شبكة الدفاع عن السنة

شبكة الدفاع عن السنة (http://www.dd-sunnah.net/forum/index.php)
-   الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام (http://www.dd-sunnah.net/forum/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أصل ضلال المارقين / شيخ الإسلام ابن تيمية (http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=175328)

مهذب 02-01-15 12:56 AM

أصل ضلال المارقين / شيخ الإسلام ابن تيمية
 
.
قال شيخ الإسلام رحمه الله :

( وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفَ الْمُحَارِبِينَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ هُمْ شَرٌّ مِنْ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ نَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قِتَالِهِمْ وَرَغَّبَ فِيهِ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ الْعَارِفِينَ بِحَقِيقَتِهِ.

ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ لَفْظَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَمَلَ الْجَمِيعَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّهُمْ دَخَلُوا مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ وَالْفَحْوَى أَوْ مِنْ بَابِ كَوْنِهِمْ فِي مَعْنَاهُمْ.

فَإِنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ بِأَلْفَاظِ مُتَنَوِّعَةٍ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ - وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَوَاَللَّهِ لَأَنْ أَخِرُّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ وإذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ وَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حِدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ. فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} .

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: " عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِينَ سَارُوا إلَى الْخَوَارِجِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءِ وَلَا صَلَاتُكُمْ إلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءِ وَلَا صِيَامُكُمْ إلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءِ. يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ. لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ لَنَكَلُوا عَنْ الْعَمَلِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ لَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ عَلَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ} . وَاَللَّهُ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ النَّاسِ. فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى آخِرِهِ.

وَفِي مُسْلِمٍ أَيْضًا " عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ كَاتِبِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الحرورية لَمَّا خَرَجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيٍّ قَالُوا: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ. إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ نَاسًا إنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يُجَاوِزُ هَذَا مِنْهُمْ وَأَشَارَ إلَى حَلْقه مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ. فَلَمَّا قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ طَالِبٍ قَالَ: اُنْظُرُوا. فَنَطَرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا. فَقَالَ: ارْجِعُوا فَوَاَللَّهِ مَا كَذَبْت وَلَا كَذَبْت - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ".

وَهَذِهِ الْعَلَامَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ عَلَامَةُ أَوَّلِ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهُمْ لَيْسُوا مَخْصُوصِينَ بِأُولَئِكَ الْقَوْمِ. فَإِنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ إلَى زَمَنِ الدَّجَّالِ.

وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْخَوَارِجَ لَيْسُوا مُخْتَصِّينَ بِذَلِكَ الْعَسْكَرِ. وَأَيْضًا فَالصِّفَاتُ الَّتِي وَصَفَهَا تَعُمُّ غَيْرَ ذَلِكَ الْعَسْكَرِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَرْوُونَ الْحَدِيثَ مُطْلَقًا مِثْلَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ فَسَأَلَاهُ عَنْ الحرورية: هَلْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي؛ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ - وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا - قَوْمٌ تُحَقِّرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ أَوْ حُلُوقَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَيَنْظُرُ الرَّامِي إلَى سَهْمِهِ إلَى نَصْلِهِ إلَى رِصَافِهِ: فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ هَلْ عَلِقَ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الدَّمِ} اللَّفْظُ لِمُسْلِمِ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: {بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو الخويصرة التَّمِيمِيُّ - وَفِي رِوَايَةٍ أَتَاهُ ذُو الخويصرة رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ - فَقَالَ: اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: وَيْلك مَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْت وَخَسِرْت إنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. قَالَ: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَنْظُرُ إلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى نَضْيِهِ - وَهُوَ قَدَحُهُ - فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ. قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ} . وَذَكَرَ مَا فِي الْحَدِيثِ.

فَهَؤُلَاءِ أَصْلُ ضَلَالِهِمْ:

اعْتِقَادُهُمْ فِي أَئِمَّةِ الْهُدَى وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ خَارِجُونَ عَنْ الْعَدْلِ وَأَنَّهُمْ ضَالُّونَ وَهَذَا مَأْخَذُ الْخَارِجِينَ عَنْ السُّنَّةِ مِنْ الرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ

ثُمَّ يَعُدُّونَ مَا يَرَوْنَ أَنَّهُ ظُلْمٌ عِنْدَهُمْ كُفْرًا.

ثُمَّ يُرَتَّبُونَ عَلَى الْكُفْرِ أَحْكَامًا ابْتَدَعُوهَا.


فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَقَامَاتٍ لِلْمَارِقِينَ مِنْ الحرورية وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ.

فِي كُلِّ مَقَامٍ تَرَكُوا بَعْضَ أُصُولِ دِينِ الْإِسْلَامِ حَتَّى مَرَقُوا مِنْهُ كَمَا مَرَقَ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: {يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ؛ لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلُهُمْ قَتْلَ عَادٍ}

وَهَذَا نَعْتُ سَائِرِ الْخَارِجِينَ كَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِلُّونَ مِنْ دِمَاءِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُرْتَدِّينَ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ شَرٌّ مَنْ غَيْرِهِ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّتِهِ: يَخْرُجُونَ فِي فِرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ. قَالَ: هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ تَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الْحَقِّ}
وَهَذِهِ السِّيمَا سِيمَا أَوَّلِهِمْ كَمَا كَانَ ذُو الثدية؛ لِأَنَّ هَذَا وَصْفٌ لَازِمٌ لَهُمْ.

وَأَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثَهُمْ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حنيف بِهَذَا الْمَعْنَى وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَرَافِعِ بْنِ عَمْرٍو وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ

وَرَوَى النِّسَائِيُّ {عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: هَلْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ؟ قَالَ: نَعَمْ. سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِي وَرَأَيْته بِعَيْنِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمَالِ فَقَسَمَهُ فَأَعْطَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَمَنْ عَنْ شِمَالِهِ؛ وَلَمْ يُعْطِ مَنْ وَرَاءَهُ شَيْئًا. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ؛ مَا عَدَلْت فِي الْقِسْمَةِ - رَجُلٌ أَسْوَدُ مَطْمُومُ الشَّعْرِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ - فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ لَهُ: وَاَللَّهِ لَا تَجِدُونَ بَعْدِي رَجُلًا هُوَ أَعْدَلُ مِنِّي ثُمَّ قَالَ: يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ كَأَنَّ هَذَا مِنْهُمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُهُمْ مَعَ الدَّجَّالِ. فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ. هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ}

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي - أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي - قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَلَاقِيمَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ} . قَالَ ابْنُ الصَّامِتِ: فَلَقِيت رَافِعَ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ أَخَا الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ قُلْت: مَا حَدِيثٌ سَمِعْته مِنْ أَبِي ذَرٍّ كَذَا وَكَذَا؟ فَذَكَرْت لَهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ: وَأَنَا سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَهَذِهِ الْمَعَانِي مَوْجُودَةٌ فِي أُولَئِكَ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي غَيْرِهِمْ.

وَإِنَّمَا قَوْلُنَا: إنَّ عَلِيًّا قَاتَلَ الْخَوَارِجَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا يُقَالُ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ الْكُفَّارَ أَيْ قَاتَلَ جِنْسَ الْكُفَّارِ وَإِنْ كَانَ الْكُفْرُ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً. وَكَذَلِكَ الشِّرْكُ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْآلِهَةُ الَّتِي كَانَتْ الْعَرَبُ تَعْبُدُهَا هِيَ الَّتِي تَعْبُدُهَا الْهِنْدُ وَالصِّينُ وَالتُّرْكُ؛ لَكِنْ يَجْمَعُهُمْ لَفْظُ الشِّرْكِ وَمَعْنَاهُ.

وَكَذَلِكَ الْخُرُوجُ وَالْمُرُوقُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي مَعْنَى أُولَئِكَ وَيَجِبُ قِتَالُهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَجَبَ قِتَالُ أُولَئِكَ. وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ عَنْ الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ خُرُوجَ الرَّافِضَةِ وَمُرُوقَهُمْ أَعْظَمُ بِكَثِيرِ.

فَأَمَّا قَتْلُ الْوَاحِدِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ الْخَوَارِجِ؛ كالحرورية وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ: فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد.

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ؛ كَالدَّاعِيَةِ إلَى مَذْهَبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّنْ فِيهِ فَسَادٌ. فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} وَقَالَ: {لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ}
وَقَالَ عُمَرُ لِصَبِيغِ بْنِ عِسْلٍ: لَوْ وَجَدْتُك مَحْلُوقًا لَضَرَبْت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك.
وَلِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ طَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَبَأٍ أَوَّلَ الرَّافِضَةِ حَتَّى هَرَبَ مِنْهُ.

وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ. فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ فَسَادُهُمْ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلُوا وَلَا يَجِبُ قَتْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا لَمْ يَظْهَرْ هَذَا الْقَوْلُ أَوْ كَانَ فِي قَتْلِهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ.

وَلِهَذَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ ذَلِكَ الْخَارِجِيِّ ابْتِدَاءً لِئَلَّا يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ " وَلَمْ يَكُنْ إذْ ذَاكَ فِيهِ فَسَادٌ عَامٌّ؛

وَلِهَذَا تَرَكَ عَلِيٌّ قَتْلَهُمْ أَوَّلَ مَا ظَهَرُوا لِأَنَّهُمْ كَانُوا خَلْقًا كَثِيرًا وَكَانُوا دَاخِلِينَ فِي الطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ظَاهِرًا لَمْ يُحَارِبُوا أَهْلَ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَكُنْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّهُمْ هُمْ.

وَأَمَّا تَكْفِيرُهُمْ وَتَخْلِيدُهُمْ: فَفِيهِ أَيْضًا لِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ: وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد. وَالْقَوْلَانِ فِي الْخَوَارِجِ وَالْمَارِقِينَ مِنْ الحرورية وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الَّتِي يَقُولُونَهَا الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ كُفْرٌ وَكَذَلِكَ أَفْعَالُهُمْ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ هِيَ كُفْرٌ أَيْضًا. وَقَدْ ذَكَرْت دَلَائِلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛

لَكِنْ تَكْفِيرُ الْوَاحِدِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُمْ وَالْحُكْمُ بِتَخْلِيدِهِ فِي النَّارِ مَوْقُوفٌ عَلَى ثُبُوتِ شُرُوطِ التَّكْفِيرِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ. فَإِنَّا نُطْلِقُ الْقَوْلَ بِنُصُوصِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالتَّكْفِيرِ وَالتَّفْسِيقِ وَلَا نَحْكُمُ لِلْمُعَيَّنِ بِدُخُولِهِ فِي ذَلِكَ الْعَامِّ حَتَّى يَقُومَ فِيهِ الْمُقْتَضَى الَّذِي لَا مَعَارِضَ لَهُ. وَقَدْ بَسَطْت هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فِي " قَاعِدَةِ التَّكْفِيرِ ".

وَلِهَذَا لَمْ يَحْكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُفْرِ الَّذِي قَالَ: إذَا أَنَا مُتّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ ذروني فِي الْيَمِّ فَوَاَللَّهِ لَأَنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبُنِي عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ مَعَ شَكِّهِ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ وَإِعَادَتِهِ؛

وَلِهَذَا لَا يُكَفِّرُ الْعُلَمَاءُ مِنْ اسْتَحَلَّ شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لِنَشْأَتِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ؛ فَإِنَّ حُكْمَ الْكُفْرِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الرِّسَالَةِ. وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ قَدْ لَا يَكُونُ قَدْ بَلَغَتْهُ النُّصُوصُ الْمُخَالِفَةُ لِمَا يَرَاهُ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الرَّسُولَ بَعَثَ بِذَلِكَ فَيُطْلِقُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كُفْرٌ وَيُكَفِّرُ مَتَى قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا؛ دُونَ غَيْرِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
) ا.هـ.

مجموع الفتاوى (28 / 494 - 501)

مهذب 02-01-15 08:49 PM

.

فيما يلي ينبه شيخ الإسلام - رحمه الله - إلى خاصتين .. أو أصلين .. عند المارقين :


( أَوَّلُ الْبِدَعِ ظُهُورًا فِي الْإِسْلَامِ وَأَظْهَرُهَا ذَمًّا فِي السُّنَّةِ وَالْآثَارِ: بِدْعَةُ الحرورية الْمَارِقَةِ؛

فَإِنَّ أَوَّلَهُمْ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ: اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ فَإِنَّك لَمْ تَعْدِلْ
وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِمْ وَقِتَالِهِمْ
وَقَاتَلَهُمْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

وَالْأَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَفِيضَةٌ بِوَصْفِهِمْ وَذَمِّهِمْ وَالْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ
قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ: صَحَّ الْحَدِيثُ فِي الْخَوَارِجِ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ. فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} .


وَلَهُمْ خَاصَّتَانِ مَشْهُورَتَانِ فَارَقُوا بِهِمَا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَأَئِمَّتَهُمْ:

أَحَدُهُمَا:

خُرُوجُهُمْ عَنْ السُّنَّةِ وَجَعْلُهُمْ مَا لَيْسَ بِسَيِّئَةٍ سَيِّئَةً أَوْ مَا لَيْسَ بِحَسَنَةٍ حَسَنَةً

وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَظْهَرُوهُ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ {قَالَ لَهُ ذُو الخويصرة التَّمِيمِيُّ: اعْدِلْ فَإِنَّك لَمْ تَعْدِلْ حَتَّى قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلَك وَمَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ لَقَدْ خِبْت وَخَسِرْت إنْ لَمْ أَعْدِلْ} .

فَقَوْلُهُ: فَإِنَّك لَمْ تَعْدِلْ جَعَلَ مِنْهُ لِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَفَهًا وَتَرْكَ عَدْلٍ
وَقَوْلُهُ: " اعْدِلْ " أَمْرٌ لَهُ بِمَا اعْتَقَدَهُ هُوَ حَسَنَةً مِنْ الْقِسْمَةِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ

وَهَذَا الْوَصْفُ تَشْتَرِكُ فِيهِ الْبِدَعُ الْمُخَالِفَةُ لِلسُّنَّةِ

فَقَائِلُهَا لَا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ مَا نَفَتْهُ السُّنَّةُ وَيَنْفِيَ مَا أَثْبَتَتْهُ السُّنَّةُ وَيُحَسِّنُ مَا قَبَّحَتْهُ السُّنَّةُ أَوْ يُقَبِّحَ مَا حَسَّنَتْ السُّنَّةُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بِدْعَةً

وَهَذَا الْقَدْرُ قَدْ يَقَعُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ خَطَأً فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ؛ لَكِنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ يُخَالِفُونَ السُّنَّةَ الظَّاهِرَةَ الْمَعْلُومَةَ.

وَالْخَوَارِجُ جَوَّزُوا عَلَى الرَّسُولِ نَفْسِهِ أَنْ يَجُورَ وَيُضِلَّ فِي سُنَّتِهِ وَلَمْ يُوجِبُوا طَاعَتَهُ وَمُتَابَعَتَهُ وَإِنَّمَا صَدَّقُوهُ فِيمَا بَلَغَهُ مِنْ الْقُرْآنِ دُونَ مَا شَرَعَهُ مِنْ السُّنَّةِ الَّتِي تُخَالِفُ - بِزَعْمِهِمْ - ظَاهِرُ الْقُرْآنِ.

وَغَالِبُ أَهْلِ الْبِدَعِ غَيْرِ الْخَوَارِجِ يُتَابِعُونَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى هَذَا؛ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الرَّسُولَ لَوْ قَالَ بِخِلَافِ مَقَالَتِهِمْ لَمَا اتَّبَعُوهُ كَمَا يُحْكَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ

وَإِنَّمَا يَدْفَعُونَ عَنْ نُفُوسِهِمْ الْحُجَّةَ:
إمَّا بِرَدِّ النَّقْلِ؛
وَإِمَّا بِتَأْوِيلِ الْمَنْقُولِ.
فَيَطْعَنُونَ تَارَةً فِي الْإِسْنَادِ وَتَارَةً فِي الْمَتْنِ.
وَإِلَّا فَهُمْ لَيْسُوا مُتَّبِعِينَ وَلَا مُؤْتَمِّينَ بِحَقِيقَةِ السُّنَّةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ بَلْ وَلَا بِحَقِيقَةِ الْقُرْآنِ.


الْفَرْقُ الثَّانِي فِي الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ:

أَنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ بِالذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ.
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ بِالذُّنُوبِ اسْتِحْلَالُ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ

وَأَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ دَارُ حَرْبٍ وَدَارَهُمْ هِيَ دَارُ الْإِيمَانِ.

وَكَذَلِكَ يَقُولُ جُمْهُورُ الرَّافِضَةِ؛ وَجُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ؛ وَالْجَهْمِيَّة؛ وَطَائِفَةٌ مِنْ غُلَاةِ الْمُنْتَسِبَةِ إلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَمُتَكَلِّمِيهِمْ.

فَهَذَا أَصْلُ الْبِدَعِ الَّتِي ثَبَتَ بِنَصِّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ أَنَّهَا بِدْعَةٌ وَهُوَ
جَعْلُ الْعَفْوِ سَيِّئَةً وَجَعْلُ السَّيِّئَةِ كُفْرًا.

فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ الْخَبِيثَيْنِ وَمَا يَتَوَلَّدُ عَنْهُمَا مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَذَمِّهِمْ وَلَعْنِهِمْ وَاسْتِحْلَالِ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.

وَهَذَانِ الْأَصْلَانِ هُمَا خِلَافُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ


فَمَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ فِيمَا أَتَتْ بِهِ أَوْ شَرَعَتْهُ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ خَارِجٌ عَنْ السُّنَّةِ
وَمَنْ كَفَّرَ الْمُسْلِمِينَ بِمَا رَآهُ ذَنْبًا سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا أَوْ لَمْ يَكُنْ دَيْنًا وَعَامَلَهُمْ مُعَامَلَةَ الْكُفَّارِ فَهُوَ مُفَارِقٌ لِلْجَمَاعَةِ.

وَعَامَّةُ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ إنَّمَا تَنْشَأُ مِنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَشِبْهُ التَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ أَوْ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ:
إمَّا حَدِيثٌ بَلَغَهُ عَنْ الرَّسُولِ لَا يَكُونُ صَحِيحًا
أَوْ أَثَّرَ عَنْ غَيْرِ الرَّسُولِ قَلَّدَهُ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْقَائِلُ مُصِيبًا
أَوْ تَأْوِيلٌ تَأَوَّلَهُ مِنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ حَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٍ أَوْ ضَعِيفٍ أَوْ أَثَرٍ مَقْبُولٍ أَوْ مَرْدُودٍ وَلَمْ يَكُنْ التَّأْوِيلُ صَحِيحًا
وَإِمَّا قِيَاسٌ فَاسِدٌ أَوْ رَأْيٌ رَآهُ اعْتَقَدَهُ صَوَابًا وَهُوَ خَطَأٌ.

فَالْقِيَاسُ وَالرَّأْيُ وَالذَّوْقُ هُوَ عَامَّةُ خَطَأِ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ وَطَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ.

وَتَأْوِيلُ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ أَوْ الضَّعِيفَةِ عَامَّةً خَطَأُ طَوَائِفِ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُحَدِّثَةِ وَالْمُقَلِّدَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ.


وَأَمَّا التَّكْفِيرُ بِذَنْبٍ أَوْ اعْتِقَادٍ سُنِّيٍّ فَهُوَ مَذْهَبُ الْخَوَارِجِ.

وَالتَّكْفِيرُ بِاعْتِقَادٍ سُنِّيٍّ مَذْهَبُ الرَّافِضَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ غَيْرِهِمْ.

وَأَمَّا التَّكْفِيرُ بِاعْتِقَادِ بِدْعِيٍّ فَقَدْ بَيَّنْته فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

وَدُونَ التَّكْفِيرِ قَدْ يَقَعُ مِنْ الْبُغْضِ وَالذَّمِّ وَالْعُقُوبَةِ - وَهُوَ الْعُدْوَانُ –
أَوْ مَنْ تَرَكَ الْمَحَبَّةَ وَالدُّعَاءَ وَالْإِحْسَانَ وَهُوَ التَّفْرِيطُ بِبَعْضِ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ مَا لَا يَسُوغُ
وَجِمَاعُ ذَلِكَ ظُلْمٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ كَمَا بَيَّنْته فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: أَكْثَرُ مَا يُخْطِئُ النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التَّأْوِيلِ وَالْقِيَاسِ.
) ا.هـ.

مجموع الفتاوى (19/ 71 - 75)

نــــ s ــهـــ s ـــار 02-01-15 09:00 PM

رحم الله شيخ الإسلام و أثابه الخير و حشرنا معه بصبحة نبينا صلى الله عليه وسلم

لاحظ كلام شيخ الإسلام رحمه الله و توصيف حال الخوارج و كيفية الحكم عليهم


لم يقذف عمومهم بالزنى , و لم يجعل لسانه سوقياً ضده , رغم أنه رحمه الله تعالى

شرح حديث المتسابان .

و الذي أتهمته بإستحلال المسلمات و الزنى بهن , رميت تفهمتك من غير دليل أو بينه

رغم أنه لم يسبك أو يتهمك أو يقذف عرضك

و طبعاً تعرف عما أتكلم عنه بردك السابق بموضوع آخر

فحاول أن تكون صبوراً في حوار المخالفين و خصوصاً الجاهلين منهم

فأغلب من يحاور في القسم يحاور على عصبيه و عاطفه لدينه

مهذب 02-01-15 09:28 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نــــ s ــهـــ s ـــار (المشاركة 1813750)


و الذي أتهمته بإستحلال المسلمات و الزنى بهن , رميت تفهمتك من غير دليل أو بينه


هن مسلمات عند أهل السنة .. أما عند الخوارج فمرتدات مباحات الفروج لهم أخزاهم الله .

وإذا كان حكمهن الإسلام عند أهل السنة ..

فما حكم من يطأ المرأة المسلمة الحرة بغير زواج شرعي .. ؟!!

وما حكم من يستحل وطأهن بغير زواج .. !!!


وأنت بالمناسبة قد يكون حكمك عند هؤلاء الخوارج الردة .. يعني مباحٌ لهم دمك ومالك وأهلك ..

ففي مجلتهم ( دابق ) نشروا صورةً للملك فيصل - رحمه الله - كتبوا تحتها ( الطاغوت فيصل ) ..

ولا يخفاك حكمهم على من لا يكفر بالطاغوت .. !!!

هذا بخلاف تكفيرهم للملك فهد رحمه الله .. والذي - كما فهمت - له تقدير خاص عندك .

نــــ s ــهـــ s ـــار 02-01-15 09:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهذب (المشاركة 1813761)
هن مسلمات عند أهل السنة .. أما عند الخوارج فمرتدات مباحات الفروج لهم أخزاهم الله .

وإذا كان حكمهن الإسلام عند أهل السنة ..

فما حكم من يطأ المرأة المسلمة الحرة بغير زواج شرعي .. ؟!!

وما حكم من يستحل وطأهن بغير زواج .. !!!


وأنت بالمناسبة قد يكون حكمك عند هؤلاء الخوارج الردة .. يعني مباحٌ لهم دمك ومالك وأهلك ..

ففي مجلتهم ( دابق ) نشروا صورةً للملك فيصل - رحمه الله - كتبوا تحتها ( الطاغوت فيصل ) ..

ولا يخفاك حكمهم على من لا يكفر بالطاغوت .. !!!

هذا بخلاف تكفيرهم للملك فهد رحمه الله .. والذي - كما فهمت - له تقدير خاص عندك .


الملك فهد رحمه الله أقدره و أحبه لأمر شخصي أولاً

ولأنه بعهده , كان لا وجود للشيعه ولا الليبرالين و لا العلمانيين

كان داعس على الكل و لا يفرق بين أحد , و خدماته للإسلام كبيره و نصرته للمسلمين بكل أقطار الدنيا

بكل بلد في العالم , له بصمه فيها

حتى كبار السن كانوا يقولون لنا , بتترحمون على أيام الفهد بعد ما مات

أسأل الله أن تكون له شفيعه يوم القيامة و تخفف عنه سيئاته


الأمر الثاني يا مهذب :

أعلم بحال هذه الفرق و أنها تراني كافراً أصلاً و مرتد و مستحل الدم و المال لديهم


يعني لي أمرين , إما إتباع طريقتهم أو مواجهتهم

لكن بتبع أصح الأفعال فيهم مثل فعل حبر الأمه رضي الله عنه و أرضاه

الحوار معهم بالحسنى و اللين , لأنهم والله العظيم عن تجربه

حاورت كثير من أصحاب الفكر المغالي في إطلاق الأحكام على الأفراد و التكفير بالجمله

بعضهم لقيت منهم إحسان و بعضهم أستجاب و البعض على حاله مصر و أتهمني بأنني موالي لطاغوت بلدي :d


أصير مثلهم ..؟؟ ما أرضى على نفسي أتبع خطاهم حتى لو مدحت بعض افعالهم

في قتل الروافض بالعراق و تبيرد قلوبنا لو قليلاً ضد أهل النفاق و الشقاق شيعة الشيطان


ثالثاً , كلامك الي قلته ما قريت عنه بأنهم أستحلوا المسلمات

إلي أعرفه إنهم أستحلوا الأزيديات و الشيعيات , و الإعلام الصهيوني يقول عنهن مسلمات !!

و السبي معروف حكمه في الإسلام و شروطه و كيفية العمل به

أما إنهم أستحلوا المسلمات بدون بينه , فلا أعلم ولم أرى ذلك بأي خبر حقيقي من مصدر محترم

اللهم مصادر العربيه و القنوات الغربيه و مصادر قنوات الرافضه الحمقى المستحلين لأعراضهم بأنفسهم بالمتعه


الخلاصه يا عزيزي , لك قدر و إحترام كبير حتى لو لم تعرفني أو تتحاور معي


معرفي قديم في المنتدى و أعلم عن مواضيع أغلب أعضائه ’ حتى لو لم أشارك إلا قليلاً جداً

و يحز بنفسي عند رؤية قلم له مكانه في المنتدى , يصبح بهذه الحاله



معاوية آل نازح 02-01-15 09:47 PM

رحم الله شيخ الإسلام فقد بيّن وافاد واجاد

مهذب 02-01-15 11:17 PM

.
سأعلق على المهم فقط :


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نــــ s ــهـــ s ـــار (المشاركة 1813764)

ثالثاً , كلامك الي قلته ما قريت عنه بأنهم أستحلوا المسلمات

إلي أعرفه إنهم أستحلوا الأزيديات و الشيعيات , و الإعلام الصهيوني يقول عنهن مسلمات !!

و السبي معروف حكمه في الإسلام و شروطه و كيفية العمل به

أما إنهم أستحلوا المسلمات بدون بينه , فلا أعلم ولم أرى ذلك بأي خبر حقيقي من مصدر محترم

اللهم مصادر العربيه و القنوات الغربيه و مصادر قنوات الرافضه الحمقى المستحلين لأعراضهم بأنفسهم بالمتعه



وما رأيك بمجلتهم الرسمية ( دابق ) .. أليست مصدراً موثوقاً ، هذه الكلام موجود في هامش الصفحة 15 من العدد الرابع :




اقتباس:

1 The enslavement of the apostate women belonging to apostate groups
such as the rāfidah, nusayriyyah, durūz, and ismā’īliyyah is one that the fuqahā’
differ over. The majority of the scholars say that their women are not to
be enslaved and only ordered to repent because of the hadīth, “Kill whoever
changes his religion” [Sahīh al-Bukhārī]. But some of the scholars including
Shaykhul-Islām Ibn Taymiyyah and the Ahnāf (Hanafis) say they may be enslaved
due to the actions of the Companions during the Wars of Apostasy
where they enslaved the apostate women. This opinion is one also supported
by evidence, wallāhu a’lam.
هذا رابط للمقالة وعنوانها :
إحياء الرق قبل قيام الساعة
The Revival of Slavery Before The Hour



http://www.danielpipes.org/rr/2014-10-dabiq.228.pdf


وهنا تجد ترجمة للمقالة وفي نهايتها الهامش :

http://www.muslm.org/vb/archive/index.php/t-538864.html


وأقتبس ترجمة للهامش من الرابط :


اقتباس:

(1) إن استرقاق النساء المرتدات المنتميات لفرٍق مرتدةٍ كالرافضة، والنصيرية، والدروز، والإسماعيلية من الأمور التي اختلف فيها الفقهاء. أغلب الفقهاء قالوا إن نسائهم لا يُسبين ولكن يُستتبن لأجل الحديث، "من بدل دينه فاقتلوه" (صحيح البخاري). لكن بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية والأحناف قالوا إنهن يُسبين قياسًا إلى أفعال الصحابة في حروب الردة حيث سبوا النساء المرتدات. وهذا الرأي تدعمه الأدلة الظاهرة أيضًا، والله أعلم

فالمقال يتكلم أصلاً عن ما فعلته داعش من سبي لليزيديات بحكم أن اليزيدية كفار أصليون لا مرتدون كما قرره المقال .

والهامش كما ترى يتكلم عن حكم نساء المرتدين ، وكما تلاحظ هو رجح جواز سبيهن .

معاوية آل نازح 03-01-15 12:00 AM

لا مزايدة هذه المطوية وزعتها الدولة الإسلامية بعد سبي الايزيديات والنصرانيات

وفيها تبيّن حكم السبي ومن هي السبايا

https://pbs.twimg.com/media/B37tKI3CYAA1bx9.jpg


https://pbs.twimg.com/media/B37tH-zCEAIbJgS.jpg







مهذب 03-01-15 12:35 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معاوية آل نازح (المشاركة 1813788)

وفيها تبيّن حكم السبي ومن هي السبايا

ليس في الصور التي وضعتها شيء يتعلق بما نتكلم عنه .. !

معاوية آل نازح 03-01-15 09:07 AM

انت يا مهذب تتكلم عن سبي المرتدات جوازه من نفيه اليس كذلك؟


الساعة الآن 01:11 PM.

Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "