عرض مشاركة واحدة
قديم 13-08-06, 05:08 PM   رقم المشاركة : 5
بارق
عضو ماسي





بارق غير متصل

بارق is on a distinguished road


الأصول التي خالفت فيها الشيعة الإمامية أهل السنة والجماعة

الأصول التي خالفت فيها الشيعة الإمامية أهل السنة والجماعة

بسم الله الرحمن الرحيم .

لم ترتض الشيعة ما رضيه الله لعباده، وشرع لهم من الدين حتى أحدثوا عقائد ما أنزل الله بها من سلطان، أهلكت الشيعة عامتهم وخاصتهم وصدتهم عن سبيل الله، وسوف نعرض إن شاء مولانا، بعض تلك الأصول في حلقات متوالية بشيء من الإيجاز، وإلا فإن المهتمين بنقد معتقد الشيعة أفردوا لها كتباً مستقلة، ونحن نحاول أن نقرب المسألة المخالف فيها أو الأصل المخالف فيه ثم ننقده بما ييسره لنا مولانا، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ومن تلك الأصول المخالفة التي ننوي أن نفردها بالدراسة :

1- الإمامة .

2- التقية .

3- الغيبة .

4-الرجعة .

5- الظهور .

6- البداء .

7- الطينة .



الإمامة عند الشيعة الإمامية



أ- لا يكمل إيمان عبد عند الشيعة حتى يقر ويؤمن بعقيدة الإمامة، وإنك لتعجب من هذا الأصل العظيم عند الشيعة، الذي أفرد لأجله الرسائل والكتب الشيعية، ثم لا تجد لكلمة الإمامة ذكراً في القرآن، ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وكيف يخطر بال امرء أن يغفل رسول الله صلى الله وسلم عن ذكر هذه المسألة المهمة من مسائل الدين!، {وما كان ربك نسيا} .

نعم . للإمامة ذكرٌ في نصوص القرآن التي يدعي الشيعة الإمامية أنها مما تصرفت فيها أيدي السنة، وكذلك في رواياتهم بإسانيدهم ، وفي غير هذين الموضعين لا تجد ذكراً لها ! .

وأول من أشاع فكرة الإمامة عند الشيعة هو عبد الله ابن سبأ اليهودي الأصل، وبهذا نطقت كتب الشيعة كما في رجال الكشي (108-109) : (كان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي ، وأظهر البراءة من أعدائه ، وكاشف مخالفيه وكفرهم ) . ويقول ابن بابويه القمي في عقائد الصدوق (ص106) : (يعتقدون –أي الشيعة – بأن لكل نبي وصياً أوصى إليه بأمر الله تعالى ).

قلت : فكرة الوصاية، عقيدة يهودية، فإن اليهود يرون أن لكل نبي وصياً ، وأن يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام، ومن هنا دخلت فكرة الوصاية على معقتد الشيعة، ولذلك يذكر المجلسي في أخباره (أن علياً هو آخر الأوصياء) (بحار الأنوار : 39/342).



ب- والإمامة عند الشيعة تختلف عن الإمامة في الدين عند أهل السنة والجماعة، فالإمام عند الشيعة له من الخصائص كما للنبي !، يقرر ذلك محمد حسين آل كاشف الغطا –شيخ معاصر- ي كتابه أصل الشيعة وأصولها (ص85) يقول: (أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة، فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة، ويؤيد بالمعجزة التي هي كنص من الله عليه.. فكذلك يختار للإمامة من يشاء ويأمر نبيه بالنص عليه وأن ينصبه إماماً للناس من بعده ) .

قلت : كلام الغطا وقبله المجلسي ، من جنس كلام غلاة الصوفية، الذين يزعمون أن الولي له من المنزلة التي تفوق الرسل فيقول شاعرهم :

مقام الولاية في برزخ فويق الرسول ودون النبي

فغلاة الصوفية جعلوا مرتبة الولاية في مرتبة وسطى ما بين النبوة والرسالة، ومن جهلهم أن جعلوا مقام النبوة أعلى من مقام الرسالة !، والشيعة الإمامية تعدت ذلك وجعلت منصب الإمام أعلى من منصب النبي والرسول، يقول نعمة الله الجزائري في زهر الربيع (ص 12) : (الإمامة العامة التي هي فوق درجة النبوة والرسالة ) ؛ بل إن أحد آياتهم في هذا العصر وهو هادي الطهراني أخذ منحنى عجيباً في هذا الباب إذ يقول : (الإمامة أجل من النبوة، فإنها مرتبة ثالثة شرف الله تعالى بها إبراهيم بعد النبوة والخلة ...) (ودايع النبوة : ص 114) .

ولما قال بعض غلاة الصوفية إنه آخر الأولياء، كما أن محمداً صلى الله عليه وسلم آخر الآنبياء، قالت الشيعة الإمامية بأن علياً رضي الله عنه هو آخر الأوصياء ! . فالأمر لا يعدوا كونه متابعة لليهود أوغلاة الصوفية .



ت- والإمامة عند الشيعة أحد مباني الإسلام الخمسة، أعني أركان الإسلام الخمسة ، فهم يعتقدون كما جاء في أصول الكافي عن أبي جعفر أنه قال : (بني الإسلام على خمس ، على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه –يعني الولاية-) (أصول الكافي : 2/18) وفي الشافي شرح الكافي تصحيح لهذا الحديث (5/28) .

قلت : تواترت الأحاديث على ذكر الشهادتين وأنها أحد مباني الإسلام الخمسة، وأسقطتها الشيعة الإمامية، وأحلت بدلاً منها الإيمان بالولاية . أقول: هذا الحديث من شنائع الشيعة وصنع رواتها، وإلا فهذا الحديث قد بلغ شهرة عظيمة لا يكاد يجهله أحد من أبناء الإسلام، فهلا وعت الشيعة الإمامية هذا .

ثم بأي شيء يكون المرء مسلماً إن لم يأت بالشهادتين !، وكأن واضع هذا الحديث أراد أن يحرم الشيعة من الدخول في دين الإسلام، وإلا فما معنى إسقاط الشهادتين التي هي مفتاح الدخول في الإسلام ؟ فهل تعي الشيعة ذلك ؟ .



ث-و قلنا إن الإمامة لم يرد لها ذكر في كتاب ولا سنة، ولم تعرف لها ذكر في العصور المتقدمة العصور الفاضلة، وهذا الأمر أقلق الشيعة مما جعلها تصنع الرويات وتختلقها في أن الإمامة من الأسرار التي لا ينبغي إذاعتها ونشرها ! ، فعن علي الرضا قال : (ولا ية الله أسرها إلى جبرائيل، وأسرها جبرائيل إلى محمد، وأسرها محمد إلى علي، وأسرها علي إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك، من الذي أمسك حرفاً سمعه) (المازندراني: شرح جامع: 9/123)، ومعنى الجملة الأخيرة، (من الذي أمسك حرفاً سمعه) أي أن هذا الذي ينبغي له ان يكتم أشيع ونشر ! .

وعن جعفر -زعموا- أنه قال : (المذيع حديثنا كالجاحد له ) [أصول الكافي: 2/224] . وتشير بعض رواياتهم إلى أن الكيسانية هي أول من أذاعت هذا السر وكشفته، ففي أصول الكافي : (2/223) : (ما زال سرنا مكتوماً حتى صار في ولد كيسان، فتحدثوا به في الطريق وقرى السواد ).



ج-مما تميزت به عقيدة الإمامة لدى الشيعة الإمامية هو قولهم بتعدد الأئمة وحصرها في عدد معين ، وهم اثناعشر إماماً . وتشير بعض الرويات إلى أن من أشاع هذه المقالة الكاذبة هو (شيطان الطاق) وهذا هو اسمه عند أهل السنة والجماعة، وأما الشيعة الإمامية فتسميه مؤمن الطاق، وله قصص في الكذب على الله وتحريف بعض آي القرآن الكريم، ( انظر : رجال الكشي: ص186، و أصول الكافي: 1/174) .

ففي باديء الأمر أظهر شيطان الطاق فكرة الإمام مفترض الطاعة بمعاونة هشام بن الحكم الرافضي، وأنتشرت في الكوفة، وأنكرها أبو عبد الله جعفر إنكاراً بليغاً، فيروي سعيد الأعرج كما جاء في رجال الكشي : أنه قال كنا عند أبي عبد الله فاستأذن رجلان، فأذن لهما ، فقال أحدهما: أفيكم إمام مفترض الطاعة؟ قال : ما أعرف ذلك فينا، قال: بالكوفة قوم يزعمون أن فيكم إماماً مفترض الطاعة، وهو لا يكذبون أصحاب ورع واجتهاد.. منهم عبد الله بن يعفور وفلان وفلان، فقال أبو عبد الله رضي الله عنه: ما أمرتهم بذلك، ولا قلت لهم أن يقولوه، قال-القائل أبو عبد الله-: فما ذنبي ! وأحمر وجهه وغضب غضباً شديداً ، قال: فلما رأيا الغضب في وجهه قاما فخرجا .. ) [رجال الكشي : ص427] .

قلت : الإنكار الشديد من أبي عبد الله لهو دلالة على فساد هذه العقيدة وبطلانها وأنها مخترعة لصد وإفساد دين الشيعة . ولكن الشيعة تكذب بهذا دائماً وتضعف هذه الرويات أو تحملها على التقية ! .



ح-ثم إن المتأمل لروايات الشيعة الإمامية فيما يتعلق بالإمامة يجد أنها لم تحدد اثني عشر إماماً في أول الأمر، وإنما تم ذلك بعد وفاة الحسن العسكري-وسوف يأتي الحديث عنه -، إذ جاءت روايات تشير إلى أن علياً يسر بهذا الأمر إلى من يشاء، وجاءت رويات تقول بأن القائم هو سابع سبعة : كما في رجال الكشي (373) : (سابعنا قائمنا) وهذا هو الأمر المستقر عند الإسماعيلية . ولكن الموسوية أو القطعية زادتهم إلى اثني عشر فسميت بالاثني عشرية .

ولم يقف الأمر عند ذلك فقد جاء في كتاب سليم بن قيس الذي تكلمناعنه في حلقة سابقة أنه ذكر أن الأئمة ثلاثة عشر، مما جعل بعض مشايخ الشيعة قديماً وحديثاً يطعن في هذا الكتاب، مع احتوائه على أصول عقائد الشيعة الإمامية الآن . وللدلالة على ذلك (انظر: أصول الكافي: 1/534، والغيبة : ص 92، وأصول الكافي : : 1/532-) . وهذه الإحالات نذكرها لمن أراد الوقوف على حقيقة القول، ليرى حجم التناقض بين الروايات وتضاربها .





خ- ويحتج الشيعة الإمامية على عقيدة الإمامة وثبوتها بأدلة من القرآن ، والسنة، والرويات الكثيرة في كتب الشيعة .

1-فأما استدلالهم بالقرآن فهو تحريف لكتاب الله، وتأويله على غير مراد الله، وصرفه عن دلالته، ففي قوله تعالى : {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون } .-هذه أكبر دليل عند الشيعة الإمامية حيث يستدلون بها على ولاية علي رضي الله عنه- فيقول الطبرسي : (وهذه الآية من أوضح الدلائل على صحة إمامة علي بعد النبي صلى الله عليه وسلم ) [مجمع البيان : 2/182] . فيقولون في تفسير هذه الآية : (اتفق المفسرون والمحدثون من العامة والخاصة أنها نزلت في علي لما تصدق بخاتمه على المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة .. )[انظر ابن المطهر الحلي في منهاج الكرامة حيث عده البرهان الأول (ص 147)] . وقد رد على هذا الاستدلال ابن تيمية في منهاج أهل السنة وغيره من عدة أوجه ، نسوقها مختصرة، ونترك الأوجه الأخرى لمن اراد الاستزادة :

أ- بطلان زعمهم أن المفسرين أ جمعوا على أن علياً هو المقصود وأنه تصدق بخاتمه على المسكين وهو يصلي ! ، إلا أن يكون مرادهم بالاجماع؛ إجماع الشيعة الإمامية ! فهذا قد يكون، أما أهل السنة فلا يعرف لهم ذلك .

ب- الشيعة الإمامية تمدح بذلك علياً أن تصدق بخاتمه وهو يصلي، وهذا منقصة وذماًَ في حق علي رضي الله عنه، فإن لب الصلاة الخشوع، والتصدق على المساكين في الصلاة يذهب الخشوع وينافيه، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر في الحديث إن في الصلاة لشغلاً . وعلى هذا فإن الشيعة أرادت أن تمدح علياً بأمر في حقيقته ذم، وهو منزه عنه رضي الله عنه .

ت-هناك فرقاً كبيراً بين الولاية بالكسر التي هي بمعنى المحبة والنصرة التي ضد العداوة ، والولاية بالفتح التي هي بمعنى الأمارة . والآية جاءت بالمعنى الأول وهي الولاية التي بمعنى المحبة والنصرة ، ومراد الشيعة هو الولاية التي بمعنى الأمارة، فهناك فرقٌ ظاهر في اللغة . فتأمل .



2- وأما استدلالهم بالسنة فهو ليس من باب الإيمان بالأحاديث التي جاءت عن طريق أهل السنة، ولكنهم وجدوا في بعض الأحاديث التي يرويها أهل سنداً لمعتقدهم فرووها واستدلوا بها على ما يريدون .

فهم يحتجون بما رواه جابر بن سمرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يكون اثنا عشر أميراً فقال : كلمة لم أسمعها فقال أبي إنه قال : كلهم من قريش ) البخاري (8/127) ، وعند مسلم عن جابر قال : (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة) ثم قال كلمة لم أفهمها . فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : (كلهم من قريش ) (مسلم : 2/1453) . وهناك الفاظ أخرى لهذا الحديث .

فالشيعة الإمامية يتمسكون بهذه النصوص التي وردت عن طريق السنة، لا لإيمانهم بما جاء فيها، فهم لا يأخذون عن كفار، إنما لأن فيها ما يوافق معتقدهم في الأئمة الاثني عشر . وهم يأخذون بنقلهم ولا يأخذون بتفسيرهم لهذا الحديث ! ، ولكن ليس في هذا الحديث حجة ولا مستمسك لهم به ، وذلك من أوجه ثلاثة نكتفي بها :

أ- وصفوا هولاء الأئمة بأنهم يكونون في عزة ومنعة وأن الإسلام عزيزاً ما داموا، وبالنظر إلى حال الإئمة الاثني عشر نجد أنه قد تفاوتت أزمانهم، والإسلام في بعض أزمانهم لم يكن عزيزاً ، بل إن مهديهم مختبيء الآن منذ أزمان طويلة خائف على نفسه ! .

ب-أن الإمامة واجتماع الناس وانقيادهم للإمام لم يحصل إلا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وزمناً يسيراً للحسن رضي الله عنه . وأما باقي الأئمة فلم تحصل لهم الإمامة التي يجتمع عليه الناس .

ت- الخلفاء الأربعة ومن خلفهم من حكام بني أمية معاوية وابنه يزيد ثم عبد الملك وأولاده، اجتمع في حقهم الأوصاف التي وردت في الحديث، فكلهم من قريش، والإسلام في تلك الفترة كان في عزة ومنعة، والإسلام وشرائعه ظاهرة . . إلخ .



3- وأما احتجاجهم بالرويات التي جاءت عن طريق أهل السنة وعن طريق الشيعة ، كحديث غدير خم .

فأما أهل السنة فقد نقلوا هذه الواقعة بأمانه، وليس فيها دليل صريح على إمامة الأئمة، وكل ما فيه هو الحث على العناية بأهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيرهم والبر بهم ، ولهم منا ذلك سمعاً وطاعة لرسول الله صلى عليه وسلم ، وحباً فيه وفي أهل بيته .

وأما روايات الشيعة لهذه الواقعة فقد زادوا فيها وحرفوا وبدلوا لتأسيس هذه العقيدة في نفوس الشيعة . ولا يتسع المقام لبسط هذه الواقعة ، والراغب في الاستزادة فليرجع إلىكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية منهاج السنة فقد فصل القول في هذه المسألة .



4- وأما الروايات التي جاءت عن طريق كتب الشيعة الإمامية، فهي رويات منقطعة الإسناد، ورواتها مجهولون أو اشتهر عنهم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الناس، أو مطعون في ديانتهم، وقد سقنا من قبل نصوصاً كثيرة وتبين حجم تحريف الشيعة الإمامية وتلاعبهم بالنصوص لدعم معتقداتهم وإقرارها . ولعل الله ييسر لنا بسط هذه المسألة أكثر .



قاصمة :

من أبين الدلائل على أن معتقد الشيعة الإمامية في الأئمة الاثني عشرية مأخوذ من دين اليهود، ماوجده ابو الحسين بن المنادى في كتاب دانيال، وفيه : إذا مات المهدي ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر، ثم خمسة من ولد السبط الأصغر، ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر، ثم يملك بعده ولده فيتم بذلك اثنا عشر ملكاً، كل واحد منهم إمام مهدي . (انظر : فتح الباري : 4/213)


عقيدة التقية عند الشيعة


التقية كما عرفها المفيد : (التقية كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين ) [شرح عقائد الصدوق: ص261] .

والمعنى: أنه يتعين على الشيعي أن يكتم الحق وهو دين الشيعة ولا يظهره لأهل السنة، بل عليه أن يظهر أنه على دينهم مع كتمان دينه وعدم إظهار دينه لهم حتى لا يأتيه الضرر .

والتقية في دين الله التي جاءت في كتابه هي تقية حال الاضطرار، وهي مع الكفار خاصة لا المسلمين، ففي قوله تعالى : {إلا أن تتقوا منهم تقاة} قال ابن جرير الطبري : (التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم ) [تفسير الطبري : 6/316] .

قلت : والشيعة لا ترتضي هذا حتى؛ بل إنها لتتقي السني المسلم أعظم من النصراني واليهودي ! . والتقية لا تكون إلا في حال الضعف وخوف العدو الكافر، أما مع الأمن والعزة والقوة فلا تقية حينئذ، يقول معاذ بن جبل ومجاهد رضي الله عن الجميع : (كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين، أما اليوم فقد أعز الله المسلمين أن يتقوا منهم تقاة ) [انظر : تفسير القرطبي: 4/57، وكذا فتح القدير للشوكاني : 1/331] .

ولا ينقضي عجبك من معتقد الشيعة الإمامية، فإنهم جعلوا التقية من أركان الدين كالصلاة والصيام وسائر الأركان، بل وعدوها أعظم شعائر الدين؛ بل هي الدين ! . يقول ابن بابويه : (اعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلاة )[الاعتقادات : ص114] . بل جعلوا هذا من كلام محمد صلى الله عليه وسلم –وهو منه براء – فقالوا على لسان نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام : (تارك التقية كتارك الصلاة ) [جامع الأخبار: ص110، وبحار الأنوار: 75/412] .

وهي –أعني التقية – تسعة أعشار الدين، فيرون أن جعفراً بن محمد قال : (إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له ) [أصول الكافي: 2/217، بحار الأنوار: 75/423، و وسائل الشيعة : 11/460] ؛ بل وتارك التقية ذنباً لا يغفر كالشرك ، فقد جاء في أخبارهم : (يغفر الله للمؤمن كل ذنب، يظهر منه في الدنيا والآخرة، ما خلا ذنبين: ترك التقية، وتضييع حقوق الإخوان) [تفسير الحسن العسكري: ص130، وسائل الشيعة 11/474، بحار الأنوار: 75/415] .

والتقية عند أهل السنة تكون في حالات فردية وفي أوقات مخصصة حال الاضطرار والخوف من الكافر، وأما عند الشيعة فالتقية عندهم سلوك جماعي، ينبغي أن تسلكه الشيعة حال الأمن وحال الخوف ! مع المسلمين وغيرهم فقد جاء في أخبارهم : (عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه ، لتكون سجيته مع من يحذره)[أمالي الطوسي:1/199، وسائل الشيعة: 11/466، بحار الأنوار: 75/395] ؛ بل ما ثم غير شيعتهم مؤمن، وباقي الناس كافر الكفر الأكبر . ولذلك فهم يسمون كل البلاد غير بلادهم، حتى بلاد أهل السنة: (دار التقية)، (دولة الظالمين)، (دولة الباطل)[انظر : جامع الأخبار : ص110 ، وبحار الأنوار : 75/ 411،412، 421].

والشيعة لجأت إلى استعمال التقية وجعلها عقيدة لازمة للشيعي لتحقيق عدة أمور :

أولاً : لما كانت خلافة الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً ، غير معتبرة عند الشيعة ولا مرضية لهم ، ولما كان علي رضي الله عنه بايعهم وتابعهم على ذلك، لجأوا إلى هذه العقيدة كتبرير لفعل علي بين أبي طالب ومبايعته لهم، وقالوا :إنما كان هذا تقية منه رضي الله عنه.

ثانياً: أن الأئمة عندهم لا يخطئون ولا ينسون أي معصومون، فإذا ثبت عنهم أمراً يخالف ما أصلوه في دينهم قالوا : إنما صدر ذلك منهم على سبيل التقية ! ، وهو تبرير لكل مايصدر عن أئمتهم يخالف أصول معتقدهم . فشيخ الطائفة الطوسي يرد خبر علي رضي الله عنه عندما غسل رجليه في الوضوء وقال : (هذا خبر موافق للعامة [يعني أهل السنة] وقد ورد مورد التقية لأن المعلوم الذي لا يتخالج منه الشك من مذاهب أئمتنا عليهم السلام، القول بالمسح على الرجلين، ثم قال : إن رواة هذا الخبر كلهم عامة ، ورجال الزيدية وما يختصون به لا يعمل به )[الاسبتصار: 1/65،66] . ولهم في هذا الباب أخبار كثيرة ليس هذا مكان بسطها .

وكلما كان الشيعي مظاهراً بالتقية أكثر كلما كان معظماً أكثر، فهذا محمد باقر الصدر يثني على الحسين بن روح [وهو الباب الثالث من أبواب مهديهم !] فيقول: بأنه قام بمهمة البابية خير قيام لأنه (كان من مسلكه الالتزام بالتقية المضاعفة، بنحو ملفت للنظر بإظهار الاعتقاد بمذهب أهل السنة ) [تاريخ الغيبة الصغرى ص411] .

وحاصل القول : أن التقية من أعظم العقائد التي صرفت كثيراً من الشيعة عن إتباع الحق، وموهت بها عليهم، وصدتهم عن سبيل الله ، وصدتهم عن كشف التناقضات الكثيرة في نصوص الشيعة . فآه لأناس سلمت عقولها لمشايخها تلعب بها كيف شاءت .

هداهم لله للزوم طريق الحق .

عقيدة الغيبة عند الشيعة الإمامية

أ- المنشأ والأسباب .

بسم الله المبدي المعيد ..

عقيدة الغيبة أو فكرة الإيمان بالإمام الغائب أو الإمام الخفي ، موجودة عند معظم فرق الشيعة، وهي تختلف فيما بينها في تحديد الغائب، فالسبئية اتباع عبد الله ابن سبأ (ابن السوداء اليهودي)، تؤمن بعودة علي بن أبي طالب وأنه يملك الأرض، فإنه لما بلغ عبد الله بن سبأ خبر نعي علي بن أبي طالب، قال للذي نعاه : ( كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة ، وأقمت على قتله سبعين عدلا لعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل و لا يموت حتى يملك الأرض ) [فرق الشيعة: ص 23، والمقالات والفرق : ص21] . ثم ظلت تنتظر عودته من غيبته . وكذلك فرقة الكربية من الكيسانية تنتظر محمد بن الحنفية وتدعي أنه ( حي لم يمت وهو في جبل رضوى بين مكة والمدينة عن يمينه أسد وعن يساره نمر موكلان به يحفظانه إلى أوان خروجه وقيامه )وقالوا إنه المهدي المنتظر [مسائل الإمامة : ص26، وفرق الشيعة : ص27] ، وزعموا أنه سيغيب عنهم سبعين عاماً ثم يعود ويقتل الظلمة والجبابرة من بني أمية ، ولما انقضت تلك المدة ولم يظهر -ولن يظهر-، أظهروا مقولة بأنه سوف يظهر ولو عُمر عمر نوح ، فيقول شاعرهم :

لو غاب عنا عمر نوح أيقنت منا النفوس بأنه سيؤوب

إني لأرجوه وآمله كما قد كان يأمل يوسفا يعقوب



وهكذا كل فرقة إذا مات إمامها تدعي بأنه غائب مدة كذا وسيعود ! ، ولهم في ذلك خلاف كبير، ولذلك قال السمعاني : (ثم إنهم في انتظارهم الإمام الذي انتظروه مختلفون اختلافاً يلوح عليه حمق بليغ ) [الأنساب : 1/345] .

والجارودية من الزيدية لم تسلم من هذا الاتجاه بل تاهت فيه كما تاهت فيه من قبلها من الفرق الشيعية . ومن الملاحظ أن عودة الإمام من غيبته عند فرق الشيعة عامة ارتبطت بشخصيات لها وجود ومعروفة، ولكن هل هذا هو نفس الاتجاه لدى الشيعة الإمامية الاثني عشرية ؟

يتبين هذا بمعرفة نشأة فكرة الغيبة عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية .

ونشأة هذه الغيبة، أنه لما مات الحسن –وهو الإمام الحادي عشر للشيعة الإمامية- ، لم يكن له خلف ولم يعقب ، واقتسم ميراثه أخوه جعفر وأمه . [انظر: المقالات والفرق : ص102، وفرق الشيعة : ص 96] . وكتب الشيعة تعترف بهذا ! .

ولما وقع هذا الأمر احتارت الشيعة في أمرها وافترقت إلى فرق كثيرة وصلت إلى أربع عشرة أو خمس عشرة [كما يينقل ذلك النوبختي في في فرق الشيعة : ص96، والقمي في المقالات والفرق : ص102] . بل إن الأمر زاد عن ذلك حتى وصل إلى عشرين فرقة .

وحقيقة الأمر إن موت الحسن –الإمام الحادي عشر-، كاد أن يقوض عروش عقيدة الإمامية الاثني عشرية . لإن الإمامية الاثني عشرية تذهب إلى أن الأرض لو بقيت بغير إمام لساخت [انظر: أصول الكافي : 1/188] . فالإمام أمان لأهل الأرض وهو الحجة على أهل الأرض، ولا دين بدون إمام ! .

وكان من أثر ذلك ان افترقوا ، ففرقة ذهبت إلى القول بغيبة الحسن العسكري، وفرقة ذهبت إلى إمامة جعفرمن بعده ، وفرقة أبطلت إمامة الحسن لأنه مات عقيماً . وفرقة قالت بأن للحسن العسكري ولداً ( كان قد أخفي مولده، وستر أمره لصعوبة الوقت وشدة طلب السلطان له ... فلم يظهر ولده في حياته ، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته ) [المفيد/ الإرشاد : ص 389] . وفرقة ذهبت بانقطاع الإمامة ووقوفها عند الحسن العسكري وكثير من هؤلاء بان لهم زيف هذه العقيدة ورجعوا عما هم فيه ... الخ .

ولكن يا ترى ما سبب إصرار آيات ومشايخ الشيعة على توطين الناس على هذه العقيدة ؟ والجواب عن ذلك يتضح بما ذكره الطوسي عن أحداث غيبة موسى الكاظم ، يقول ناقلا قول طائفة موسى الكاظم : (مات أبو إبراهيم (موسى الكاظم) وليس من قوامه [أي نوابه ووكلاؤه ] أحد إلا وعنده المال الكثير، وكان ذلك سبب وقفهم وجحدهم موته طمعاً في الأموال، وكان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار، وعند علي بن حمزة ثلاثون ألف دينار...)[الغيبة للطوسي: ص42-43]. فالداعي إذا هو طمعاً في المال وتسابقاً إليه، ولا يكون إلا بهذا ! .

وهناك أسباباً أخرى أهمها وهو محاولة منهم إلى إيجادكيان مستقل للشيعة، وبث الأمل في نفوس شيعتهم بأن الغلبة لهم في النهاية حتى يصبروا . وكما قلنا سابقاً : أن عقيدة الشيعة تأثرت بالديانات الأخرى وخصوصاً اليهودية، واليهود لديهم مثل هذا المعتقد، حيث يعتقدون بأن إيليا رفع إلى السماء وسيعود آخر الزمان [جولد سيهر/ العقيدة والشريعة : ص192] ، وهناك من رجح أن هذه العقيدة مأخوذة من المجوس، لكون أكثر الشيعة من الفرس كما ذهب إلى ذلك بعض الباحثين وساقوا على ذلك الأدلة من كتب المجوس .


ب- فكرة الباب والوكلاء .

بسم الإله الحق

أول من أثر عنه بشكل ظاهر بارز ، أنه أدعى بأنه السفير بين محمد بن الحسن العسكري الغائب وبين الشيعة هو عثمان بن سعيد العمري، حيث كان يتلقى اسئلتهم ومشكلاتهم، ويتلقى أموالهم التي يتقربون بها، ومن ثم يوصلها إلى الإمام الغائب . وقد تسابق كثير من الشيعة وادعوا بأنهم الباب، ويقومون بنقل مسائلهم ومشاكلهم إلى الإمام الغائب، طمعا في الأموال الوفيرة التي يجنونها من وراء ذلك، ولعثمان بن سعيد هذا وكلاء في البلاد الإسلامية يجبون الأموال ويحلون المشكلات عن طريق الإمام الغائب المزعوم ! . والفرق بين الباب والوكيل ، أن الباب يلتقي بالإمام مباشرة، أما الوكيل فإنه يقابل الباب فقط ولا يقابل الإمام . ولما مات عثمان بن سعيد أوصى بمنصب البابية بعده لابنه محمد،ولكن كثير من الشيعة لم ترتض هذا، وحصل بينهم هرج كبير ، واستفحل هذا الأمر كل يطلب هذا المنصب للحصول على المال ولا يهمه بعد ذلك ضل الناس أو اهتدوا. وأصبح يلعن بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضاً، فيذكر الطوسي في كتابه الغيبة (ص 244، ص 213-214) : بابين أحدهما : (باب : ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية لعنهم الله ) ، و (باب : ذكر المذمومين من وكلاء الأئمة ) .

وبعد محمد بن عثمان بن سعيد ، تسلم البابية رجل يدعى أبا القاسم الحسين بن روح، وحصل جدل كبير حيث اختير ابا القاسم الحسين بن روح وترك غيره أكثر علماً وفضلا منه ، كالنوبختي، الذي اعتذر له بأن ابا القاسم اختير لأنه كان أحفظ للسر من غيره ! . ومع ذلك لم يسلم أبا القاسم من اللعن وحصل بعد ذلك خلاف كبير [انظر : الغيبة ص 240]. ثم تسلمها من بعده رجل يقال له : أبا الحسن علي بن محمد السمري ، وفي وقته بدأ الناس يتكشف للناس زيف هذا الأمر . وبعد ثلاث سنوات ولما قيل له من توصي بعدك قال : لله أمر هو بالغه ) [الغيبة للطوسي: 242] . وبهذا تصل دعوى الغيبة إلى طريق مسدود حيث لم تنجح فكرة البابية . ولكن هل وقف الأمر عند هذا الحد، لا ؛ بل اخترعوا بعدها منصب جديد أسموه النيابة .


قصة المهدي عند الشيعة الإمامية

بسم الله الواحد الأحد

قصة المهدي -بدء من زواج الحسن بأمه المزعومة وحتى حملها بالمهدي، وكذا ولادة المهدي، ونموه- لهي من أعجب القصص، حتى فاقت أساطير الأولين في حبكها وغرابتها، ويطول بنا المقام لو سردنا قصته من البداية ولكن أحاول تلخيصها في سطور قلائل :

...أول ذلك أن أرسل الحسن خادمه إلى السوق ليشتري له جارية وأعطاه أوصافها الدقيقة، وأرس معه كتاب بالرومية، فلما رأى الخادم تلك الأوصاف أراها الكتاب فلما رأته بكت بكاء شديداً، ثم ذكرت قصتها في بلادها في بلاد الروم وأنه رأت في منامها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! وهو يخطبها من المسيح !! للحسن العسكري !!! ... -ثم تقول الأسطورة -: ثم تزوجها الحسن وحملت بمحمد ولم يظهر عليها آثار الحمل حتى يوم ولادتها ! ،[قلت: لعل هذا هروبا مما فعله جعفر أخو الحسن بعد وفاته حيث حبس نساء الحسن لا ستبرائهن، حتى يثبت للقاضي براءة أرحامهن من الحمل، فكان أن نسجت هذه الحادثة كمهرب ] . .. ثم أن يوم الولادة عجيب حيث خرج محمد من بطن أمه : (جاثياً على ركتبتيه ، رافعاً سبابته إلى السماء ثم عطس فقال : الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله، زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة لو أذن لنا في الكلام لزال الشك ) [إكمال الدين : ص408، والغيبة للطوسي :ص 147 ] . ثم عرج بالمولود إلى السماء بواسطة طيور خضر... ونمو هذا المولود غريباً، حيث أنه أصبح يمشي على الأرض وله أربعون يوماً !! [انظر : الغيبة للطوسي : ص144] .

قلت : هذه الأسطورة لا تروج على المجانين والصبيان، فكيف راجت على الشيعة ؟ ! .

ثم تروي كتب الشيعة عن طريق حكيمة –امرأة – قصة غيبة المهدي . والعجب أن الشيعة الإمامية لا تقبل ولا تؤمن بالرويات إلا عن طريق المعصوم ، فكيف قبلت هذه الرواية التي تقوم عليها عقيدة الغيبة من طريق امرأة !! . ومبدأ غيبته تضاربت فيها الروايات، فرواية قالت إنه غاب بعد ثلاث من مولده، ورواية بعد سبعة أيام من مولده، والرواية السابقة أنها رأته بعد أربعين يوماً وهو يمشي ، وروايات أخرى أن حكيمة تزوره كل أربعين يوماً [انظر : الغيبة للطوسي : ص 142-144] .

ولقد حاولت الشيعة الإمامية معرفة مكان المهدي الغائب، ولكن الباب –الذي له صلة به – أخرج توقيعاً سرياً ينسب للمهدي يقول فيه : (.. إن عرفوا المكان دلوا عليه )[أصول الكافي: 1/333] ، واختلفت بعد الروايات في تحديد مكانه، فرواية تشير إلى أنه في مكان ما في طيبة [أصول الكافي : 1/333]، ورواية تشير إلى أنه مختبئ في جبل رضوى [الغيبة : ص103، ] ، ورواية أنه مختفي في بعض وديان مكة [تفسير العياشي : 2/56]، وأما أدعيتهم ومقامات زياراتهم للقبور ففيها بيان أنه في سرداب بسامراء [انظر: علي بن طاووس/مصباح الزائر ص 229] . وأما سبب اختفائه هو خوفه وعدم الأمن على نفسه، وسوف يظهر عند الأمن وينتصر للشيعة من الظلمة ، ويحكم في الأرض بالعدل ...

قلت : لا زال كثير من الشيعة يؤمنون إلى الآن بعودة مهديهم ، ويجتمعون عند السرداب يناجون مهديهم الغائب ويناشدونه بالخروج والانتصار لهم من الظلمة !، ولهم في ذلك أدعية كثيرة يطول سردها، حتى أن هذا الأمر أصبح بعد مثار سخرية الناس وتعييرهم بذلك حتى قال القائل:

ما آن للسرداب أن يلد الذي ........ كلمتموه بجهلكم ما آنا

فعلى عقولكم العفا فإنكم ...... ثلثتم العنقاء والغيلانا [انظر: الصواعق المحرقة ص 168].

وأما مدة غيبته فالرويات متضاربة كالعادة، قيل ستة أيام، وقيل ستة أشهر، وقيل ست سنين [انظر: أصول الكافي : 1/338] . ثم وقت بسبعين سنة ، ثم ما ئة وأربعين ، ثم لما طالت الغيبة جعل ظهوره إلى أمد .. [انظر: الغيبة للطوسي : ص263، والغيبة للنعماني: ص197] . وجاءت أخبار تكذب بالتوقيت وأنه لم يوقت لخروجه بشيء كالرواية التي تقول : (كذب الوقاتون إنا أهل بيت لا نوقت )[أصول الكافي : 1/368] .

قلت : هكذا تتضارب الأخبار ويعيش الشيعي الإمامي في حيرة واضطراب، وأماني خادعة، وسراب لا ينقشع . وهنا تكمن عدة أسئلة . لماذا لم يخرج المهدي إلى الآن مع كثرة الروايات التي حددت خروجه؟ . ثانياً : ما ذا يمنع المهدي المنتظر من الخروج وقد أمن الشيعة وكان لهم سطوة وقوة في عهد الدولة الصفوية، وكذلك لماذا لا يظهر الآن وعدد الشيعة الإمامية الآن يقارب ستين مليوناً إن لم يكن أكثر ؟ [التشيع والشيعة : ص42] .

وهكذا فإن هذه العقيدة، عقيدة الإيمان بالمهدي المنتظر الغائب، كادت تودي بالشيعة الإمامية، وتقض عروشهم، ولكن صناعة الأحاديث والرويات التي تشد من أزرهم وتصبرهم، حالت دون وقوع ذلك، ومع ذلك فإنه ما زالت الشكوك تحيط بهذه العقيدة، وتثير ألف سؤال وسؤال عند طالبي الحق من الشيعة الإمامية ، وأما الذين سلموا عقولهم لمشايخهم وآياتهم فهم في غيهم يترددون .

ث- دفاع الشيعة الإمامية عن طول أمد الغيبة .

تحاول الشيعة الإمامية أن تبرهن للناس ولشيعتهم قبل، أن إمامهم المنتظر الغائب منذ أحد عشر قرناً سيعود، وأن غيبته لها نظائر، وهناك دلائل على صحة الغيبة ! .

ويلجم الشيعة الإمامية حديث في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في آخر عمره : (أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد) . وهذا نص قاطع في زوال من كان حياً في ذاك العصر ولو لسنة واحدة فإنه لا يبقى أكثر من مائة سنة .

ولكن للشيعة الإمامية تعلق بأشباه أدلة يذكرونها كمستند لهم وهي دليل عليهم . حيث يشبهون أعمار الأئمة والقائم المنتظر ببعض الأنبياء كنوح الذي عمر الف سنة إلا خمسين عاماً، فيذكرون أن علياً بن الحسين قال : (في القائم سنة من نوح عليه السملا وهو طول العمر )[إكمال الدين ص 488] .

قلت : أوردوا هذه المقارنة حتى يبعثوا الأمل في أنفس الشيعة الإمامية، وحتى يخصموا الخصوم، وهم مخصومون ومجوجون في ذلك، فإن زمن نوح عليه السلام ليس كزماننا، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن أعمار أمته ما بين الستين إلى السبعين وقليل من يجاوز ذلك . فإن قيل المهدي عمر كعمر نوح أو سيعمر عمر نوح فقد كذبنا بقول نبينا صلى الله عليه وسلم ، ولا ندع كلام خير البرية ، لرواية لا يدرى خطامها من زمامها .

ثانياً: استشهدوا ببقاء عيسى عليه السلام ، والخضر وإلياس، بل عقدوا المقارنة حتى مع أبليس !.

قلت : لا مستمك لهم بذلك فإن عيسى عليه السلام، وإبليس عليه لعائن الله المتتابعة ، قد قضى الله فيهم في كتابه ، وعلم أمرهما ، وأما الخضر وإلياس فقصة بقائه أنكرها كثير من العلماء ومستندهم في ذلك ما سقناه قبل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتمسك ببقائه إلا الصوفية ، ولهم في ذلك مآرب . والصحيح أنهما ماتا .

وحاول بعض مشايخ الشيعة المعاصرين أن يقرب هذه الغيبة إلى الفهم ومخاطبة الناس بلغة العصر يقول المظفر : (وطول الحياة أكثر من العمر الطبيعي أو الذي يتخيل أنه العمر الطبيعي لا يمنع منه الطب ولا يحيلها ، غير أن الطب بعد لم يتوصل إلى ما يمكنه من تعميره حياة الإنسان ، وإذا عجز عنه الطب فإن الله قادر على كل شي ) [عقائد الإمامية ص 108].

قلت: لا يمكن العلم الحديث أن يخالف النقل الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم البتة، وكلام المظفر ما هو إلا إضفاء للشرعية على عقيدة الغيبة، وإيهام العوام بأن ذلك الأمر لا يحيله الطب ! . ونحن نقول لا تحيلنا على مجهول .

ويستدل محمد حسين آل كاشف الغطا: (بأن أكابر فلاسفة الغرب قالوا: بإمكان الخلود في الدنيا للإنسان ) [أصل الشيعة ص 70] .

قلت : قال الشيخ ناصر القفاري : هذه مقالة شيعية اعتزالية، مبنية على مذهب المعتزلة الذين يقولون بأن القاتل قد قطع على المقتول أجله، وهي مقالة مخالفة لما ثبت في الكتاب والسنة، بأن كل من مات فقد استكمل أجله .

ونختم بقول علي الرضا ، كما ورد في رجال الكشي : أن علياً الرضا قيل له إن قوماً وقفوا على أبيك ويزعمون أنه لم يمت قال: ( كذبوا وهم كفار بما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم ، ولو كان الله يمد في أجل أحد ، لمد في أجل رسول الله صلى الله عليه وآله ) [رجال الكشي : ص458] .

ج- المهدي بعد عودته المزعومة .

بسم الله المبديء المعيد .

المطلع على الرويات التي تخص عودة المهدي المنتظر، يرى فيها أموراً يستشف منها خبايا صدور الشيعة الإمامية، ولا نقول هذا القول تخرصاً وعصبيةً ، بل هي الرويات كما سنذكرها :

فمن الرويات ما جاء الاعتقادات لابن بابويه، حيث يذكر عن الصادق أنه قال : (إن الله آخى بين الأرواح في الأظلة ، قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام ، فلو قد قام قائمنا أهل البيت، أورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة، ولم يرث الأخ من الولادة )[الاعتقادات : ص83].

قلت: مما يظهر من الرواية التعصب المقيت للشيعة، حيث أنها تركت العلاقة الظاهرة هي علاقة النسب، إلى علاقة الأظلة .

ومن الرويات : ما جاء في بحار الأنوار أن قائمهم لا يأخذ الجزية ولا يقبلها : (ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ) [بحار الأنوار: 52/349] .

قلت : عدم قبول مهديهم المزعوم للجزية دائر بين ثلاثة أمور :

الأول : رفضه لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا كفر وزندقة .

الثاني: نقمته على ما سبق من أخذ الجزية من مجوس هجر ، ومن أهل الكتاب، لكون واضعي روايات الشيعة لا تسلم من أيدي يهودية أو مجوسية . فعبد الله بن سبأ رأس الطائفة يهودي أسلم ظاهراً وبقي على يهوديته في الباطن .

الثالث: تشبهاً بعيسى عليه السلام عند نزوله، فهو لا يقبل الجزية إما الإسلام أو القتل .

ومن الرويات :

أن القائم المنتظر إذا عاد فإنه يحكم بحكم آل داود ! ، فقد جاء في الكافي وغيره : (قال أبو عبد الله : إذا قام قائم آل محمد حكم بين الناس بحكم داود عليه السلام ولا يحتاج إلى بينة ) [المفيد/ الإرشاد ص 413، الطبرسي / أعلام الورى : ص433].

قلت: الله ختم بمحمد صلى الله عليه وسلم الشرائع السابقة، والحكم بشريعة منسوخة ردة عن دين الإسلام .

ثانياً : هذه الرواية تقرر ماقلنا سابقاً أن الأيدي اليهودية تلاعبت كثيراً بكتب الشيعة، فنكاد نجزم بأن واضع هذه الرواية يهودي، وإلا فلما فُضل داود على غيره من الرسل ! .

ومن الرويات:

أن مهديهم إذا عاد يهدم المسجد الحرام ويرده إلى أساسه، ويتجه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يكسر الحائط الذي على القبر : ثم يخرج أبا بكر وعمر رضي الله عنهما غضين طريين ثم يعلنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرقهما ثم يذريهما في الريح [انظر بحار الأنوار: 52/368] . وعند ابن بابويه : (وهذا القائم … هو الذي يشفي قلوب شيعتنا من الظالمين والجاحدين والكافرين ، فيخرج اللات والعزى (أي أبي بكر وعمر ) طريين فيحرقهما) [عيون أخبار الرضا: 1/58، وبحار الأنوار: 52/379] .

قلت : رضي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينالا شرف جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بينهم علي والحسن والحسين، ولم ترضى الشيعة بذلك، بل نالا منهم كل أذى . وليس بضارهما ذلك شيئا بل هو أعظم لأجرهما، وكما قيل : انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا ينقطع عنهم الأجر ، أو كلمة نحوها .

ومن روياتهم :

أن العرب موعودين بالاستئصال على يد قائمهم ، فيروي النعماني في الغيبة : (عن الحارث بن المغيرة وذريح المحاربي قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح) [الغيبة : ص 155، وبحار الأنوار: 52/349] .وأما العرب من الشيعة فإنهم سيمحصون ولا يبقى إلا القليل .

قلت : العدواة للعرب وتخصيص القتل بهم ، لتدل على مدى الحقد الدفين على جنس العرب، وإلا فإن الواجب هو استئصال غير الشيعة ، سواء عربي أو غير عربي، أما وقد خصص بجنس العرب، لهو دلالة على حقد واضع هذه الرويات .

ومن الرويات ونختم بها : أن عائشة أم المؤمنين تبعث من قبرها ويقام عليها الحد !! ؟ ،فتنص أساطيرهم كما في بحار الأنوار:[ 52/314-315] أن أبا جعفر-زعموا- يقول: أما لو قام قائمنا لقد ردت إليه الحميراء [لقب لعائشة]، حتى يجلدها الحد .. إلخ .

قلت : الله الموعد، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

وبهذا نختم هذا المبحث ، ولقد تركنا كثيراً من الجزئيات خوفا من إملال القاريء، والله المستعان .


عقيدة الرجعة عند الشيعة الإمامية

بسم الله ، إليه المعاد والمرجع .

الرجعة عند الشيعة الإمامية تعني ، العودة بعد الموت . وهي من أصول المذهب الشيعي الاثني عشري، يقول ابن بابويه في الاعتقادات [ص90]: (واعتقادنا في الرجعة أنها حق )، وقال المفيد: (واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات )[أوائل المقالات: ص51] .

قلت : هذا الأمر الذي اتفقت عليه الشيعة الإمامية مخالفة صريحة للكتاب والسنة التي نصتا على أن من قضى نحبه وانتهى أجله أنه لا يعود مرة أخرى حتى يبعث الناس من قبورهم يوم القيامة . كقوله تعالى : {قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت . كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}. وقوله تعالى : {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } صريح في أن الناس بعد موتهم يمكثون في البرزخ حتى تقوم الساعة .

وجنوح الشيعة الإمامية لتأصيل هذه العقيدة وبثها في نفوس الشيعة، من باب تصبير الشيعة وتثبيتهم على معتقدهم، لما يرون من حالات الضعف والمهانة التي لقوها من الناس عبر التاريخ، وهي تبعث الأمل لدى الشيعة الإمامية بأن هناك يوماً ما سينتقم فيه الشيعة الإمامية من أعدائهم، وتكون الغلبة لهم .

وفي باديء الأمر كان المعتقد في الرجعة هو عودة الإمام ورجعته وهذا ما ذهبت إليه السبئية والكيسانية، ولكن الاثني عشرية لم تقصره على الأئمة؛ بل جعلته عامة للإمام والناس . وقد رصد الأولوسي وأحمد أمين هذا التحول وحددوه بالقرن الثالث الهجري [روح المعاني: 20/27، ضحى الإسلام : 3/237] .

ولذلك قسم الشيعة الإمامية رجوع الناس بعد الموت إلى ثلاثة أصناف :

الأول : رجوع المهدي أو خروجه من مخبئه، وكذلك رجوع الأئمة بعد موتهم .

الثاني: رجوع خلفاء المسلمين الذين اغتصبوا الخلافة ! ، والاقتصاص منهم .

الثالث : رجوع أصحاب الإيمان المحض (وهم الشيعة الإمامية ومن تابعهم ) ، ورجوع أصحاب الكفر المحض (وهم جميع من لم يؤمن بمذهبهم ، وعلى رأسهم أهل السنة بلا شك)، ويستثنى من ذلك المستضعفين (وهم النساء، والبله، ومن لم تتم عليه الحجة كأصحاب الفترة… وهؤلاء عند الشيعة الإمامية مرجون لأمر الله إما يعذبهم أو يتوب عليهم [انظر بحار الأنوار: 8/363، والاعتقادات للمجلسي ص 100]) .

قلت : وهذا التقسيم يؤيد ما قلناه آنفاً : فبرجعة الأئمة يفرح الشيعة الإمامية بملاقاة أئمتهم وخصوصاً المهدي الذي طالما اشتاقت إليه نفوسهم، وبعودة الأئمة تكون الغلبة لهم والرفعة لهم . وبرجعة الخلفاء الذين اغتصبوا الخلافة، تطيب نفوسهم، وتشفى صدورهم بالانتقام ممن اغتصب الخلافة من علي وهم أبو بكر وعمر وعثمان –رضي الله عن الجميع-.

وفي رجعة المؤمنين (أي الشيعة الإمامية أهل الإيمان المحض ! )، والكافرين (وهم غير الشيعة الإمامية) تتمة لسرورهم برؤية أعدائهم وهم يعذبون وينكل بهم . فكان الأولى أن تسمى عقيدة التنكيل والانتقام بدلاً من عقيدة الرجعة، لأنها مبنية على الانتقام والتشفي. ويدل لذلك ما رواه في بحار الأنوار [53/40] أن أبا عبد الله قال : (كأني بحمران بن أعين، وميسر ابن عبد العزيز، يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة !) .



وأما زمن الرجعة فمنهم من خصها بزمن قيام المهدي [انظر أوائل المقالات للمفيد ص95]، ومنهم من أبى ذلك وقال الرجعة غير الظهور، فالإمام الغائب حي وسيظهر، والرجوع غير الظهور . ومنهم من قال بأن مبدأ الرجعة يكون عند رجوع الحسين بن علي –رضي الله عنهما-، ف : (أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا، الحسين بن علي عليه السلام ) [بحار الأنوار: 53/39] . وبعض الرويات حددت الرجعة بهدم الحجرة النبوية وإخراج جسد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . ففي بحار الأنوار [53/104-105] أن منتظرهم يقول : (وأجيء إلى يثرب، فأهدم الحجرة، وأخرج من بها وهما طريان، فآمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما، فتورقان من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشد من الأول، فينادي منادي الفتنة من السماء: ياسماء انبذي، ويا أرض خذي، فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلا مؤمن [أي شيعي]ثم يكون بعد ذلك الكرة والرجعة ) .



-والأحداث التي تصاحب الرجعة كثيرة وغريبة : فالأنبياء والرسل يكونون جنداً لعلي بن أبي طالب ! ، فتقول روياتهم : (لم يبعث ا لله بنبياً ولا رسولاً إلا رد جميعهم إلى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ) [بحار الأنوار : 53/41] . قلت : صفوة الخلق، ورسل الله إلى خلقه يكونون جنداً لعلي بن أبي طالب ! . اللهم نبرأ إليك مما يقولون .

- وفي الرجعة يخير الشيعي بين المقام في قبره مكرماً وبين الرجعة !، ويقال له : (يا فلان هذا إنه قد ظهر صاحبك فإن تشأ أن تلحق به فالحق وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم ) [الغيبة للطوسي ص 276، وبحار الأنوار : 53/92] .



قلت : ومع هذا فالشيعة الإمامية تتقي وتنكر أن يكون الرجعة من مذهبها وعقيدتها، فقد جاء في بعض كتب الشيعة عن أبي جعفر قال : ( لا تقولوا الجبت والطاغوت، ولا تقولوا الرجعة، فإن قالوا لكم فإنكم قد كنتم تقولون ذلك فقولوا: أما اليوم فلا نقول ) [بحار الأنوار: 53/39] . ويروون أن الصادق قال : ( لا تقولوا الجبت والطاغوت، وتقولوا الرجعة ، فإن قالوا : قد كنتم تقولون ؟ قولوا: الآن لا نقول: وهذا من باب التقية التي تعبد الله بها عبادة في زمن الأوصياء )


عقيدة الظهور عند الشيعة الإمامية

بسم الله

يعتقد بعض الناس أن عقيدة الرجعة عند الشيعة الإمامية هي عقيدة الظهور، وهو ليس كذلك، فعقيدة الظهور تعني أن يظهر الإمام أو غيره بعد موته لأناس معينين، ولذا فقد بوب المجلسي في بحار الأنوار ، باب : أنهم يظهرون [أي الأئمة] بع موتهم، ويظهر منهم الغرائب [بحار الأنوار: 27/303] . وهذا الظهور خاضع لإرادة الإمام فمتى أراد أن يظهر ظهر . فتذكر كتب الشيعة أن أبا الحسن الرضا كان يقابل أباه بعد موته ، ويتلقى وصاياه وأقواله [بحار الأنوار: 27/303، وبصائر الدرجات : ص 78] . ويزعمون أن رجلاً من شيعتهم دخل على أبي عبد الله فقاله له : تشتهي أن ترى أبا جعفر (أي بعد موتته) ؟ قال : فقلت : نعم ، قال: قم فادخل البيت، فدخلت فإذا هو أبو جعفر ) [بحار الأنوار: 27/303] .

وزعموا أن أبا عبد الله قال : أتى قوم من الشيعة الحسن بن علي عليه السلام بعد مقتل أمير المؤمنين عليه السلام، فسألوه فقال: تعرفون أمير المؤمنين إذا رأيتموه ؟ قالوا: نعم ، قال: فارفعوا الستر فرفعوه ، فإذا هم بأمير المؤمنين عليه السلام لا ينكرونه . [المصدر السابق ] .

ولا يقتصر الظهور بالأئمة، بل حتى أعداء الشيعة يظهرون لهم وينتقمون منهم !! ، فيزعمون –كما يفترون- أن محمد الباقر قام يرمي خمسة حجارة في غير موضع رمي الجمار، ولما قيل له في ذلك قال : (إذا كان كل موسم أخرجا الفاسقين الغاصبين [يريدون بذلك أبا بكر وعمر رضي الله عنهما –ومعاذ الله أن يكونا كذلك -] ثم يفرق بينهما ههنا لا يراهما إلا إمام عدل، فرميت الأول اثنتين، والآخر ثلاثة، لأن الآخر أخبث من الأول )[بحار الأنوار : 27/305، وبصائر الدرجات : ص 82] .

قلت : رويات الشيعة في هذا الباب أعني عقيدة الظهور، لا عاضد لها لا من نقل صحيح، ولا عقل صريح، وهي تتمة لسلسلة الرويات التي ينسجها الشيعة لشد الشيعة الإمامية إلى مذهبهم ، والثبات عليه، وتعليقهم بأماني كاذبة خادعة . وإلا فمن مات في الدنيا لا يعود حتى يبعث الله من في القبور لا من نبي مرسل، ولا إمام معظم، فالكل في دار البرزخ إما منعم، أو معذب حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

والله يهدي من يشاء إلى صراطه المستقيم .


عقيدة البداء عند الشيعة الإمامية

بسم الله الخلاق العليم .

البداء عند الشيعة الإمامية هو بمعنى نشأة الرأي الجديد، أو ظهور رأي آخر غير الأول، ويعنون بذلك أن الله قد يظهر له رآي آخر أو أمر آخر غير الأول . وسوف نتكلم عن فساد هذا المعتقد بعد أن نذكر مكانة هذه العقيدة عند الشيعة الإمامية .

فالبداء تعده الشيعة الإمامية من أصولها التي لا بد من الإيمان والإقرار بها . فمما جاء فيه : (ما عبد الله بشيء مثل البداء) [أصول الكافي : 1/146، والتوحيد لابن بابويه: ص 332] . وقالوا: (ما عظم الله عز وجل بمثل البداء ) [أصول الكافي: 1/146، والتوحيد لابن بابويه: ص 333 ] . وقالوا : (ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا من الكلام فيه ) [أصول الكافي : 1/148، التوحيد لابن بابويه : ص 334، وبحار الأنوار : 4/108]، وقالوا : ( ما بعث الله نبياً قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء ) [نفس المصدر السابق ] .

ويتضح من سياق الرويات أن البداء عند الشيعة الإمامية جزء لا يتجزأ من توحيد الله، وهذا مالم نره في كتاب ربنا ، ولم نرى له ذكراً على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المبلغ عن ربه، وخفاء عقيدة كهذه فيه إتهام للنبي صلى الله عليه وسلم بعدم تبليغ رسالة ربه ! وهذا محال . وكون الشيعة الإمامية اختصت من دون الناس بمعرفة هذه العقيدة فيه إجحاف بأمم عظيمة لا يعلم قدرها إلا الله، وشريعة الله ليست خاصة بأمة ولا بنحلة، فليتنبه لهذا . {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ..}الآية . فقال يا أيها الناس الدالة على أن دعوته تعم كل الناس .

وأعظم مما سبق أن البداء فيه نسبة الجهل إلى الله وأنه لا يعلم حقيقة الأمور ومآلها –تعالى الخلاق العليم عن ذلك-، والله يعلم ما كان وما يكون وما سيكون أن لو كان كيف يكون . فكيف يستجيز عاقل لنفسه أن يؤمن بهذه العقيدة التي تنسب الجهل إلى ربه ! ؟ . اللهم غفراً


ولعل سائلاً يقول: ما غرض الشيعة الإمامية من إحداث هذه العقيدة، ونشرها بين الناس ؟

والجواب : أن من عقيدة الشيعة الإمامية أن أئمتهم يعلمون الغيب، ويعلمون ما كان وما سيكون ، وأنهم لا يخفى عليهم شيء ! . فإذا أخبر أئمتهم بأمر مستقبل وجاء الأمر على خلاف ما قالوا ، فإما أن يكذبوا بالأمر وهذا محال لوقوعه بين الناس، وإما أن يكذبوا أئمتهم وينسبوا الخطأ إليهم ، وهذا ينسف عقيدتهم التي أصلوها فيهم من علمهم للغيب .

فكان أن أحدثوا عقيدة البداء . فإذا وقع الأمر على خلاف ما قاله الإمام قالوا: بد لله كذا ، أي أن الله قد غير أمره .

ولكن الشيعة الإمامية وقعت في شر أعمالها، فهي أرادت أن تنزه إمامها عن الخلف في الوعد وعن الكذب في الحديث، فاتهمت ربها من حيث تشعر أو لا تشعر بالجهل ! .

فقد جاء في البحار عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام : ( يا أبا حمزة إن حدثناك عن بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا، فإن الله يصنع ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غداً بخلافه فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت ) [بحار الأنوار: 4/119، وتفسير العياشي : 2/217] .

قلت : هذه رويات نسجوها على لسان أبي جعفر وأبي عبد الله وهما منها براء . والمقصد بيناه آنفاً . ولقد كان بعض شيوخ الشيعة الإمامية في إحدى الفترات يمنون شيعتهم بأن الأمر سيعود إليهم والغلبة ستكون لهم ولدولتهم بعد سبعين سنة، ولما انقضت تلك المدة ولما يتحقق من ذلك شيء ، لجاءوا إلى البداء وقالوا قد بدا لله سبحانه ! . [انظر: تفسير العياشي : 2/218، والغيبة للطوسي : ص263] .

ثم لما رأت الشيعة الإمامية ممثلة في مشايخها أن هذه العقيدة قد تجلب الشناعة على مذهبهم، نسجوا رويات أخرى تحدث أن البداء قد منع الأئمة من التحديث بما سيكون من الأمور المستقبلة . فهاهم يزعمون أن علي بن الحسين يقول : (لولا البداء لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة ) [تفسير العياشي : 2/215، وبحار الأنوار : 4/118] . إذا المانع للأئمة من التحديث بأخبار الغيب هو خوفهم من أن يبدوا لله أمراً آخر بخلاف ما حدثوا به ! . وهذا كله مهرب من التحديث بأمر لا يعلمه إلا الله، وهو علم الغيب الذي أخبر الله في مواضع كثيرة من كتابه أن الغيب لا يعلمه إلا هو . فما للشيعة لا يفقهون حديثاً.

ثمة أمر لابد من الإشارة إليه وهو يقطع الطريق على الشيعة الإمامية وهو أن بعض مشايخة الشيعة الإمامية قد يوهم الناس بأن البداء كالنسخ الذي أخبر الله عنه في كتابه أو أنه هو . وليس كذلك، فالنسخ ليس هو ظهور أمر جديد لله ، بل الله عالم بالأمر المنسوخ والأمر الناسخ ، ولكن الله يأمر بأمر في وقت من الأوقات يناسب الحال وقت ذاك ، ثم ينسخه بأمر معلوم عنده في الأزل . أما البداء فهو أن الله يظهر له أمر جديد لم يكن يعلمه في السابق، وبين النسخ والبداء كما بين السماء والأرض، وأين هذا من هذا ؟ .


قاصمة :

جاء في التوراة : ( فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الأرض .... فندم الرب خلقه الإنسان على الأرض وتنكد بقلبه ، وقال الرب: لأمحون الإنسان الذي خلقته على وجه الأرض ) [سفر التكوين ، الفصل السادس، فقرة : 5] وتكرر هذا المعنى في التوراة . وهذا هو البداء بعينه .

والسؤال : هل مؤسس الطائفة الشيعية ابن سبأ قد أخذه هذه العقيدة من اليهود وأشاعها في الشيعة ؟ ويكفي في الإجابة أن تعلم ، أن فرق السبأية ( كلهم يقولون بالبداء وأن الله تبدوا له البداوات ) [انظر: الملطي/ التنبيه والرد ص 19] .


عقيدة الطينة عند الشيعة الإمامية


بسم الله الرحمن الرحيم

{ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء : 15] .

عقيدة الطينة من العقائد التي تواصى أرباب العلم في البيت الشيعي على كتمانها وإخفائها على عوامهم، لأنهم يخشون من عاقبة وبالها عليهم . والشيعي لو اطلع على هذه العقيدة ل ( تعمد أفعال الكفار لحصول اللذة الدنيوية، ولعلمه بأن وبالها الأخروي إنما هو على غيره ) [الأنوار النعمانية : 1/295] .


وملخص هذه العقيدة كما ذكرها الشيخ القفاري-حفظه الله - : (أن الشيعي خلق من طينة خاصة والسني خلق من طينة أخرى ، وجرى المزج بين الطينتين بوجه معين، فما في الشيعي من معاصي وجرائم هو من تأثره بطينة السني، وما في السني من صلاح وأمانة هو بسبب تأثره بطينة الشيعي ، فإذا كان يوم القيامة فإن سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة، وحسنات أهل السنة تعطى للشيعة ) [أصول مذهب الشيعة الإمامية : 2/956] .


ولم يوافق على هذه العقيدة بعض عقلاء الشيعة المتقدمين، وأنكروها وقالوا ما وجد في كتب الشيعة من أخبارها، إنما هي أخبار آحاد تخالف الكتاب والسنة والإجماع فيجب ردها [انظر: الأنوار النعمانية : 1/293] . ولكن شيخهم نعمة الله الجزائري أبى ذلك وقال بأن النصوص قد استفاضت واشتهرت ولم يبقى مجال للإنكارها والحكم عليها بأنها أخبار آحاد [انظر: الأنوار النعمانية : 1/293] .

وهذه العقيدة مذكورة في أهم كتب الشيعة ، فقد بوب الكليني في كافيه بقوله : باب . طينة المؤمن وطينة الكافر . وأدرج تحته سبعة أحاديث [انظر : أصول الكافي : 2/2-6]. وعقد المجلسي في بحار الأنوار باباً وعنونه ب : باب الطينة والميثاق . وأدرج تحته سبعة وستين حديثاً [بحار الأنوار : 5/225-276] . ولذلك فإن منكر هذه العقيدة من الشيعة الإمامية إما مكذب بكتب شيعته أو متقي ، فهما أمران أحلاهما مر ! .

بقي أن يقال ما سبب ظهور هذه العقيدة ؟ والجواب: أن كثرة الشكاوي من بعض الشيعة الإمامية لما يجدونه من الموبقات التي يرتكبها كثير من الشيعة، وفي المقابل كثرة الأعمال الصالحة والحسنات التي يعملها أهل السنة، أوجد لديهم شكوك حيال شيعتهم ، فكان منهم أن أحدثوا القول بالطينة لأجل تسكين ما في قلوبهم من شك وحيرة ! .

ويتضح الأمر بالرواية التالية :

يقول أسحاق القمي لأبي جعفر : (جعلت فداك أرى المؤمن الموحد [أي الشيعي] الذي يقول بقولي، ويدين الله بولايتكم ، وليس بيني وبينه خلاف، يشرب السكر، ويزني،ويلوط، وآتيه في حاجة واحدة فأصيبه معبس الوجه، كالح اللون، ثقيلاً في حاجتي ، بطيئاً فيها، وقد أرى الناصب المخالف لما أنا عليه، ويعرفني بذلك [أي يعرف أنني شيعي]، فآتيه في حاجة، فأصيبه طلق الوجه، حسن البشر، متسرعاً في قضاء حاجتي، فرحاً بها، يحب قضاءها، كثير الصلاة، كثير الصوم، كثير الصدقة، يؤدي الزكاة، ويُستودع فيؤدي الأمانة ) [علل الشرائع لابن بابويه : ص 489-490، وبحار الأنوار: 5/246-247] .

ولقد أجاب مشايخ الشيعة عن هذه الشكوك والحيرة التي انتبابت بعض شيعتهم برويات فحواها أن الله في الأزل جمع بين طينة الشيعة –وهي غير طينة الأئمة- وطينة أهل السنة ، فما كان من حسنات وخير عند أهل السنة فسبب طينة الشيعة ، وما كان من فجور وشر عند الشيعة فهو من جراء طينة أهل السنة .يقول أبو جعفر -زعموا- لأبي اسحاق القمي : ثم إذا كان ( يوم القيامة نزع الله عز وجل مسحة الإيمان منهم [أي من أهل السنة] فردها إلى شيعتنا، ونزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيئات فردها على أعدائنا، وعاد كل شيء إلى عنصره الأول ... قلت : جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد إلينا؟ وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم؟ قال : إي والله الذي لاإله إلا هو ) [علل الشرائع لابن بابويه : ص 489-490، وبحار الأنوار: 5/246-247] .

قلت: عقيدة الطينة مخالفة للكتاب والسنة والإجماع ، التي تخبر أن الإنسان لا يحمل وزر غيره، إلا إذا كان محدثاً فعليه آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شي، ولا يكسب الإنسان حسنات غيره إلا إذا سن في الإسلام سنة حسنة فله مثل حسناتهم لا ينقص ذلك من حسناتهم شيء . والقول بمقالة الشيعة هذه ، فيه اجتراء على الله ونسب الظلم إليه، فالعدل سبحانه لا يظلم الناس شيئاً ، ولا يبخس العامل عمله . والله الهادي .

الخاتمة .


بسم الله ذي الفضل والمن .

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين، محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم الدين .

فإن منحة الباري علينا أن وفقنا لبيان بعض مايعتقده الشيعة الإمامية تجاه ربها وكتابه وانبيائه والمسلمين . وقد كتبنا ما يسره لنا مولانا، نصحاً للأمة، وتنبيهاَ للشيعة بما عندهم من المخالفات في العقيدة والتي تضاد أصول الشريعة .

فنسأل مولانا الجليل أن يصلح نياتنا، وأن يهدي ضال أمة الإسلام إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


وكتبه :

فؤاد بن عبد العزيز الشلهوب