عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-12, 08:43 AM   رقم المشاركة : 4
ابوالوليد المهاجر
مشرف سابق








ابوالوليد المهاجر غير متصل

ابوالوليد المهاجر is on a distinguished road


ثمانون عاما وهي خاوية على عروشها!
اكرم حجازي



«حماس» أو «الإخوان المسلمون» خليط عجيب، غريب وهجين من كل صوب وحدب، سواء تعلق الأمر في الهوية أو الاقتصاد والاجتماع، أو في الاعتقاد والفكر والأهداف، أو في السياسات والتحالفات والمواقف، أوفي النوايا الظاهر منها والباطن، أو في الواقع والشعارات. إنها تركيبة لا تماثلها أية تركيبة من أي نوع في العالم، لا سابقا ولا حاضرا. فكل من عاين الفِرَق والجماعات الإسلامية منذ بدء الدعوة النبوية وإلى يومنا هذا لن يجد مثيلا لهذه الجماعة. وليس غريبا أن يجد في ثناياها، على امتداد عقود النشأة، خليطا من كل الفرق والجماعات السابقة عليها، وإذا أمعنا النظر قليلا فلن يكون غريبا أن نلاحظ استيطان الفلسفات الوضعية وإفرازات الحداثة في عقول مشايخها وقياداتها وأعضائها سلوكا وممارسات ومناهج عمل وتفكير وطموحات وأماني. وليس غريبا أيضا، خاصة مع تفاخرها بأنها أول الجماعات التي أجرت مراجعات وتقييمات على دعوتها، أن تتخذ الجماعة من كل المذاهب الإسلامية الأصيلة والمصطنعة ما يناسبها من فتاوى سواء في العقيدة أو في العبادات. لكن ما الذي يجعل الجماعة كـ «الاسفنجة» تمتص طاقات الشباب، كما يقول د. عبد الله فهد النفيسي؟ هل هي «المراجعات»؟ أم أصل البنية؟ لنرى.

في «رسالة المؤتمر الخامس»، للشيخ المؤسس حسن البنا، ثمة تعريفين للجماعة:

الأول : يحدد هوية الجماعة باعتبارها:

«رسالة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية ومنظمة رياضية ووحدة ثقافية تعليمية وشركة اقتصادية وفكرة اجتماعية».

الثاني : يحدَّد محتوى «إسلام الإخوان المسلمين». إذ تعتقد الجماعة:

«أن أحكام الإسلام وتعاليمه شاملة تنتظم شؤون الناس في الدنيا وفي الآخرة، وأن الذين يظنون أن هذه التعاليم إنما تتناول الناحية العبادية أو الروحية دون غيرها من النواحي مخطئون في هذا الظن، فالإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية ودين ودولة، وروحانية وعمل، ومصحف وسيف».

ميزة هذين التعريفين للجماعة أنهما يتيحان لها أن تكون كل هذه التوصيفات في آن واحد، مثلما أنهما يتيحان لها أن تكون، فقط في لحظة من الزمن، إحداها. وحين التأمل في واقع الجماعة وحقيقتها لن يعجب الناظر إليها بمنظار ديني أن يجدها «سلفية وسنية وصوفية»، أو مجرد «شركة اقتصادية» تنتشر استثماراتها، بحثا عن المال والثروة، لتغطي كامل أنحاء الكرة الأرضية، أو «هيئة سياسية» تفعل المستحيل لتكون في السلطة حتى ولو على ظهر دبابة أمريكية، أو جماعة يبحث أفرادها عن «وطن وجنسية ودولة» حتى لو كانت علمانية بلغة مدنية، أو «وحدة ثقافية تعليمية» على الطراز الحديث تتوسل حاخامات إسرائيل وهي تدافع حتى عن ملابس النساء العصريات وتنظم المهرجانات والندوات والاحتفالات والتجمعات في كل مكان وزمان وكأنها صالة أفراح ، أو جماعة جهادية في ظروف معينة أو «فكرة اجتماعية» تخترق، بمغرياتها، النسيج الاجتماعي برمته طولا وعرضا، أو جمعية خيرية تسترزق من هنا وهناك... وهكذا. كل هذا وأعظم منه يحدث تحت شعار: «الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا».

هذه الحقيقة جعلتها تبدو أقرب ما تكون إلى كونها جماعة باطنية لا هدف لها ولا مشروع إلا الجماعة بحد ذاتها باعتبارها «القصر المنيف». ولأنها كذلك فقد كتب الكثيرون عنها دون أن تتوحد حولها النتائج أو تتقارب الرؤى بحيث يمكن فهمها.

لكن ثمة مقالة للكاتب إبراهيم العسعس بعنوان: «الإخوان والرهان الخاسر» قال فيها عبارة نحسب أن أحدا لم يسبقه إليها. هذه العبارة تقول:

«توفي المؤسس رحمه الله فجأة قبل أن يقول لهم ما يريد على وجه التحديد»

وتبعا لذلك فالجماعة:

«كالباص الماشي على بركة الله، وركابه متـفقون مستمتعون ما دام الباص يسير بهم في طريق مستـقيم، حتى إذا وصل إلى تقاطع طرق، يكتـشف الركاب أنَّ كلاً منهم له طريق مختـلف عن طريق جاره، فيقع الخلاف، وتنشأ التيارات».

ولحل هذا «الإشكال» اجتمع «الركاب» على «قاعدة ذهبية» تعصمهم من التفرق والتشرذم، فقالوا: «نتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه» حتى لو تعلق الأمر بأصل الدين ابتداء من الحلال والحرام مرورا بالتحالفات الشيطانية وانتهاء بجواز التعبد بالمذهب الشيعي. وهكذا فرح «الركاب»، وأنشد الجميع:

يا حلالي يا مالي ربعي رُدّوا علي

أما «الباص» فقد استمر في المسير! فتوقف حين وجب عليه المسير، وسار حيث وجب عليه التوقف، ووالى حيث يجب التبرؤ، وتبرأ حيث تجب الموالاة، وخذل لمن وجبت له النصرة، وانتصر لمن عادى الأمة والدين.

لكن أميز ما في «الإخوان المسلمين» أنهم يمكن أن يختلفوا في كل أمر، وفي كل الساحات إلى حد التناقض، لكنهم متفقون حتى على عضوية الصحابة في «القصر المنيف» ولو بأثر رجعي! فالجماعة هي «الشجرة الباسقة» وهي«الجماعة الربانية» وهي «السد المنيع للأمة»، وهي «آخر القلاع في وجه المد الغربي الصهيوني» ... إلى آخر قائمة التزكيات المعصومة. وعليه فالولاء والبراء والحق والباطل والكفر والإيمان، والفساد والصلاح، والتغيير والجمود، والصواب والخطأ، والصديق والعدو، والعميل والبطل، والقوي والضعيف، وغيرها من الثنائيات المتضادة معقودة عند «الإخوان» على الجماعة ومشايخها وليس على الحكم الشرعي. إذ أن مصلحة الجماعة مقدمة على أية مصلحة أخرى، على مستوى الفرع وعلى مستوى الجماعة الأم.

تأسست الجماعة سنة 1928. وطوال العقدين التاليين ظلت لصيقة القصر الملكي في مصر حيث كانت تراهن على عودة الخلافة على ظهر النظام القائم. ولا شك أن أغرب المواقف التي تحسب على الجماعة ظهرت في السنوات الأولى من النشأة. فقد نجح الحاج أمين الحسيني مفتي عام فلسطين في تنظيم وعقد المؤتمر الإسلامي العالمي ليلة الإسراء والمعراج في السابع من كانون الثاني / ديسمبر سنة 1931. وتميز المؤتمر بمشاركة 145 مندوباً مثلوا مشاهير الشخصيات الإسلامية العالمية بما لم يسبق له مثيل.

كان من المفترض أن يناقش المؤتمر مسألة إحياء نظام الخلافة الإسلامية. وفي هذا المسعى بالذات فشل المؤتمر حتى في طرح الموضوع، لأن المصريين، وفي مقدمتهم إسلاميو الحزب الوطني آنذاك ومؤسسة الأزهر والقصر الملكي، كانوا يُعدُّون العدة لمبايعة الملك أحمد فؤاد خليفة للمسلمين. بل أن رموز السلطة المصرية السياسية والدينية الذين عارضوا بقوة توجهات المؤتمر دفعوا بالحاج أمين الحسيني للتوجه إلى القاهرة وإعلان تراجعه من هناك. وذهب شيخ الأزهر مصطفى المراغي، في ضغوطاته، أبعد من ذلك حين انتزع، قسرا، من «الحسيني» نصا مكتوبا يشترط فيه عدم بحث موضوع الخلافة في المؤتمر.

هذه نازلة من أعظم النوازل التي حلت في الأمة ولمّا تزل. ومع ذلك منع الإخوان مناقشتها في أول وأضخم مؤتمر إسلامي عالمي ينعقد بعد انهيار الخلافة. والأطرف من ذلك أنهم تحالفوا مع تنظيم الضباط الأحرار وانقلبوا على القصر! فلا قامت الخلافة ولا نجحوا في السلطة. والسؤال: هل كان القصر حين انعقاد المؤتمر مؤمنا؟ وفي سنة 1952 أمسى كافرا؟! لا هذا ولا ذاك. لكن من عجائب الجماعة أن في مواقفها ثوابت لا يمكن إحصاءها. ومع ذلك ليس أمامنا إلا التوقف، في سلسلة جديدة، عند أكثر المواقف جدلا في الوقت الحاضر سواء عند الجماعة أو عند حركة «حماس» على وجه الخصوص كنموذج بارز لمعاينة المفارقات.

الإخوان والغياب الطويل عن الساحة
(1)

لما ظهرت حركة حماس، رسميا، في قطاع غزة سنة 1987 تعرضت لهجمات شرسة من المنظمات الفلسطينية وأنصارها. ونظر إليها الكثير كمتطفل على «الكفاح الفلسطيني المسلح» بعد عقود من الغياب الاختياري. فما من منظمة أو حزب أو تيار إلا ونظر إليها نظرة شك وريبة وسط تساؤلات تقليدية من نوع: أين كانوا طوال هذه السنين؟ ولماذا ظهروا الآن؟ وما الذي يريده «الإخوان المسلمون» بعد مئات الآلاف من الضحايا والمعتقلين والمبعدين والتنكيل والظلم والقهر وهم نائمون؟ ولماذا لا يعترفون بمنظمة التحرير؟ ويدخلون فيها كأي فصيل من الفصائل الفلسطينية؟ هل يريدون إقامة دولة إسلامية؟ هل نحن كفار وهم مسلمون؟ هل قتلانا «فطايس» كما قال ياسر عرفات ذات يوم وقتلاهم «شهداء»؟ لماذا يطعنون بشرعية التمثيل الذي تقوم به المنظمة؟

وبطبيعة الحال فقد طُرحت التساؤلات بينما منظمة التحرير في أضعف حالاتها. وفي ظل حركة سياسية فلسطينية محمومة، من الطبيعي، أن تحاول استثمار أول انتقاضة جماهيرية فلسطينية واسعة النطاق لاستعادة قوة المنظمة بعد انشقاقها وانشقاق حركة فتح، ولتحقيق مكاسب سياسية في مقدمتها عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط بحضور الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن الدولي، للبحث في تسوية سياسية للصراع العربي الإسرائيلي وجوهره النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. لكن ما من مؤتمر دولي بدون مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية. إلا أن ظهور حماس، بالنسبة للمنظمة، بدا وكأنه طعن في كينونتها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني. هذه هي اللغة التي كانت سائدة آنذاك وتلك هي التساؤلات التي طرحت.

الطريف في الأمر أن ذات التساؤلات وذات المفردات التي أنكرت على حماس ظهورها تنكر اليوم على التيار السلفي الجهادي ظهوره. فهؤلاء «السلفيون»، بحسب قادة حركة حماس من طاهر النونو وإيهاب الغصين ومشير المصري وسامي أبو زهري حتى إسماعيل هنية ويونس الأسطل ومحمود الزهار وخليل الحية وصالح الرقب وغيرهم: «تكفيريون» ، «لم يقاتلوا في حياتهم» ، «أين كانوا؟» ، «لم يطلقوا طلقة واحدة في حرب الفرقان»، و «لم يهاجموا العدو»، «استباحوا دماءنا»، «ليسوا موجودين كتنظيم»، «منفلتين»، «مجرمين» ، «عملاء» ، «مرتبطون في الخارج» ، «سُذَّج» وغيرها من التوصيفات والاتهامات. هذه المفردات يجري تسويقها على قدم وساق رغم أن هذه الجماعات صغيرة جدا، وبالكاد ظهرت على الساحة. فقد كان أولها «جيش الإسلام» سنة 2005 ، والذي شارك مع «كتائب القسام» في عملية الوهم المتبدد التي أسفرت عن اعتقال الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ، وآخرها «جند أنصار الله».

ترى!

إذا تجاهلنا العقود الأربعة، بعد النكبة، والتي غاب فيها «الإخوان المسلمون» عن ساحة الصراع دون أدنى مبرر منطقي إلا من «الحيرة والارتباك» بحسب أحد الكتاب؛وإذا استبعدنا تجربة معسكرات الشيوخ في الأردن سنة 1968 لأكثر من سبب موضوعي ليس أقلها أن الإخوان كانوا جزء من التجربة التي وقعت خارج حدود فلسطين وليس كلها، كما أنها جاءت بمبادرات ذاتية ومتنوعة المصادر الإسلامية وليس بقرار رسمي من الجماعة؛ فكم احتاجت «حماس» من الوقت كي تطلق النار رسميا على إسرائيل؟ لندع حماس تجيب على السؤال بنفسها.

بعيدا عن التبريرات التي سبقت انطلاقة حماس فيما يتعلق بالانطلاقة المسلحة ضد إسرائيل على خلفية «المفاصلة - التأجيل» و«المنازلة - التعجيل»، يمكن القول أن الشيخ صلاح شحادة كان الشخصية الأبرز في جرّ «الإخوان المسلمين» إلى ساحة المواجهة المسلحة رغم أنف الجماعة، على الأقل ابتداء من سنة 1983 حيث اكتشفت إسرائيل مخزنا سريا للأسلحة في المسجد. وتسبب النشاط السري للجماعة باعتقال الشيخ أحمد ياسين في 15/4/1984. لكن عقْد النية على العمل المسلح لم يكن ليعن بالنسبة للجماعة المباشَرة به. فقد اكتفت الجماعة ببعض المشاركة في الاحتجاجات المدنية، ولم تتبن العمل المسلح إلا بعد أن شكل عماد عقل أولى المجموعات المسلحة لـ «القسام» في قطاع غزة بداية من النصف الثاني من العام 1991. لكنها لم تباشر عملها فعليا إلا في أواخر العام (كانون ثاني/ ديسمبر 1991 ) لما انتقل عماد عقل إلى الضفة الغربية مع مجموعة من عشرة مطاردين حيث شكلوا أول مجموعات «الكتائب». هذه وما يلحقها من معلومات مأخوذة من مصادر الحركة.

إذن لدينا التواريخ التالية منذ التفكير بعمل مسلح لدى الإخوان المسلمين في فلسطين وحتى انطلاقته، وهي:

1- 1983، وهو التاريخ الذي يشير إلى تخزين الجماعة لأسلحة بهدف العمل المسلح ضد إسرائيل.

2- أول مشاركة في النضال الجماهيري للجماعة في فلسطين كانت في قطاع غزة خلال شهري آب/أغسطس و أيلول/ سبتمبر من العام 1985 حين اندلعت انتفاضة شعبية محدودة انطلاقا من مسجد الشيخ عز الدين القسام في قرية بيت لاهيا حيث مارس الشيخ عبد العزيز عودة، من حركة الجهاد الإسلامي، التعبئة والتحريض على مقاومة إسرائيل. وفي الأثناء اتخذت الجماعة قرارا تاريخيا يقضي لأول مرة: «باعتماد سياسة تثوير الجماهير وترتيب الفرصة الملائمة وانتهازها للقيام بعملية نهوض جماهيري لرفض الاحتلال». وعلى الأثر صدرت بيانات عن الجماعة خلال المظاهرات والإضرابات بأسماء مختلفة مثل «حركة الكفاح الإسلامي» أو «المرابطون على أرض الإسراء».

3- 2/11/1987، يشير إلى أول ظهور لـ «حركة المقاومة الإسلامية» التي برز اسمها بهذا الشكل قبل أن تتخذ الاسم المختصر المرافق «حماس».

4- في 9 /12/1987. وفي ليلة الحادي عشر من كانون أول/ ديسمبر 1987، بعد مضي ثلاثة أيام على اندلاع الانتفاضة الأولى طبقا للتاريخ الرسمي، وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، أعلنت الجماعة في غزة عن قرارها بالمشاركة التامة والشاملة لجميع قواها بأحداث الانتفاضة وتصعيدها، لكن الجماعة احتفظت بنفس الاسم «حركة المقاومة الإسلامية» دون الإشارة لاسم «حماس». وبعد يومين، أي في 14/12/1987، صدر بيان آخر يحمل نفس الاسم في الضفة الغربية. ومن الطريف أن البيان الرابع، وبعض البيانات اللاحقة لحركة حماس كانت توقع باسم «حماس» إلى اليسار، وإلى اليمين أسماء بعض المؤسسات بما في ذلك جامعة الكويت حيث جمهور الطلبة من «الإخوان» وعلى رأسهم خالد مشعل.

5- مثّل منتصف العام 1991 أول ظهور علني لـ «القسام»، ومثّل آخر العام 1992 أول تشكيل رسمي وفعلي لها، بحسب ما أكدته مذكرة «حماس» إلى الملوك والرؤساء والوزراء المجتمعين في قمة شرم الشيخ في 13/6/1996.

أطرف ما في الأمر أن الجماعة وحركة حماس لم تكن بوارد المواجهة المسلحة من الأصل لولا أن الظروف وبعض المبادرات هي التي أجبرتها على ذلك. بل أنها لم تعترف بـ «القسام» نفسها إلا بعد أن فرض الرعيل الأول من المجاهدين العمل المسلح على الجماعة. ولعل اختطاف الجندي الإسرائيلي إيلان سعدون في 3/5/2009 خير دليل على ذلك. أما إنْ كانت مثل هذه العملية وغيرها ، والتي سبقت الإعلان الرسمي عن الجناح المسلح لـ «حماس» تدخل في نطاق السرية فلماذا يُنكر على الآخرين نفس التوجه؟

هكذا! لدينا غياب طوعي عن المواجهة المسلحة بلغ أربعة عقود متواصلة، وأكثر من عشر سنوات في التحضير لانطلاقة الجناح العسكري لحركة «حماس». قد نتفهم واقع الانطلاقة المسلحة وما تحتاجه من إعداد وتحضير بكثير من التفاصيل، ونتفهم كم من «الإخوان» عانوا وتذمروا وهاجروا وتمردوا بسبب تهرب الجماعة من المواجهة المسلحة طوال العشرات من السنين العجاف دون أن يحاسبها أحد، ونتفهم كيف كانت «القسام» كالرضيعة تحبو قبل أن تصبح ذراعا ضاربة ذات بأس، إلا أننا نتعجب حين يُتهم الآخرون بمنقصة من الأولى أن تجيب عليها حماس والجماعة برمتها.

أنتم: أين كنتم؟ أليس هو ذات السؤال الذي تعرضتم له؟ وذات المنقصة التي رمتكم بها المنظمة وفصائلها؟ فلماذا تعطون لأنفسكم الحق فيما زعمتم من مناقشات ومطارحات ومفاصلات لازمة قبل المنازلات وتنكرونه على غيركم، وتعتبرونه من الشوائن؟

سؤال:

هل كانت «حماس» لتسمح بميلاد حركة الجهاد الإسلامي لولا أنها سبقتها في الانطلاقة؟ وهل كانت «حماس» ستسمح بميلاد «اللجان الثورية» لولا أنها ظهرت زمن ياسر عرفات وبدعم منه ونكاية في عصبة أوسلو؟ وهل ستسمح «حماس» بظهور أي تنظيم آخر أو جماعة في المستقبل إنْ لم يركب «الباص»؟

بالمقارنة، فقد كان عرفات، رغم كل ما خلفه من كوارث، يتصرف كقائد لكل الفلسطينيين في الداخل والخارج، أما «الإخوان» أو «حماس»، فما زالوا في«الباص»، يتصرفون، فقط، كجماعة لا أكثر ولا أقل.

27/8/2009







التوقيع :
تابعونا دوما فور كل جديد نقدمه في قسم الانتاج ..
من مواضيعي في المنتدى
»» الاكلات الرئيسية السورية ( متجدد )
»» اكتشاف أنزيم يفتح آفاقا كبيرة امام معالجة العقم
»» المواطنة أم الطائفية إنتاج قناة البرهان
»» الدلائل العقلية في فضل أصحاب خير البرية
»» هبة أهل التوحيد ... لنصرة الشيخ أبي الوليد
  رد مع اقتباس