عرض مشاركة واحدة
قديم 13-11-07, 12:58 PM   رقم المشاركة : 8
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road



الدليل الثالث :

قال المؤلف : (( 3- وعن سيدنا علي كرم الله وجهه: أن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما دفن فاطمة بنت أسد أم سيدنا علي رضي الله عنهما قال: اللهم بحقي وحق الأنبياء من قبلي اغفر لأمي بعد أمي )) [ ص 95 ] .

قلت : هذا الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط فقال : (( حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة قال حدثنا روح بن صلاح قال حدثنا سفيان الثوري عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك قال لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي دخل عليها رسول الله فجلس عند رأسها فقال رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي تجوعين وتشبعيني وتعرين وتكسونني وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة ثم أمر أن تغسل ثلاثا وثلاثا فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه عليها رسول الله بيده ثم خلع رسول الله قميصه فألبسها إياه وكفنت فوقه ثم دعا رسول الله أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاما أسود ليحفروا فحفروا قبرها فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله بيده وأخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه وقال الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين ثم كبر عليها أربعا ثم أدخلوها القبر هو والعباس وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلا سفيان الثوري تفرد به روح بن صلاح )) [ ص 67 – 68 / 1 ] وفي الكبير أيضا [ ص 351 / 24 ] .

وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني فقال : (( حدثنا سليمان بن احمد ثنا احمد بن حماد بن رغبة حدثنا روح بن صلاح أخبرنا سفيان عن عاصم عن أنس بن مالك قال لما ماتت فاطمة بنت أسد .... الحديث )) [ حلية الأولياء ص 121 / 3 ] .

لا اعلم لماذا يستدل المؤلف بهذا الحديث مع أن الهيثمي الذي عزا له قد ضعف أحد رجاله فقال : (( وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح )) [ ص 257/9 ] .

ولم يعرف الحفاظ هذا الحديث إلا من رواية روح بن صالح فقد قال الطبراني : ((لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلا سفيان الثوري تفرد به روح بن صلاح )) [ ص 68 /1 ] ، وقال أبو نعيم : (( غريب من حديث عاصم والثوري لم نكتبه إلا من حديث روح بن صلاح تفرد به )) [ ص 121/3 ].

وروح يقال له ابن سيابة . قال ابن عدي : (( وفي بعض حديثه نكرة )) [ الكامل ص 146/6 ] . والحديث نفسه أورد ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية وقال عقبه : (( تفرد به روح بن صلاح وهو في عداد المجهولين وقد ضعفه ابن عدي )) [ ص 269/1 ] ، وقال الدارقطني : (( ضعيف في الحديث )) [ لسان الميزان ص 465/2 ] ، قال الذهبي : (( واهٍ )) [ تلخيص العلل ص 91 ].

أما توثيق الحاكم ابن حبان له لا يعتد به إذا كان الراوي متكلم فيه ، لأنهما من المتساهلين في التوثيق ، وقد مر قول ابن تيمية في مسألة تصحيح الحاكم رحمه الله تعالى ، وعلى فرض أنهما من غير المتساهلين لا يقدم التوثيق على الجرح المفسر ، فروح جرح بأمرين الأول النكارة في الحديث وهذا جرح مفسر ، وكذلك بالجهالة كما مر عن ابن الجوزي .

تنبيه جعل المؤلف مخرج هذا الحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو وهم منه ، وكذلك لما كرر هذا المتن في [ ص 111 ] جعل مخرجه عن ابن عباس رضي الله عنه وهو كذلك وهم فهو من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه وكذلك المتن يختلف ولا أعلم هل وهم المؤلف في المتن أيضا أو هو تعمد تغيير المتن زيادة بالتعمية والتوميه .

وهذا الحديث ليس فيه دلالة على جواز الاستغاثة بغير الله عز وجل إنما التوسل بالذوات ، فالاستدلال به على جواز الاستغاثة بغير الله عز وجل تساهل من المؤلف ؛ هذا التساهل جاء من أنه لا يفرق بين التوسل والاستغاثة كما صرح في بداية المبحث .
الدليل الرابع :

قال المؤلف : (( وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه :كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا . قال: فيسقون وفي الحديث إثبات التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم وبيان جواز التوسل بغيره كالصالحين من آل البيت وغيرهم كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري )) [ ص 95 ]

قلت : هذا حديث صحيح ، وهذا الحديث دليل على عدم جواز التوسل بالأموات كما فهم الصحابة والتابعون لهم وكلام أمير عمر بن الخطاب واضح المعنى والدلالة فيه قوله : (( كنا نتوسل )) أي توسلهم كان في حياته صلى الله عليه وسلم والصحابة كانوا موجودون فأقروه على ذلك ، وإلا لماذا يعدلون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العباس ، فهل العباس كفؤ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو جاهه أكبر من جاه النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟ لا شك أنه لا يوجد مسلم يقول مثل هذا الكلام ، فما عدل الصحابة إلى العباس إلا لأمر شرعي .

وقول المؤلف : (( وفي الحديث إثبات التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم وبيان جواز التوسل بغيره كالصالحين من آل البيت وغيرهم كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ))

قلت : فالظاهر من كلام المؤلف أنه فهم هذا الحديث أن عمر بن الخطاب توسل بذات العباس لا بدعائه ، وهذا غير صحيح فقد لأن عمر رضي الله عنه طلب الدعاء من العباس رضي الله عهنه قال الحافظ ابن حجر : (( وقد روى عبد الرزاق من حديث بن عباس أن عمر استسقى بالمصلى فقال للعباس قم فاستسق فقام العباس فذكر الحديث فتبين بهذا أن في القصة المذكورة أن العباس كان مسئولا وأنه ينزل منزلة الإمام إذا أمره الإمام بذلك )) [ فتح الباري ص 495/2 ] ، ففي هذا دلالة على أن عمر سأل العباس الدعاء وجاء التصريح بهذا برواية أخرى قال : (( قم فاستسق وادع ربك )) [ تاريخ دمشق ص 357 / 26 ، وفي إسنادها رجل مبهم ]

وقال الحافظ أيضا : (( وقد بين الزبير بن بكار في الأنساب صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة وقد توجه القوم بي إليك لمكانى من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس )) [ فتح الباري ص 497/2 ] .

أما قول الحافظ الذي يستدل به المؤلف فهو : (( ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه )) [ فتح الباري ص 497/2 ] . قال الحافظ هذا الكلام بعد أن سرد توسل العباس ، مما يدل أنه يقصد الاستشفاع بدعائهم لا بذواتهم كما فهم المؤلف أو ما يريد إفهامه القاري .

ثم قام المؤلف يعترض على فهم السلف لهذا الحديث بأمور فقال : (( ومن الشبه التي قد ترد على هذا الحديث أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه توسل بالعباس لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان قد توفي والجواب أن يقال: هل قال لكم عمر أو العباس إن هذا التوسل لأن الرسول كان قد توفي كلا لا قال عمر ذلك ولا أشار إليه ولا قال العباس ذلك ولا أشار إليه .. الخ )) [ ص 95 – 96 ] .

وهذا القول من عجيب صنع المؤلف أو من عجيب فهمه ، وكأنه لا يعلم أن هناك لسان الحال ، وهناك لسان المقال ، فلسان حال الصحابة يقول ذلك حيث عدلوا عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بالعباس .

ثم هب أن المؤلف لا يتعرف بشيء أسمه لسان الحال الذي نعبر عنه ( بعمل السلف ) فلقد جاء لسان المقال حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( كنا نتوسل إليك بنبينا )) أي في المواضع في حال حياته صلى الله عليه وسلم ، وبعدما انتقل إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم ماذا كان حالهم قال : (( إليك بعم نبينا فاسقنا )) وهذا الأمر واضح جدا جدا ، ولكن القوم يأبون ذلك .

ثم قام يسوق المؤلف اعتراضات ليصرف الدلال الظاهرة في هذا الحديث من أن التوسل كان بدعاء العباس لا بذاته فقال : ((1- ترك الشيء لا يدل على منعه كما تقرر في الأصول فترك عمر للتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا دلالة فيه أصلا على منع التوسل وقد ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا من المباحات فهل دل تركه لها على حرمتها ؟ لم يقل ذلك أحد من العلماء ثم إن صاحب الوسيلة لا يتصرف بنفسه في قضاء حاجة المتوسل حتى يحول موته دون ذلك وإنما هو يسعى بالشافعة عند الله تعالى في قضاء حاجة المتوسل فهل ورد نص بتجرد الأنبياء والصالحين بموتهم مما لهم عند الله من المنزلة والجاه على أنه سيمر معنا إن شاء الله تعالى الكلام عن الروح وقوة تصرفها بعد مفارقة البدن )) [ ص 96 ] .

قلت : فقول المؤلف : (( ترك الشيء لا يدل على منعه كما تقرر في الأصول فترك عمر للتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا دلالة فيه أصلا على منع التوسل )) هذا لا يستقيم لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس مشرعا بل هو والصحابة وجميع المسلمين مضبوطون بضابط الشريعة فلا يعدلون عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فيتوسلون بالعباس إلا لعلة شرعية يعلمها علماء الصحابة مثل عمر رضي الله عنه سيما أنهم في حال التضرع وفي حال الكرب ، والصحابة أصابهم القحط الشديد ، وقد روي أنه هذا التوسل كان في عام الرمادة عندما هلك الناس .

فهل يتركون الفاضل ويذهبون إلى المفضول ؟؟!! ولقد كان الصحابة في موقف أن يقدموا أفضل ما عندهم فلا شك لو كان التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته جائز لما عدلوا به إلى عمه العباس رضوان الله عليه وهم في أمس الحاجة للغيث لما أصابه من قحط .

ثم ماذا يفهم المؤلف ومن يرى رأيه من قول عمر رضي الله عنه حيث يقول : (( كنا نتوسل إليك بنبينا )) أي في السابق أو في الماضي ؟؟ نترك الجواب للمنصفين ، ولو كان الصحابة يرون جواز التوسل بالذوات لما تركوا ذات النبي صلى الله عليه وسلم ، توسلوا بمن هم دونه من أهل بيته.

وقوله : (( لم يقل ذلك أحد من العلماء ثم إن صاحب الوسيلة لا يتصرف بنفسه في قضاء حاجة المتوسل حتى يحول موته دون ذلك وإنما هو يسعى بالشافعة عند الله تعالى في قضاء حاجة المتوسل )) فأقول : وهذا الاعتراض ناتج عن خلط المؤلف بين التوسل والاستغاثة فهو لا يفرق بينهما كما صرح في بداية المبحث ، واعرض يا أخي القاري كلام المؤلف على حديث التوسل بالعباس رضي الله عنه وانظر هل العباس تشفع عند الله أم دعاه ليكشف عنه الضر فيسقون ؟؟

وقوله : ((وإنما هو يسعى بالشافعة عند الله تعالى في قضاء حاجة المتوسل )) ، فهذا إما خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أو عامة فإذا كان خاص فقد علم من تتبع ما صح عن الصحابة أنهم كانوا يذهبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونه الدعاء فيدعوا الله لهم ، هذا كان في حياته فبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى فلم يذهبوا إلى قبره فيسألوه أن يدعو لهم ، بل لما احتاجوا إلى الغيث صنعوا كما كانوا يصنعون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن قدموا العباس رضي الله عنه ليحل محل النبي صلى الله عليه وسلم في الاستقاء بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى كما حل أبو بكر الصديق محل النبي صلى الله عليه وسلم في سياسة أمر الناس .

أما إذا كان هذا الأمر عامة في جميع الأولياء فهذه دعوى تحتاج إلى دليل فمن أن الله تعالى أعطى وهذا الولي أو ذاك الشفاعة ليشفع للناس عند الله وقد قال الله تعالى : (( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ )) [البقرة : 255] ، وقال تعالى : (( وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى )) [النجم : 26] ، فأين لهم أنى الله تعالى أعطى أولياء الصوفية الشفعاء ، فمن أين لهم أن الله تعالى أعطى الشيخ عبد القادري الجيلاني والشيخ أحمد الرفاعي ، والشيخ أحمد البدوي ، والشيخ العيدروس ... الخ الشفعاء ؟؟ !! أليس هذا تقول الله تعالى ؟؟

ثم قارون قول المؤلف هذا مع قول المشركين الذي حكاه الله تعالى عنه في قوله تعالى : (( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ )) [الزمر : 3] ، وقوله تعالى : (( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )) [يونس : 18] ، فالعلة عند المشركين وعند المؤلف واحدة ، وهي أن الله تعالى أعطى الشفاعة لبعض خلقه في الدنيا يشفعون لمن طلب منهم الشفاعة . وهذا لو غضضنا الطرف عن معتقد الصوفية بالأولياء بأنهم يتصرفون في الكون .

وقوله : (( لم يقل ذلك أحد من العلماء ثم إن صاحب الوسيلة .... الخ )) من هم هؤلاء العلماء الذي قالوا هذا الكلام هل هم علماء الصوفية أم علماء أهل السنة والجماعة ؟؟

فإن كان يقصد علماء أهل السنة والجماعة فليأت بأسمائهم ، وإن كان يقصد علماء الصوفية ، فالصوفية لهم اعتقادهم الخاص بالأولياء ، وهو أنهم يتصرفون بالكون كيفما يشاءون .

ويواصل المؤلف اعتراضه فقال : (( 2- أراد عمر ان يبين التوسل بالمفضول مع وجود الأفضل لوجود علي وعثمان رضي الله عنهما )) [ ص 96 ] .

قلت : نقول قد يكون هذا صحيحا في حال التعليم ، وليس في حال الكربة والشدة ، مع مراعاة أن التوسل المذكورة هو بالدعاء لا بالذات ، ثم هل يوجد عند المؤلف دليل على أن علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما كانا موجودين في تلك الحادثة حتى يقول تركوا الفاضل واتخذوا المفضول ؟

وهذا القصد الذي قاله المؤلف هو من عنده نفسه لأنه لا يوجد دليل على أن عمر رضي الله عليه عنه يريد التعليم بجواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل لبين ذلك كما فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما شرب قائما يعلم الناس أن الشرب قائما جاز فقد أخرج البخاري عن النزال قال : (( أتى علي رضي الله عنه على باب الرحبة بماء فشرب قائما فقال : إن ناسا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم وإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت )) [ ح 2027 ] .

لو كان فعل عمر رضي الله عنه فعل تعليم لبين للناس كما بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

ثم الرواية ليس فيها هذه الدلالة التي يقولها المؤلف بل تفيد أن هذا كان ديدن لعمر رضي الله عنه أنه كلما قحطوا قدم العباس للاستسقاء فقد جاء في الرواية : (( كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب )) فهذا يدل على تكرار الفعل من عمر وإقرار الصحابة رضوان الله عليهم له على اختيار العباس وتكرار الاستسقاء به .

ثم رواية ابن حبان توضح أن الصحابة لما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسقون به فلما انتقل إلى الرفيق الأعلى قاموا يستسقون بالعباس عن أنس قال : (( كانوا إذا قحطوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم استسقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فيستسقي لهم فيسقون فلما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في إمارة عمر قحطوا فخرج عمر بالعباس يستسقي به فقال : اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك صلى الله عليه وسلم واستسقينا به فسقيتنا وإنا نتوسل إليك اليوم بعم نبيك صلى الله عليه وسلم فاسقنا قال فسقوا )) [ ح 2861 ] ، فهذا اللفظ بين العلة من الاستسقاء بالعباس هو تعذر الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم لوفاته ، فيظهر لك أن قول المؤلف هذا ليس عليه دليل .

قال المؤلف : (( 3- توسل عمر بالعباس في الحقيقة توسل بالنبي لأن عمر توسل به لمكانته من النبي وكونه عمه فها هو يقول عم نبينا ولم يقل بالعباس بن عبد المطلب)) [ ص 96 ] .

قلت : نعم إن من أحد اسباب تقديم العباس على الناس لأنه عم النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم جيله وكيف لا يقدم عمر بن الخطاب العباس وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر في حق العباس : (( يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه )) [ رواه مسلم ح 983 ] ، ومع أن أصاب جماعة من الناس قحط شديد وأرادوا أن يتوسلوا بأحدهم لما أمكن أن يعدلوا عمن دعاؤه أقرب إلى الإجابة فما قدموا العباس إلا لظنهم هذا الظن .

أما أن التوسل بالعباس هو في الحقيقة توسلا بالنبي صلى الله عليه وسلم لما قال عمر بن الخطاب : (( اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا )) أي كنا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم نطلب منه أن يستسقي لنا (( وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا )) أي الآن بعد انتقال نبيك إلى الرفيق الأعلى نقدم عم نبينا فعمر يفرق بين الأمرين ولو كان حقيقة الأمر واحد لما قدم العباس فيقول : (( اللهم كنا توسل بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بنينا كما كنا نتوسل )) فلما يعدل عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس ؟

ثم لو كان الأمر كذلك لكان الناس لا يستسقون إلا برجل من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهذا خلاف ما كان عليه الصحابة فقد ثبت أنهم استقوا لم يقدموا أحدا من آل البيت أخرج مسلم عن أبي إسحاق : (( أن عبد الله بن يزيد خرج يستسقي بالناس فصلى ركعتين ثم استسقى ... الحديث )) [ ح 1254 ] ، وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن بن الزبير : (( خرج يستسقي بالناس فخطب ثم صلى بغير أذان ولا إقامة قال وفي الناس يومئذ البراء بن عازب وزيد بن أرقم )) [ ح 4899 ] .

وأخرج يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ بسند صحيح قال : (( حدثنا أبو اليمان قال حدثنا صفوان عن سليم بن عامر الخبائري أن السماء قحطت فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يتسقون فلما قعد معاوية على المنبر قال : أين يزيد بن الأسود الجرشي فناداه الناس فأقبل يتخطى الناس فأمر معاوية فصعد المنبر فقعد عند رجليه فقال معاوية : اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا اللهم إنا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود الجرشي يا يزيد ارفع يديك إلى الله فرفع يزيد يديه ورفع الناس أيديهم فما كان أوشك إن فارت سحابة في الغرب كأنها ترس وهبت لها ريح فسقينا حتى كاد الناس أن لا ييبلغوا منازلهم )) [ ص 221 / 2 ]

فهؤلاء الصحابة لم قدموا أحدا من آل البيت لأن التوسل به توسلا بالنبي صلى الله عليه وسلم بل كان عمل عمر والناس أن يقدموا من يظنون به الصلاح ليستقي لهم ، فكل هؤلاء فهموا كما فهم عمر والصحابة رضوان الله عليهم أن يقدموا بالاستسقاء الصالحين أو من يظنون بهم الصلاح ولم يقدموا أحدا منتقل إلى الرفيق الأعلى .

ويوجد هناك اعترض على كلام المؤلف فإذا كان التوسل بالعباس حقيقته هو التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه توسل به لأنه عم النبي صلى الله عليه وسلم وليس لأنه ممن يرجى استجابة دعائه ؛ يكون هذا الحديث خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته فلماذا تم توسعة دائرة الاستدلال بهذا الحديث على جواز التوسل بالصالحين عموما ، فلا بد من أحد الأمرين إما التخصيص أو الرجوع عن قوله أن التوسل بالعباس هو حقيقة توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وذلك لأنه قال : (( وبيان جواز التوسل بغيره كالصالحين من آل البيت وغيرهم ))

قال المؤلف : (( 4- أراد عمر بفعله أن يبين جواز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الصلاح ممن ترجى بركته )) [ ص 96 ]

وهنا صرح المؤلف بما يضمر بعد تلك المقدمة الطويلة العريضة ، وهو نعم جائز بدعائهم لا بذواتهم كما فهم المؤلف ، لو كان التوسل بالذات وليس بالدعاء فلماذا قدم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب العباس رضي الله تعالى عنهما ليستسقي بالناس أي يطلب السقيا من الله عز وجل ولقد جاء في بعض الروايات عن ابن عباس أن عمر رضي الله عنه قال : (( قم فاستسق وادع ربك )) [ تاريخ دمشق ص 357 / 26 ] وإن كان في إسناد هذه الرواية رجل مبهم إلا أنه تبين أن التوسل كان بدعاء العباس رضي الله عنه وهذا ما فهمه العلماء فقد أخرج البيهقي هذا الحديث في السنن الكبرى تحت باب الاستسقاء بمن ترجى بركة دعائه ، وأخرج ابن حبان تحت باب ذكر ما يستحب للإمام إذا أراد الاستسقاء أن يستسقي الله بالصالحين رجاء استجابة الدعاء لذلك ، فإذن هؤلاء فهموا أن التوسل بالصالحين هو بدعائهم رجاء قبوله لا بذواتهم .







التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» الاخ أبوحمزة المقدسي mdmmdm تفضل هنا نتحاور قليلا إذا أردت
»» كيف تصبح صوفيا أصليا
»» منع كتب ابن تيمية وابن باز تمهيد للصوفية
»» شبهة تلقين الميت بعد الدفن
»» رد الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق على د. الشريف في تمجيده لابن عربي