فيقول في معرض حديثه أن الله أنزل سكينته عليه , أي النبي -صلى الله عليه و سلم- , لا عليهما. فأقول: فلم قال الله -تعالى- " إن الله معنا " و لم يقل " إن الله معي ". فدلت الآية قطعا على معية الله لأبي بكر -رضي الله عنه- كذلك , فهل تكون معية الله لمنافق أو كافر!! هل يكون الله مع فرعون ! هل يكون الله مع أبي جهل! هل يكون الله مع أبي لهب!! فكيف يكون مع من هو شر منهم عندكم!!!
سبحان من أعمى القلوب و الأبصار,
فإن العاقل لا يسعه إذا مر بهذه الآية إلا أن يؤمن بأن الله مع أبي بكر لا ضده, فكيف لا نتولى من كان الله معه بنص القرأن؟
قــــــــــــــــــلت
قوله : { إلا تنصروه } : يعني يعينوه بالنفير معه في غزوة تبوك ، فقد نصره الله بصاحبه أبي بكر ، وأيده بجنود الملائكة .
روى أصبغ ، وأبو زيد عن ابن القاسم عن مالك :
{ ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا } هو أبو بكر الصديق .
قال : فرأيت مالكا يرفع بأبي بكر جدا لهذه الآية .
قال : وكانوا في الهجرة أربعة ، منهم عامر بن فهيرة ، ورقيط الدليل .
قال غير مالك : يقال أريقط قال القاضي رضي الله عنه :
فحق أن يرفع مالك أبا بكر بهذه الآية ، ففيها عدة فضائل مختصة لم تكن لغيره ، منها قوله : إذ يقول لصاحبه ، فحقق له تعالى [ قوله له ] بكلامه ، ووصف الصحبة في كتابه متلوا إلى يوم القيامة .
ومنها قوله : { إن الله معنا } .
وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر في الغار : { يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثها ؟ } وهذه مرتبة عظمى ، وفضيلة شماء ، لم يكن لبشر أن يخبر عن الله سبحانه أنه ثالث اثنين ، أحدهما أبو بكر ، كما أنه قال مخبرا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ثاني اثنين .
ومنها قوله : { لا تحزن إن الله معنا } . [ ص: 513 ]
وقال مخبرا عن موسى وبني إسرائيل :
{ كلا إن معي ربي سيهدين } .
قال لنا أبو الفضائل المعدل :
قال لنا جمال الإسلام أبو القاسم قال موسى : { كلا إن معي ربي سيهدين } وقال في محمد وصاحبه : { لا تحزن إن الله معنا } .
لا جرم لما كان الله مع موسى وحده ارتد أصحابه بعده ، فرجع من عند ربه ، ووجدهم يعبدون العجل .
ولما قال في محمد صلى الله عليه وسلم :
إن الله معنا ، بقي أبو بكر مهتديا موحدا ، عالما عازما ، قائما بالأمر لم يتطرق إليه اختلال .