصلاة والسلام ـ قد أنكروا ذلك غاية الإنكار.






من مواضيعي في المنتدى
»» أعظم الفساد في البلاد الجهر بالإلحاد! / الشيخ عبد الرحمن البراك
»» { قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْ
»» حكم الاحتفال بالمولد النبوي - لفضيلة الشيخ محمد صالح المنجد
»» قصيدة الإمام الشوكاني في ذم الصوفية
»» فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف في انحرافات الطرق الصوفية