حكم الجهاد بدون
إذن الوالدين
اتفقت كلمة الجمهور من العلماء على تعدد اجتهاداتهم
أن المسلم إذا أراد الخروج للجهاد فإنه يجب
عليه الحصول على إذن من والديه كليهما ،
في حال وجودهما معاً أو أحدهما ،
فإن حجبا عنه الإذن كان جهاده حينئذ حراماً ،
مادام أن هذا الجهاد غير متعين ، مع أن الجهاد يتعين
إذا استنفر الإمام المسلمين ، وفي حال هجوم العدو
على بلد مسلم كفلسطين وأفغانستان والعراق والشيشان ،
وفي حال الوقوف في الصف لمواجهة العدو
ومن الأدلة على ذلك ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه
قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أيُّ العمل أحبُّ إلى الله ؟ قال: الصلاةُ على وقتِها ، قلت:
ثم أي ؟ قال: بِرُّ الوالدين ، قلت: ثم أي ؟
قال: الجهاد في سبيل الله ،
حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولو استزدته لزادني)
[ متفق عليه]
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال:
(جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد،
فقال: أَحيٌّ والِدَاك ؟ قال: نعم، قال: فَفِيهِما فَجَاهِدْ )
[ رواه البخاري والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه]
وفي رواية: (أتى رجل فقال: يا رسول الله:
إني جئت أريد الجهاد معك، ولقد أتيت وإن والدَيَّ يبكيان،
قال: فَارْجِعْ إليهما فَأَضْحِكْهُما كما أَبْكَيْتَهُما )
[ رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه]
وعن أبي سعيد رضي الله عنه:
أن رجلاً هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن،
فقال: هل لك أحدٌ باليمن ؟ فقال: أبواي، فقال:
أَذِنا لك ؟ ، قال: لا، قال: فارْجِعْ إليهما، فاسْتَأْذِنْهُما،
فإنْ أَذِنَا لك فَجَاهِدْ وإلا فَبِرَّهُما [ رواه أبو داود]
وعن معاوية بن جاهمة السلمي:
أن جاهمة رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: يا رسول الله .. أردت الغزو وجئتك أستشيرك،
فقال: هل لَكَ من أُمٍّ ؟ قال: نعم،
فقال: اِلْزَمْهَا؛ فإنَّ الجنة عند رِجْلَيْهَا
[ رواه أحمد والنسائي ]
وهذه الأدلة كلها وما جاء في معناها إذا لمن لم يتعين
عليه الجهاد؛ فإذا تعين عليه فترْكُه معصية،
ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
والقول بتعيينه يحتاج إلى نظر دقيق ،
وخاصة في عصرنا التي لم تعد الحروب تعتمد
على العدد بقدر اعتمادها على العدة والتقنيات الحديثة
مثل الطائرات والصواريخ والأسلحة النووية ،
فضلاً عن شكل الحرب ، كحرب العصابات ،
التي تعتمد غالباً على الخداع والكر والفر
والعمليات الخاطفة ،
كزرع الألغام ونصب الكمائن .
لذا أرى أن يراعى إذن الوالدين في كل الأحوال ،
حتى في الجهاد المتعين – كجهاد أهل فلسطين -
باستثناء ما إن دعا الإمام أو من ينوب عنه ،
أو الجماعة المجاهدة إلى النفير العام .
يتبع