عرض مشاركة واحدة
قديم 24-06-05, 06:22 AM   رقم المشاركة : 1
العضو الجديد
مشترك جديد





العضو الجديد غير متصل

العضو الجديد is on a distinguished road


حديث الجارية ورد الشبهات حوله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


منقول من الساحة العربية ... الأخ أبو حميد الفلاسي عن محمد الخشان .

ويليه رد للأخ أبو ريان الطائفي ... جزاهم الله خيراً :


موضوع ( أبو حميد الفلاسي )

حديث الجارية (دفاعا عن العقيدة )

للأخ محمد خشان


إنّ الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضْلِل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إلـه إلاّ الله وحده لا شريكَ لـه، وأشهدُ أنّ محمداً عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أمّا بعدُ:

فهذه خلاصة يسيرة فيها الدفاع عن حديث الجارية أردت فيها المنافحة عن عقيدة أهل السنة مثبتا ما ثبت بالدليل ، فأقول مستعينا بالله جل وعلا:

قال معاوية بن الحكم السلمي ( ) t:

(( أتيت رسول الله r بجارية، فقلت: يا رسول الله، عليّ رقبة أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله: (( أين الله؟ )) فقالت: في السماء، فقال: (( من أنا؟ ))، قالت: رسول الله، قال: (( اعتقها فإنّها مؤمنة )) )) أهـ.

رواه الإمام مالك في (( الموطأ )) (2/776 )، والإمام الشافعيّ في (( الرّسالة )) (ص/75 -واللفظ لـه- )، وابن أبي شيبة في (( الإيمان )) (ص/36 رقم: 84 )، والإمام أحمد في (( المسند )) (5/448 )، وأبو داود في (( السنن )) (1/260 الصحيح )، والدّارميّ في (( الرّد على الجهميّة )) (ص/39 )، وفي (( الرّد على المريسي )) (1/491 )، وعبد الله ابن الإمام أحمد في (( السنّة )) (1/306 )، وابن خزيمة في (( التوحيد )) (1/279 )، واللالكائيّ في (( شرح أصول الاعتقاد )) (3/392 )، والبيهقيّ في(( الأسماء والصفات )) (ص/532 )، وفي(( السنن الكبرى )) (7/354 و10/98 )، ومسلمٌ في (( صحيحه )) (5/23 رقم: 1199 )، والذّهبي في (( العلو )) (ص/81 المختصر )، وغيرهم -رحم الله الجميع-.

من طرق؛ عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم به؛ ورواه من طريق الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن معاوية بن الحكم جماعة كما في (( المصنّف لعبد الرزاق )) (10/402 )، و (( مسند الإمام أحمد )) (3/443 و5/448 ) وغيرهم -رحم الله الجميع-.

وقد ذكر طرق الحديث وخرّجه بإيعابٍ واستيعاب شيخنا البحاثة، مشهور بن حسن -حفظه الله- في تحقيقه على كتاب (( الموافقات )) (1/60-64 ) للشاطبيّ، فلينظره من شاء التفصيل ( ).

وهذا الحديث، وهو المشهور بحديث الجارية، حديثٌ صحيحٌ باتفاق أهل النقل، صححه-تصريحاً أو ما يقوم مقامه- جمهرةٌ من أهل العلم؛ منهم الإمام مسلم حيث أخرجه في ((صحيحه )) (5/23 رقم: 1199 )، والحافظ ابن حجر في (( الفتح )) (13/359 )، والبيهقيُّ في (( الأسماء والصفات )) (ص/533 )، والذهبيّ في (( العلو ))(ص/81 مختصر )، والألبانيّ في مواضع منها (( الإيمان ))(ص/36) لابن أبي شيبة، حيث قال-رحمه الله-: (( إسناده صحيحٌ على شرط الشيخين ))( )، وقال في (( مختصر العلو ))(ص/81): (( فإنّه مع صحّةِ إسناده، وتصحيح أئمة الحديث إيّاه دون خلافٍ بينهم أعلمه )) أهـ.

فلا نعلم في صحّة هذا الحديث خلافاً، ولم نرَ أحداً تعرّض لـه بتضعيف، بل إجماع أهل الحديث والسنّة منعقدٌ على صحته، ولم يخالف في ذلك إلاّ المتأخرون من شذاذ الجهميّة( )، كالكوثري والغماري والسقاف، وذلك موافقة منهم لأهوائهم، ولتسلم لهم عقيدة التعطيل، وإن كان ذلك على حساب النّص الشرعيّ، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

وهنا لفتة، وهي أن الذي حمل نفاة العلو للطعن في حديث الجارية هو اشمئزاز نفوسهم من السؤال بـ (أين ) ولازم هذا عندهم أن يكون الله جل وعلا في مكان، فيقال جواباً عن هذا:

أنّ النبي r قد صرح بجواز السؤال بـ ( أين ) من غير لبس أو خفاء _كما ثبت في الحديث _ ، فالذي ينكر ذلك إنما ينكر على النبّي r سؤاله للجارية ، خاصة بعدما علمت _ أخي القارئ _ إجماع أهل النقل على صحة الحديث ، وحسبك بمن نخّل كتب السنة تنخيلاً الإمام الألباني _ طيب الله ثراه_ حيث قال: ((… وتصحيح أئمة الحديث إياه دون خلاف بينهم أعلمه )) أهـ. هذا أولاً؛ أمّا ثانياً:

أن منشأ الغلط عند هؤلاء النفاة هو بسبب خلطهم بين نوعي المكان الوجودي المخلوق، والعدمي، فلم يفهموا من معنى المكان إلاّ الأول، وصواب القسمة أن يقال: من أراد بالمكان الشيء الوجودي المخلوق الذي كان بعد أن لم يكن _وهو الذي يتبادر لأذهان جماهير الناس من معنى المكان _فهو مبطل قائل بالكفر، ولم يقل بذلك عالم من علماء السنّة فضلاً عن أن ينسب القول بذلك لشيخ الإسلام_كما ادّعاه من ضعف دينه وعقله وفهمه_ فالله تعالى لا تحوزه المخلوقات وهو أكبر وأعظم وقد وسع كرسيه السماوات والأرض؛ ففي (( الصحيحين )) عن النبيّ r قوله: (( يقبض الله الأرض والسماوات بيمينه… الحديث ))، وأمّا من أراد بالمكان الشيء العدمي وهو ما فوق العالم وليس ثمّة مخلوق ولا جهات إلاّ العلو المطلق فلا شك أنّ هذا من أعظم الكمال اللائق به سبحانه والذي لا يجوز نفيه أو صرفه عن رب الأرض و السماوات جل وعلا.

والمسألة تحتاج إلى تفصيل وليس هنا موضعه.

وممّا يعجب منه اللّبيب، هو اختلاف مسالك هؤلاء النفاة في ردّ الحديث، ورفضه، فتارة ينفون أن يكون رواه الإمام مسلم، ويقولون: لعلّها زيدت فيما بعد( )، وتارةً بأنّه مضطرب( )، وتارةً أخرى بأنّه شاذ( )، وغير ذلك من الدعاوى والتي تدلُّ بكثرتها وتنوّعها على البعد كلَّ البعد عن جادّة الحقّ والصّواب، فلو أنّ كلمتهم اتفقت على مطعنٍ واحدٍ، لقلنا ننظر في قولهم؛ أمّا أن يكون الحال كذلك، بحيث لم يتركوا مطعناً أو مدخلاً إلاّ ذكروه وجاهدوا في إثباته، ممّا يدلّ -من حيث الجملة- على بطلان قولهم وفساده.

فقد روى اللالكائي (1/149) بسنده إلى مطرف بن الشخير، قال: (( لو كانت هذه الأهواء كلّها هوىً واحداً لقال القائل: الحقّ فيه، فلمّا تشعبت واختلفت عرف كلّ ذي عقلٍ أنّ الحقّ لا يتفرّق )) أهـ.

وإليك أخي القارئ مجمل الاعتراضات على هذا الحديث والردّ عليها:

أقول:

1- زعم الكوثري أنّ الحديث مضطرب، فقال: إنّ حديث الرسول r مع الجارية لم يكن إلاّ بالإشارة، فعبّر الرّاوي عمّا فهمه من إشارة الجارية باللّفظ المذكور، ثمّ اشتهر اللفظ بعد ذلك بين الصحابة، وصواب الحديث وأصله... فمدّ النبي r يده إليها مستفهماً، من في السماء؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: رسول الله…كذا قال( )،ولاحول ولاقوة إلابالله، وإلى الله وحده المشتكى؛ فإنّ الحديث الذي ادّعى فيه المعارضة لا يصحّ، وقد رواه الذهبيّ في (( العلو )) بالمعنى المذكور آنفاً، وكونه لا يصحّ، فذلك من وجهين:

أولاً: من جهة إسناده، فهو من رواية سعيد بن زيد أبو الحسن البصري، وقد ضعفه الأئمة، كالقطان، والنسائي، قال الجوزجاني: (( سمعتهم يضعّفون أحاديثه، فليس بحجةٍ بحال )) ( )، وقال ابن حبان في(( المجروحين )) (( وكان ممّن يخطأ في الأخبار، ويهم في الآثار، حتى لا يُحتجّ به إذا انفرد ))( )، وترجم له الحافظ في(( التقريب )) ( ) فقال: (( صدوق لـه أوهام ))؛ وأورده ابن عدي في(( الكامل ))(3/378)؛ فالإسنادُ ضعيفٌ.

ثانياً: من جهة متنه، فما جاء من روايته من ذكر اليد والاستفهام، هو ممّا تفرّد به دون كلّ من روى هذا الحديث من الرواه الحفّاظ، فتفرّده بذلك ممّا يدلُّ على نكارة الحديث( )؛ فلفظ الإشارة ضعيف سنداً ومتناً، فلا يصحّ بحال اعتباره معارضاً للفظ (( أين الله؟ ))حتى يُقال بعد ذلك بالاضطراب، فتبين بذلك أنّ دعوى الاضطراب مضطربة.
2- أمّا دعوى أنّ الصحابي قد صاغ الحديث من عند نفسه، وعبّر عن إشارة الجارية بهذا اللفظ، فكلامٌ سخيفٌ ودعوى باطلة، وما أسهل الدعاوى أن تطلق، ولكنّها عند التحقيق لا تكون شيئاً، فأين الدليل على ذلك؟! أهو اللّفظ الضعيف الذي فيه سعيد بن زيد؟، أم هو الهوى ورفض الحق؟ -وعلى فرض التسليم بقوله من باب المناظرة- أليس هذا دليلاً واضحاً على أنّ الصحابة y قد تلقّوا الحديث بهذا اللّفظ بالقبول، من غير إنكارٍ ولا ردّ؟ ألم يكن الصحابة يفهمون عقيدة التنـزيه فيبادروا إلى رد الحديث ورفضه( )، وهذه اعتراضات ملزمة، إذ لا مفرّ منها لمن سلك هذا المسلك المنحرف.

3- وأمّا ما ذهب إليه الغماري مِنْ أنّ الحديث شاذ، فالصواب أن يُقال: بل قول الغماري هو الشاذّ، فإنّ الشاذ في اصطلاح المحدّثين، هو مخالفة الثقة للأوثق منه، وأين هذا في الحديث؟! اللّهم إن كان يقصد العكس من كون رواية سعيد بن زيد -والتي فيها الإشارة- هي الشاذة، فعندئذٍ يُنظر في قوله ويُصوّب، ويُقال: بل هو منكر.

4- وأمّا قول الكوثري أنّ في الحديث يحيى بن كثير، وهو مدلس وقد عنعن( )، فمردود، فإنّه وإن كان أكثر الطرق مدارها على يحيى بن كثير إلاّ أنّه ورد من غير طريقه كما في (( الموطأ ))(2/776).

قال الإمام مالك -رحمه الله-: عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عمر بن الحكم( )..وذكره، وعنه الإمام الشافعيّ في (( الرّسالة ))(ص75 فقرة242).

ثمّ إن يحيى بن كثير قد صرّح بالتحديث في روايته عن هلال كما عند الإمام أحمد في (( المسند ))(5/448-449)، فانتفت شبهة التدليس بهذين الوجهين، ولله الحمد.

وحديث معاوية بن الحكم الذي فيه قصة الجارية لا يُنافي ما رواه الإمام أحمد في (( مسنده ))(3/451)، ومالك في (( موطئه ))(2/777) من طريق الزهري، عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود، عن رجلٌ من الأنصار( )، أنّه جاء بأمّةٍ سوداء، وقال: يا رسول الله، إنّ عليّ رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة، أُعتقها؟ فقال رسول الله r: (( أتشهدين أنّ لا إله إلاّ الله؟ ))، قالت: نعم، قال: (( أتشهدين أنّي رسول الله؟ ))، قالت: نعم، قال: (( أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ ))، قالت: نعم، قال: (( أعتقها )) ))أهـ.

فهذا الحديث صحيحٌ، وحديث معاوية بن الحكم أصح منه، ولا تنافي بين الحديثين، فضلاً عن أن يكون حديث الأنصاري مُعلاً لحديث معاوية بن الحكم، فكلاهما ثابتان من جهة النقل، وإعلال حديث معاوية بحديث الأنصاري خطأٌ محض، فإنّه لا تنافي بين الحديثين، فكلٌّ منهما في مناسبة مختلفة عن الأخرى، فهما متنان لقصتين مختلفتين .
ثمّ إنّ حديث معاوية أصح إسناداً من حديث الأنصاري، فإعلال حديث الأنصاري أولى من حديث معاوية-إن كان هناك عِلّة( )-.

وبالجملة؛ فحديث الجارية صحيح، والمعارض لـه من الأحاديث، إمّا ضعيف لا يثبت، أو ليس بينه وبين حديث الجارية مناسبة.

ورحم الله الإمام الألباني حيث قال: (( وهذا الحديث صحيحٌ بلا ريب، ولا يشكّ في ذلك إلاّ جاهلٌ أو مغرضٌ من ذوي الأهواء الذين كلّما جاءهم نصٌّ عن رسول الله r يُخالف ما هم عليه من الضلال، حاولوا الخلاص منه بتأويله بل بتعطيله، فإن لم يمكنهم ذلك، حاولوا الطعن في ثبوته كهذا الحديث )) أهـ.

5- ومما لا يفوتني ذكره أيضاً والتنبيه عليه، هو ما ادّعاه الكوثري من أنّ سؤال النبيّ r للجارية (( أين الله؟ )) هو سؤال عن المكانة لا المكان، وهذا هو موقف المعتزلة أيضاً من الحديث.

ويُجاب عن هذا بأنّه تأويلٌ فاسد بغير بيّنة أو دليل، وهو صرف للنّص عن ظاهره بمحض الهوى والتجنّي، فإنّ المكانة لا يُقال عنها أين؟ ولا يُجاب عنها بأنّها في السماء، إلاّ إذا دخلت عليها (( من ))، كقولك: أين الثرى من الثريا؟؛ أو أين أنت من فلان؟، فعندها يصحّ، أما والحال كما تعرف من لفظ الجارية، فإنّ حمله على معنى المكانة لا يصح لا عقلاً، ولا لغةً، ولا شرعاً، لما تظافر من الأدلة على ثبوت العلو الذّاتي لله جلَّ وعلا

لذلك قال شيخ الإسلام-رحمه الله- في (( الفتاوى ))(5/122):

((… وقد وصف الله تعالى نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله بالعلو والاستواء على العرش والفوقية في كتابه في آيات كثيرة حتى قال بعض اكابر أصحاب الشافعي: في القرآن آلف دليل أو أزيد على أن الله تعالى عالٍ على الخلق وانه فوق عباده )). أهـ

ورحم الله ابن القيم حين قال في (( النونية ))(1/249 هراس ):

ألفا تدل عليه بل ألفانالأولى وذوق حلاوة القرآنفوق السماء مباين الأكوانلناجع التعطيل والهذيانإلى أن ترجعوا للوحي بالإذعانتحكيم تسليم مع الرضوان يا قومنا والله إن لقولناعقلا ونقلا مع صريح الفطرةكل يدل بأنه سبحانهأترون أنا تاركون ذا كلهيا قوم ما أنتم على شيءوتحكموه في الجليل ودقه

والمقصود أن الكوثري بتأويله هذا يجعل فوقيّة الله على خلقه في كلّ النصوص الواردة في الكتاب والسنّة بمعنى أنّه أفضل منهم منـزلة وأعلى قدراً، ولا شكّ أنّ هذا المعنى لو صرّح به في حقّ الله جلّ وعلا، لكان قبيحاً، فإنّ ذلك إنّما يُقال في المتقاربين في المنـزلة، وأحدهما أفضل من الأخر، أمّا من كان الفرق بينهما كالفرق الذي بين العبد وربّه، فممّا يُنـزه كلام النبيّ r عنه، وكلام الله جلّ وعلا -بطريق الأولى- أن يجعل علامة صدق إيمان العبد، أو أن يرتب مدحاً أو ثواباً على مجرّد معرفته أنّ الخالق أعلى مكانة وأجلَّ قدراً من المخلوق، فإنّ هذا الأمر بديهي لا يحتاج إلى تأمّل، ويستقل العقل بإثباته، وحتى سفلة الناس وسقطهم وكافرهم ومؤمنهم يُثبته، فهل يقول مؤمن بعد هذا أن نصوص الكتاب المصرّحة بلفظ العلو والفوقيّة والاستواء هي فقط لإثبات علو القدر والمكانة، سبحانك هذا بهتانٌ عظيم( ).

إذا قيل أنّ السيف أمضى من العصى ألم تر أنّ السيف ينقص قدره

ومما يُستدلُّ به أيضاً على بطلان هذا القول وردّه، هو حديث النـزول، فإذا كان العلو، علو قدرٍ ومكانة، فهل يقول الكوثري أنّ نـزوله جلّ شأنه إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الأخير هو نـزول قدر ومكانة أيضاً،-تعالى الله عمّا يقول أدعياء التنـزيه علواً كبيراً-.

فهذه جملة من شبه النفاة حول الحديث، والرّد عليها باختصار.

وإليك أخي القارئ شيئاً من كلام أهل العلم وأئمته على هذا الحديث حتى تطمئن نفسك.

يقولُ الحافظ ابن عبد البرّ-رحمه الله-في (( التمهيد ))(22/80):

(( معاني هذا الحديث واضحة، يستغنى عن الكلام فيها، وأمّا قوله: (( أين الله؟ )) فعلى هذا أهل الحق لقوله تعالى: } أمنتم من في السماء { ولقوله: } إليه يصعد الكلم الطيّب { ولقوله } تعرج الملائكة والـروح إليه { ومثل هذا في القرآن كثير ))؛ وانظر (7/128) فإنّه مهم.

ويقول -رحمه الله- في (( الاستذكار ))(23/167):

(( وأمّا قوله في هذا الحديث للجارية (( أين الله؟ )) فعلى ذلك جماعة أهل السنّة، وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه وسائر نقلته، كلّهم يقول ما قال الله في كتابه.. . ومخالفونا ينسبونا في ذلك إلى التشبيه، والله المستعان، ومن قال بما نطق به القرآن، فلا عيب عليه عند ذوي الألباب )).

ويقول الذهبي -رحمه الله- في ((مختصر العلو ))(ص/81):

(( ففي الخبر مسألتان:

إحداهما: شرعية قول المسلم: أين الله؟.

ثانيهما: قول المسؤول: في السماء، فمن أنكر هاتين المسألتين فإنّما يُنكر على المصطفى r )).

ويقول الإمام الدارميّ -رحمه الله-في (( الردّ على الجهميّة ))(ص/175):

(( ...ونكفرهم أيضاً لأنهم لا يدرون أين الله، ولا يصفونه بـ (( أين؟ )) والله قد وصف نفسه بـ (( أين؟ )) فقال: } الرحمن على العرش استوى { } وهو القاهر فوق عباده { } إنّي متوفيك ورافعك إليّ { } يخافون ربّهم من فوقهم { ...فهذا كلّه وصف بـ (( أين؟ ))؛ ووصفه رسول الله r بـ (( أين؟ )) فقال للأمة السوداء: (( أين الله؟ )) فقالت: في السماء، فقال: (( من أنا؟ )) قالت: رسول الله، قال: (( اعتقها فإنّها مؤمنة ))؛ والجهمية تكفر به، وهذا من واضح كفرهم، والقرآن كلّه ينطق بالردّ عليهم، وهم يعلمون ذلك، أو بعضهم، ولكنهم يكابرون ويغالطون الضعفاء، فقد علموا أنّه ليس من حجة أنقض لدعواهم من القرآن )). وانظر (ص/39).

ويقول شيخ الإسلام (4/62):

(( والجارية التي قال لها النبيّ r: (( أين الله؟ )) قالت: في السماء، قال: (( اعتقها فإنها مؤمنة ))، جارية أعجمية، أرأيت من فقهها وأخبرها بما ذكرته؟ وإنّما أخبرت عن الفطرة التي فطرها الله تعالى عليها، وأقرّها النبيّ r على ذلك وشهد لها بالإيمان، فليتأمّل العاقل ذلك يجده هادياً لـه على معرفة ربّه بالإقرار به كما ينبغي، لا ما أحدثه المتعمقون المتشدقون ممّن سوّل لهم الشيطان وأملى لهم )) أهـ

ويقولُ الإمام أبو محمد عبد الغني المقدسي( ) بعد ذكره لحديث معاوية بن الحكم:

(( ...ومن أجهل جهلاً وأسخف عقلاً وأضلّ سبيلاً ممن يقول أنّه لا يجوز أن يقال: (( أين الله؟ )) بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله (( أين الله؟ )) ))أهـ.

وبعد؛ فهذه عقيدة أهل السنّة، وهذا كلام أئمتهم، فأيُّ عيب على من نطق بما في الكتاب والسنّة، مثبتاً ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله r.

والكلام في هذه المسائل يحتاج إلى تقعيد وتأصيل وإلى ذكر النظائر والأدلة و المقام لا يحتمل

والحمد لله رب العالمين.







التوقيع :
[align=center]قال تعالى :

{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}

اعلم أخي :

أن أهل الباطل لايستدلون بدليل من الكتاب أو بصحيح من السنة إلا كان على نقيض مطلوبهم أدل .


ولايحتجون بحجة عقلية إلا وسيفتح الله لك من خلالها باباً فتقلب حجته عليه !

أو ينقدح في ذهنك حجة أقوى من حجته فتزهق ماجاء به من الباطل !!






![/align]
من مواضيعي في المنتدى
»» رد شبهات النور حول شيخ الإسلام ابن تيمية
»» حديث الجارية ورد الشبهات حوله
»» كيد ساحر شريط فيديو أنصحك لايفوتك
»» إبن عربي أنت لست غير الله / وثيقة مصورة
»» هدية : ( برنامج ) .. إبحث عن أي مسألة في جهازك دون أي تعب