عرض مشاركة واحدة
قديم 27-04-17, 10:42 PM   رقم المشاركة : 7
حجازية 1
عضو ماسي








حجازية 1 غير متصل

حجازية 1 is on a distinguished road


دعوى تسمية أبي هريرة - رضي االله عنه - بشيخ المضيرة(*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المشككين أن أبا هريرة - رضي االله عنه - كان يحب طعاما اسمه المضيرة[1 [ولذا عرف به فسمي "شيخ المضيرة".
ويستدلون على ذلك بأن أبا هريرة كان يأكلها مع معاوية - رضي االله عنه - فإذا حضرت الصلاة صلى خلف علي - رضي االله عنه - فإذا قيل له في ذلك٬ قال: "مضيرة معاوية أدسم وأطيب٬ والصلاة خلف علي أفضل".
رامين من وراء ذلك التقليل من شأن أبي هريرة - رضي االله عنه - وتشويه صورته.


وجها إبطال الشبهة:

1 (إن هذه الرواية لم تصح نقلا ولا توافق عقلا؛ فالثابت أن عليا - رضي االله عنه - كان بالعراق٬ ومعاوية - رضي االله عنه - بالشام٬ وأبا هريرة - رضي االله عنه - كان مقيما بالحجاز لم يغادره بعد عزله عن إمارة البحرين في عهد عمر - رضي االله عنه - فكيف يأكل مع معاوية في الشام٬ ويصلي خلف علي بالعراق٬ وهو مقيم أصلا بالحجاز؟!.
2 (إذا افترضنا جدلا صحة هذه الرواية فإن حب أبي هريرة للمضيرة لا يطعن في عدالته٬ وما المانع شرعا أو عقلا أن يحب الإنسان لونا معينا من أنواع الطعام؟!

التفصيل:

أولا : رواية موضوعة يكذبها التاريخ والواقع:
إن المتأمل في أحداث التاريخ يجدها تكذب تلك الرواية التي يعتمد عليها المفترون؛ إذ كيف تصح هذه الرواية في العقول٬ وعليـ رضي االله عنه - كان في العراق٬ ومعاوية - رضي االله عنه - كان بالشام٬ وأبو هريرة - رضي االله عنه - كان بالحجاز؟! إذ الثابت أنه بعد أن تولى إمارة البحرين في عهد عمر - رضي االله عنه - لم يفارق الحجاز٬ فقد "استعمله عمر على البحرين٬ ثم عزله٬ ثم أراده على العمل فأبى عليه٬ ولم يزل يسكن المدينة٬ وبها كانت وفاته"[2.[
فكيف يأكل أبو هريرة المضيرة مع معاوية في الشام٬ ثم يقوم ليصلي خلف علي في العراق٬ اللهم إلا إذا كان أصحاب هذه الشبهة يرون أن أبا هريرة أعطي بساط سليمان٬ أو كانت تطوى له الأرض طيا٬ أو أنه كان يركب البراق فيحمله إلى الشام ليأكل مع معاوية٬ فإذا حانت الصلاة حمله إلى العراق ليصلي وراء علي٬ ثم بعد ذلك يحمله إلى الحجاز حيث مكانه واستقراره!!! وهذا ما لا يعقل. يضاف إلى ذلك أن هذه الرواية لم ترد في أي كتاب من كتب السنة.
ولعلنا نتساءل: هل يؤخذ العلم من الحكايات٬ لاسيما في موضوع فيه اتهام وتجريح كهذا؟! ولمن؟! لصحابي جليل من صحابة رسول االله صلى الله عليه وسلم [3.[
وإن قيل إن هذه الرواية وردت في كتب الأدب والتاريخ٬ قلنا: "إن من شأن كتب الأدب والتاريخ قتل الوقت وشغل الفراغ والتفكه والتندر٬ وكان الأليق بها الإهمال في معرض البحث العلمي٬ أما أن يؤخذ منها معلومات وأخبار لكي توضع في كتاب في تاريخ السنة؟ ويعتمد عليها في تجريح رجل من أهل العلم٬ فضلا عن كونه صحابيا جليلا زكاه الرسول - صلى االله عليه وسلم - والرعيل الأول من خيار المسلمين٬ فهذا ما لم نعهده في أسلوب البحث في القديم ولا الحديث"[4.[
لقد خفي على هؤلاء ما قرره الأئمة المحدثون من "أن المرويات لا يعتمد في الوثوق بها وقبولها على كتب الأدب والتاريخ؛ إذ إن فيها زيفا كثيرا وغثا غير قليل٬ وأن الحديث لا يؤخذ إلا من كتب الأئمة الثقات٬ الذين يرجع إليهم في معرفة الصحيح من الضعيف والمقبول من المردود٬ ومن قواعدهم التي وضعوها: من روى حديثا فعليه أن يبرز سنده أو ينسبه إلى من خرجه٬ وإلا فليس له أن ينسبه إلى رسول الله - صلى االله عليه وسلم - إلا بصيغة تفيد التضعيف كقيل وروي ويذكر ونحوها٬ وليس له أن ينسبه إلى رسول االله - صلى الله عليه وسلم -
بصيغة الجزم إلا إذا تحقق من صحته٬ أما وقد اعتمد هؤلاء في كثير مما نقلوا على كتاب "الشعر والشعراء"٬ وكتاب "ثمار القلوب في المضاف والمنسوب"٬ و "مقامات بديع الزمان الهمذاني"٬ و "المثل السائر"٬ و"شرح نهج البلاغة"٬ و"حياة الحيوان للدميري"٬ و "نهاية الأرب" ونحوها٬ مما لا تقوم به حجة في علم السنة وتاريخها فلا يلتفت إلى كلامهم إلا على سبيل توضيح تهافته.
ولسنا ذا نقصد الازدراء هذه الكتب ولا بأصحابها٬ ولكن نود أن نقول: إن كثيرين من العلماء ثقات في فنوم٬ ولكن لا يعتمد عليهم في رواية الحديث٬ ومعرفة صحيحه من سقيمه؛ لأنهم ليسوا من رجاله وصيارفته٬ وإذا كان ابن إسحاق وهو إمام أهل المغازي قد ضعفه بعض المحدثين فرواية الحديث - على ما بين التأليف في الحديث والسير في القديم من سبب وثيق - فما بالك بغيره من أهل الأدب واللغة والمباحث العامة؟" [5.[
وعليه فإن القول بأن أبا هريرة - رضي االله عنه - كان يأكل من مضيرة معاوية - رضي االله عنه - ويصلي خلف علي - رضي االله عنه - قول قد بلغ من الخيال مبلغا٬ وارتقى بقائله مرتقى صعبا.
إذ هل يصح في العقول أن يتنقل أبو هريرة بين الجماعتين٬ ويصانع الفئتين ولا ينكشف أمره؟!
أدركونا يا أصحاب العقول صدق القائل:
هذا كلام له خبيء
معناه ليس لنا عقول
إن هذه الحكايات وأمثالها - وما أكثرها في كتب الأدب - لا تصح نقلا ولا توافق عقلا[6[؛ ذاك لأنها انبنت على عكس الحقائق التاريخية المعروفة.
وإيضاحا للأمر نشير إلى أن أبا هريرة - رضي االله عنه - بقي مقيما في المدينة بعد أن عزله عمر عن ولاية البحرين"٬ ولم يشترك في الفتن التي
حدثت بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان - رضي االله عنه - بين علي بن أبي طالب - رضي االله عنه - وبين معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - بل اعتزلها٬ ولم يزل يسكن المدينة٬ و بها كانت وفاته"[7.[
ولعله قد اتضح لدينا الآن فساد هذه الشبهة عقلا ونقلا.
ثانيا : ليس من الممنوع شرعا ولا عقلا أن يحب الإنسان نوعا معينا من أنواع الطعام:
ليس هناك أي عيب على أبي هريرة - رضي االله عنه - لا في دينه٬ ولا في كرامته٬ ولا حتى في عدالته حبه للمضيرة - على فرض صحة هذا الخبر - لأن االله عز وجل "لم يحظر في كتابه٬ ولا في سنة رسوله٬ ولا في قواعد شريعته أن يحب الإنسان لونا معينا من أطايب الطعام وحلاله٬ وقد كان رسول االله - صلى االله عليه وسلم - يحب الدباء٬ ويحب من اللحم ذراع الشاة ويحب الثريد٬ وهو سيد الرسل وأكرم الزهاد٬ وأفضل من يقتدى به٬ ولم يعرف الإسلام رهبانية البطون٬ كما لم يعرف رهبانية الفروج٬ فأي طعن في أبي هريرة٬ وأي حرج يناله في دينه أو كرامته أو عدالته إذا أحب لونا دسما من أنواع الطعام؟
وأيا ما كان فإن تجريح صحابي جليل كأبي هريرة بمجرد أخبار تروى للنكتة والتظرف في مجالس الأدب ليس من شأن أهل العلم والإنصاف" .[8]
ومما سبق ذكره يتبين بطلان استدلالهم٬ ومن ثم بطلان هذا الزعم٬ بالإضافة إلى أن صحة هذا الاستدلال لا تطعن في عدالة أبي هريرة في شيء؛ إذ إنه طعام أحله االله له.

الخلاصة:

 إن حقائق التاريخ تكذب هذه الرواية التي استند إليها الطاعنون؛ إذ الثابت أن معاوية - رضي االله عنه - كان بالشام٬ وعليا - رضي الله عنه - كان بالعراق٬ وأبا هريرة كان بالحجاز٬ فكيف يأكل مع معاوية في الشام٬ ويصلي وراء علي بالعراق٬ وهو مقيم أصلا بالحجاز؟!

 لا يمكن الاعتماد على كتب الأدب والتاريخ في الوثوق بالمرويات وقبولها؛ إذ فيها زيف كثير٬ ولكن يؤخذ الحديث من كتب
الأئمة الثقات الذين يرجع إليهم في معرفة الصحيح من الضعيف والمقبول من المردود.

 إذا افترضنا جدلا صحة قولهم بأن أبا هريرة كان يحب المضيرة فهذا لا يقدح في عدالته٬ ولا ينال من دينه وكرامته٬ ولا يقلل من شأنه؛ إذ إن الله لم يحظر في كتاب ولا في سنة رسوله - صلى االله عليه وسلم - أن يحب الإنسان لونا من ألوان الطعام الحلال الطيب

http://bayanelislam.net/Suspicion.aspx?id=03-01-0068