عرض مشاركة واحدة
قديم 05-06-03, 05:25 PM   رقم المشاركة : 4
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


أخي الكريم السعدي 2: بارك الله فيك وسددك .

أخي المنهج : بارك الله فيك .


-------------------------------------------

القاعدة الثانية: أنّهم يقولون: ما دعوناهم وتوجّهنا إليهم إلا لطلب القُرْبة والشفاعة، فدليل القُربة قوله تعالى((1;وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ&)

;[الزمر:3].

ودليل الشفاعة قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾[يونس:18]، والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفيّة وشفاعة مثبَتة:

فالشفاعة المنفيّة ما كانت تٌطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلاّ الله، والدليل: قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ﴾[البقرة:254].

والشفاعة المثبَتة هي: التي تُطلب من الله، والشّافع مُكْرَمٌ بالشفاعة، والمشفوع له: من رضيَ اللهُ قوله وعمله بعد الإذن كما قال تعالى: ((;مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ));[البقرة:255].


----------------------------------------------------------------------



قال الشيخ العلامة الفوزان حفظه الله :

هذه القاعدة الثانية في بيان حال المشركين في عبادتهم؛ عبدوا آلهة مع الله جل وعلا ومن دونه، ماذا يقصدون بهذه العبادة؟ هل يقولون هي آلهة استقلالية؟ أم أنها وسائط؟

هذه القاعدة أفادت: بأنهم إنما كانوا يعبدون الله جل وعلا على جهة الوساطة، على جهة القربة، أو على جهة الشفاعة، يعني يقولون إن آلهتهم الباطلة تقربهم إلى الله، أو ترفع حوائجهم إلى الله، أو يقولون إنها تشفع لهم عند الله جل وعلا، يعني أن مشركي العرب لم يكونوا يطلبون من الآلهة استقلالا، وإنما كانوا يطلبون من الآلهة على وجه الوساطة، وهذه الوساطة من جهة القربة، ومن جهة الزلفى، والجهة الثانية جهة الشفاعة كما ذكر رحمه الله

قال (فدليل القُربة قوله تعالى ((;وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى))

;[الزمر:3]) قال (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) يعني آلهة, ما نعبدهم, يعني يقولون (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا)، وهذا حصر، ويسمى عند علماء البلاغة حصر القلب إضافي، (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) يعني ما نعبدهم لعلة من العلل إلا لأجل التقريب، فهم حصروا ما أرادوا في القربة من الله جل وعلا، فهم أرادوا ما عند الله جل وعلا، فإذن حين توجهوا إلى هذه الآلهة الباطلة، أرادوا ما عند الله، ولم يطلبوا منها استقلالا، وإنما أرادوها؛ زلفى وقربة إلى الله جل وعلا قال: ((;وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى));[الزمر:3] فأرادوا بذلك القربة.

ودليل الشفاعة قوله جل وعلا ((;وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ))

;[يونس:18]الآية, والشفاعة أن يطلبوا من الله جل وعلا لهم الحوائج؛ لأن معنى الشفاعة أن يضم المطلوب منه طلبه إلى الطالب فيرفعه إلى من عنده الأمر، هذا معنى الشفاعة فيقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فيعني يكونون طالبين لنا ما نريد, والله جل وعلا لا يردُّ شفاعتهم؛ لأنهم مقربون عنده،

وأصل شرك العالَم كان في جميع الفئات والطوائف كان على أحد جهتين:

1) أما الجهة الأولى، الشرك بالاعتقاد بروحانيات الكواكب، كما كان شرك قوم إبراهيم عليه السلام؛ فإن إبراهيم أتى إلى قومه يعبدون الأصنام التي هي مصوّرة على صور روحانية الكواكب؛ الكواكب الخاصة التي يعتقدون أن لها تأثيرا في الملكوت، عبدوا الأصنام أو الأوثان؛ لأن أرواح تلك الكواكب تحِلّ فيها؛ الشياطين تحل في تلك الأصنام والأوثان وتخاطبهم،



وربما حصلت لهم بعض ما يريدون، فوقع الأمر بأن أشركوا، وزادوا في الشرك على اعتقاد أن الكواكب هي التي تفعل، وروحانية الكوكب هي التي تخاطب؛ قال جل وعلا ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ(75)فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي﴾[الأنعام:75-76

, والعلماء اختلفوا هل كان ناظرا أو مناظرا؟
والصحيح الذي يضعف غيرُه؛ أن إبراهيم عليه السلام كان في قوله (هَذَا رَبِّي) كان مناظرا لا ناظرا.


2)والنوع الثاني من أنواع الشرك؛ شرك قوم نوح عليه السلام، وهو الشرك من جهة الاعتقاد بروحانية وأرواح الصالحين؛ قال تعالى ((;وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا));[نوح:23]




فثبت في صحيح البخاري؛ في حديث عطاء عن ابن عباس أنَّه قال هذه أسماء رجال صالحين كانت في قوم نوح، ووقع الشرك بهؤلاء الرِّجال لأنهم صالحون، العرب ورثوا الشرك بالصالحين؛ فعبدوا أصناما متعددة، وأوثانا؛ عبدوا اللاّت؛ واللاّت كان مكان, كان قبرا تحل فيه روحانية ذاك كما يعتقدون، ومثّلوا عليه صنما فصاروا يعبدونه، وهي شياطين تتلاعب بهم، وكذلك العُزّى؛

والعزّى شجرة، ومَناة صخرة،

وكان عند الشجرة رجل صالح يتعبد،

وكان عند مَناة صالح يتعبد، وجعلوا الصالحين وأرواح الصالحين، والاعتقاد فيهم، وجَعل أولئك أولياء، جعلوا ذلك سببا لكي يرفع أولئك الحوائج لهم إلى الله جل وعلا.

إذا تأملت حال العرب، وجدت أن الشرك حصل من العرب، كما أراد الشيخ رحمه تقريره في هذه القاعدة الثانية؛ أن الشرك حصل من العرب في أناس -كما سيأتي- صالحين، أو أن الشرك وقع من آلهة لأجل طلب القربة والشفاعة، لا لأجل أن هذه مستقلة لها شيء من الربوبية، أو لها شيء من الألوهية الاستقلالية، لا، ولكن لها ألوهية على جهة السبب، تُعبد لكن على أنها واسطة وليست آلهة مستقلة، ولهذا قال جل وعلا((

;أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا))

;[ص:5], فإنهم يعتقدون وسائل على جهة القربة والشفاعة.

الشفاعة في الكتاب والسنة (النصوص) نوعان شفاعة منفية وشفاعة مثبتة:

·والشفاعة المنفية -كما ذكر الإمام رحمه الله- هي الشفاعة فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا؛ شفاعة في الآخرة ممن لا يملك ذلك, الشفاعة بمعنى طلب الدعاء؛ شفع يعني طلب، والشفاعة هي الطلب، والمطلوب منه إما أن يكون حيا حاضرا، وإما أن يكون ميتا؛ والحي الحاضر في الدنيا أو في عرصات القيامة جاءت الأدلة بجواز طلب الشفاعة منه، كما جاءت بذلك النصوص الكثيرة، أما الميّت فإنه ليس في دار أمل، وليس في دار طلب، وليس عند الله جل وعلا في المكان الذي يطلب فيعطى ما طَلَبَهُ، ولكن تطلب الشفاعة من الله جل وعلا، فالشفاعة المنفية هي التي نفاها الله جل وعلا في الكتاب كما في قوله جل وعلا ?مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ?[غافر:18], وكما قال ?وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ?[البقرة:254], وكما قال جل وعلا ?لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ?[الأنعام:51], ونحو ذلك من الآيات التي فيها نفي الشفاعة، هذه الشفاعة المنفية هي الشفاعة التي تكون من غير إذن الله، ولا رضاه، وتكون في طلبها ممن لم يُمكَّن من ذلك، طلب ذلك من ميت مهما كانت درجته، فإنه لم يُمكَّن من ذلك، لم يُمكَّن أن يطلب الشفاعة.

· ولهذا يكون طلب الشفاعة من الله جل وعلا، وهذه هي الشفاعة النافعة، الشفاعة المثبتة، وهذا استطراد من الشيخ رحمه الله، في بيان معنى الشفاعة الحقة، والرد على الذين تعلقوا بالشفاعة الباطلة، وتفصيلها معروف في موضعه من كتاب التوحيد، ومن كتب أهل السنة في الشفاعة.

مُلخّص ذلك أن الشفاعة المثبتة هي التي توفرت فيها الشروط الشرعية،

وأعظم هذه الشروط شرطا الإذن والرضا؛ الإذن للشافع أن يشفع، والرضا عن المشفوع له،

قال جل وعلا ((;وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى))

;[النجم:26], وقال سبحانه ((;مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ))

;[البقرة:255], وقال جل وعلا ((;وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ ارْتَضَى))
;[الأنبياء:28], وقال ﴿إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[الزخرف:76], فإذن الشفاعة المثبتة هي النافعة، لكن تنفع بشرطي الإذن والرضا، فالرضا عن الشافع، وأن يكون ممن شهد بالحق وهو يعلم، والرضا عن المشفوع له أن يكون من أهل التوحيد، ولهذا ثبت في الصحيح أن أبا هريرة t سأل النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله من أحق الناس بشفاعتك، أو قال من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة، قال: «لقد علمتُ أنه لن يسألني أحد قبلك، لما أعلم من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه» قال...... ( ) معنى قوله (أسعد الناس) يعني سعيد الناس، فأفعل التفضيل هنا ليست على بابها في المفاضلة، وإنما هي بمعنى فعل كقوله جل وعلا ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً﴾[الفرقان:24]، والنار ليس فيها مقيل حسن.



فإذن الشفاعة إنما هي لأهل الإخلاص، شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام، وشفاعة الملائكة، وشفاعة الصالحين، وشفاعة العلماء، يوم القيامة، إنما هي لأهل الإخلاص، وأهلُ الإخلاص يطلبونها من الله؛


فيقول المخلص: اللهم شفع فيّ رسولك صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، اللهم شفع فيّ ملائكتَك، اللهم شفع فيّ العلماءَ الصالحين، اللهم شفع فيّ عبادَك الذين تحبهم ويحبونك، ونحو ذلك من الألفاظ،

فتطلب الشفاعة من الله جل وعلا، ولا تطلب الشفاعة من المخلوق،

لما؟ لأن الشفاعة طلب؛ الشفاعة طلب الدعاء؛ إذا قال أستشفع، يعني أطلب منك الدعاء، أطلب منك رفع حاجتي، وإذا رجع أمر الشفاعة على الطلب صارت الشفاعة من أنواع الدعاء، فصارت دعوة غير الله شركا أكبر، لهذا نقول طلب الشفاعة من غير الله شرك أكبر، مما لا يقدر عليه إلا الله، يعني من الأموات ونحو ذلك فإن هذا شرك أكبر؛ لأنه دعاء والدعاء يجب أن يكون مخلصا فيه لله جل وعلا.




-----------------------------------------------

يتبع إن شـــــــــــــــــــــــاء الله .