شبكة الدفاع عن السنة

شبكة الدفاع عن السنة (http://www.dd-sunnah.net/forum/index.php)
-   الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية (http://www.dd-sunnah.net/forum/forumdisplay.php?f=2)
-   -   حفظ الله السنة النبوية / من لوازم الإيمان بالرسالة المحمدية (http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=151970)

جاسمكو 11-06-12 10:43 AM

حفظ الله السنة النبوية / من لوازم الإيمان بالرسالة المحمدية
 
حفظ الله السنة النبوية / من لوازم الإيمان بالرسالة المحمدية

----------------------------------

الاعتقاد في حفظ السنة.. من لوازم الإيمان بالرسالة المحمدية
أ. د. جعفر شيخ إدريس


إن قوة الإسلام التي ما تزال سبباً في سرعة انتشاره وإقبال رواد الحق إليه، إنما هي في قوة الحق الهادي الذي يرونه بادياً على محياه. وهو حق يتضافر على إبرازه الوحيان: كتاب الله المنزل وسنة رسوله المبينة، ولا بقاء له بأحدهما دون الآخر. ففتنة التشكيك في السنة مقصد عظيم من مقاصد الذين يسعون جاهدين لتقويض هذا الدين وإيقاف احتلاله لقلوب كانت تعشش فيها معتقدات باطلة وهرطقات فارغة. لكن المؤسف أن الأدوات التي تستخدم لنشر هذه الفتنة هي ألسنة وعقول إسلامية قد تكون حسنة النوايا. ولذلك فإنها تلجأ في نشر فتنتها إلى استعمال حجج دينية. فالسنة المحمدية تُنكر تارة بدعوى أنه لا حاجة إليها مع وجود القرآن الكريم، وتارة بدعوى أن كثيراً من الأحاديث ـ حتى ما شهد له جهابذة العلماء بصحة السند ـ يتنافى مع ما تقرره بعض آيات القرآن الكريم، أو ما يقتضيه العقل السليم، وتارة بأن الله ـ تعالى ـ إنما تكفل بحفظ القرآن الكريم ولم يَعِدْ بتكفله بحفظ السنة المطهرة. وحديثنا في هذا المقال منحصر في هذه الدعوى الأخيرة؛ لأن أصحابها يقولون إنهم ليسوا ممن ينكر السنة، وإنما هم من الذين يشكون في ثبوتها كلها. ولذلك فإنهم يعطون أنفسهم حق النظر فيها والحكم عليها بأهوائهم (لا أقول بعقولهم)، فما رأوه موافقاً للكتاب قبلوه، وما رأوه مخالفاً له أنكروه مهما كانت قوة سنده، وسواء كان في الصحيحين أو في غيرهما.

نقول لهؤلاء وغيرهم: إن على كل من يؤمن بأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء، وأنه مرسل إلى الناس كافة إلى قيام الساعة، أن يعلم أن من لوازم هذا الإيمان الاعتقاد في حفظ السنة. عليه أن يعتقد هذا سواء علم كيف حفظت أو لم يعلم، وسواء كان من العلماء أو من العامة. لماذا؟
يقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَـحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
ومع أن المعنى الشائع لكلمة الذكر في هذه الآية أنه القرآن الكريم؛ فقد قال بعض العلماء إنها تشمل السنة أيضاً. والذي أريد بيانه هنا أنه حتى لو لم تكن كلمة الذكر شاملة للسنة، إلا أنها تستلزمها.
كيف؟ إن كلمة الذكر تدل على أن المحفوظ ليس مجرد كلمات أو نصوص يمكن أن تبقى مصونة في متحف من المتاحف الأثرية؛ وذلك لأن حفظ الذكر يقتضي فهم المعنى؛ لأن الكلام لا يكون ذكراً إلا إذا فُهم. وهل يفهم القرآن الكريم حتى فهماً أولياً إلا إذا عرفت لغته. وقد قال ـ تعالى ـ: {إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 3]. {إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2].
فالقرآن إذن لا يُعقل معناه ولا يُفهم إلا إذا فهمت اللغة العربية؛ فحفظه يستلزم حفظها. وهذا هو الذي حدث بحمد الله تعالى وفضله. فاللغة العربية حُفظت كما لم تحفظ لغة غيرها، فما زالت الملايين من الناس تتحدث بها وتكتب، وما زالوا يتذوقون أدبها، وما زال التعمق فيها أمرا ميسوراً. وقد استخدم الله ـ تعالى ـ لهذا الحفظ رجالاً حباهم بجمع ألفاظها، وحفظ نحوها وصرفها، وجمع شعرها ونثرها. لكن الكتاب المحفوظ نفسه كان أهم سبب في حفظها لقراءة المؤمنين المستمرة له ودراستهم لتفسيره وتمعنهم في بلاغته وإعجازه.
وقال الله ـ سبحانه وتعالى ـ مخاطباً نبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وَأَنزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].
ولحكمةٍ ما استعمل الله كلمة الذكر هنا كما استعملها في الآية الكريمة التي هي موضع دراستنا. فكما أن الذكر لا يُفهم إلا بفهم لغته، فإنه لا يتبين إلا ببيان الرسول له؛ فحفظ الذكر يستلزم لا جرم حفظ بيانه.
إن واحداً من عامة عقلاء البشر لا يكتب كتاباً يقول إنه لا يُفهم فهماً كاملاً إلا بالحواشي المصاحبة له، ثم ينشر الكتاب من غير تلك الحواشي. فكيف يُظن بالحكيم العليم أن يرسل رسولاً تكون مهمته أن يبين كتابه، ثم يحفظ الكتاب ولا يحفظ ذلك البيان؟
والله ـ سبحانه وتعالى ـ يشير في أكثر من أربعين موضعاً في كتابه إلى سنَّة رسوله، فيأمر باتباعه وعدم تقديم كلام بشر على كلامه، ويبين ضرورة هذا الاتباع وفضله، وأنه أمر يقتضيه حب المؤمن لربه، ويحذر ـ سبحانه ـ من مخالفة هذه السنة. يذكر كل هذا في مثل قوله ـ سبحانه ـ: {قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] .
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّـمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]
{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7].
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
هل يتصور عاقل يقدر ربه حق قدره أن يشير في أمثال هذه الآيات إلى معدوم بالنسبة لمن هم في عصورنا هذه المتأخرة؟
كيف يكون الناس في عهده -صلى الله عليه وسلم- بحاجة إلى سنته وهم الذين نزل القرآن الكريم بلغتهم، ولا نكون نحن بحاجة إليها؟
كيف يشير إلى معدوم بالنسبة لنا وقد أرسل رسوله -صلى الله عليه وسلم- للناس كافة إلى قيام الساعة وجعله خاتما لأنبيائه؟
وإذا كان ـ سبحانه وتعالى ـ يعلم أن حاجتنا إليها عظيمة؛ فكيف يتصور أن لا يحفظها لنا وينعم علينا بهدايتها كما أنعم على الذين من قبلنا؟
إن القول بعدم حفظ السنة له خبيء من أبطل الباطل هو أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- إنما أرسل لمعاصريه. وخبيء آخر هو أن الكفار كانوا محقين في إنكارهم لإرسال الرسل وفي زعمهم بأن كل واحد منهم مؤهل لأن يؤتى مثل ما أوتي رسل الله.
بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفاً منشرة: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً } [المدثر: 52]
كيف يشك إنسان في حفظ السنة ثم يشهد بلسانه بأن محمداً رسول الله؟ ما ذا تعني هذه الشهادة بالنسبة له؟ إنه لا فرق في واقع الأمر بين إنكار السنة وإنكار حفظها؛ فكلا الأمرين يؤدي إلى عدم الاهتداء بها.
والاعتقاد في حفظ السنة من لوازم الإيمان بالرسالة المحمدية؛ لأن المؤمن بهذه الرسالة يسأل الله ـ تعالى ـ في كل ركعة من ركعات صلاته الواجبة والنافلة في كل يوم أن يهديه إلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. ومن ذا الذي يدخل في من أنعم الله عليهم إن لم يدخل فيهم جهابذة العلماء الفضلاء الأتقياء الذين أفنوا أعمارهم في جمع السنة وحفظها وتفتيشها ودراستها والعمل بها؟ كيف يدعو إنسان ربه أن يهديه إلى صراط الذين أنعم الله عليهم، ثم يعرض عن علماء السنة هؤلاء أو يتعالى عليهم ظاناً أنه أعلم منهم أو أعقل أو أذكى أو أحرص على دين الله؟ كلاَّ؛ بل إن المؤمن الصادق ليقول لنفسه: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } [الأنعام: 90].
إنه لا بديل عن سلوك صراط هؤلاء إلا سلوك طريق المغضوب عليهم من الذين عرفوا الحق وأنكروه، أو سلوك طريق الضالين الذين عبدوا الله بأهوائهم وتخرصاتهم، فلم يكونوا من الذين هداهم الله ولا من أولي الألباب.
وإنه لمن تمام حفظ الذكر العظيم أن يكون بين المسلمين دائماً علماء يستهدون بهداهم في معرفة هذا الذكر، ويسالونهم ويستفتونهم. وإنه لمن أعظم ما يتميز به هؤلاء العلماء الهداة هو معرفة سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون"[1].
إن بداية عموم الضلال أن يذهب من على وجه الارض أمثال هؤلاء العلماء، فيذهب بذهابهم العلم بكتاب الله ـ تعالى ـ مع وجود نصوصه:"إن الله ـ تعالى ـ لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا واضلوا"[2].
وحين يحدث هذا لا تبقى من فائدة في وجود النص القرآني؛ لأنه لا يكون آنذاك ذِكْراً؛ ولهذا فإن الله ـ تعالى ـ يرفعه إليه، ثم يأذن بقيام الساعة.


---------------------------------

[1] البخاري، حديث 3368، ومسلم، حديث 3544

[2] البخاري، حديث 98.

جاسمكو 11-06-12 10:44 AM

السنة النبوية

شبهات أعداء السنة

الاستغناء عن السنة بالقرآن مخالف للقرآن



حجج علماء السنة في الرد عليهم

جل أحكام الفقه مرجعها السنة


ومع ذلك ابتليت أمتنا ـ قديما وحديثا ـ بفئة قليلة العدة، ضعيفة العدة، قصيرة العرفان، طويلة اللسان، زعموا أننا في غير حاجة إلى السنة، وأن القرآن يغنينا عنها، وأنه وحده مصدر الدين كله، عقائده وشرائعه، ومفاهيمه وقيمه، وأخلاقه وآدابه.

شبهات أعداء السنة:

واستندوا فيما زعموا ـ ككل صاحب بدعة وضلالة ـ إلى شبهات حسبوها أدلة، وهي مردودة عليهم بحجج أهل العلم التي لا تخلو الأرض منهم.

استدل الذين يزعمون أنهم أهل القرآن وأنصاره بما يلي:

1.قول الله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء)، (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء).

2. أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن فقال: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، ولم يتكفل بحفظ السنة.

3. أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للقرآن كتابا يكتبونه منذ نزل به جبريل عرفوا باسم "كتاب الوحي"، ولم يجعل ذلك للسنة، بل صح عنه قوله: "لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن".

4. أن السنة من أجل ذلك دخلها المنكر والموضوع، وما لا أصل له من الحديث، فضلا عن الضعيف والواهي وما لا يصلح للاحتجاج به، واختلط الحابل بالنابل، فلم يعد في الإمكان التمييز بين ما يصح وما لا يصح.

حجج علماء السنة في الرد عليهم:

وهذه الشبهات كلها لا تصمد أمام التمحيص العلمي، وكلها مردودة.

* القرآن يبين القواعد، والسنة تفصل الأحكام:

1. أما قوله تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء)، فالمراد بهذه "الكلية": ما يتعلق بالأصول والقواعد الكلية التي يقوم عليها بنيان الدين في عقيدته وشريعته، ومن هذه الأصول: أن الرسول مبين لما نزل إليه، وبعبارة أخرى: أن السنة مبينة للقرآن: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم).

ولم يفهم أحد ـ في الأولين ولا الآخرين ـ أن التبيان القرآني تبيان تفصيلي، وإلا فإن العبادة الأولى، والفريضة اليومية، والشعيرة الكبرى في الإسلام (الصلاة) لا يوجد في القرآن أي تفصيل لها: لا عددها، ولا مواقيتها، ولا ركعاتها، ولا كيفياتها، ولا تفاصيل شروطها وأركانها، وكلها عرف بالسنة، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة.

* حفظ الله للقرآن يستلزم حفظ السنة:

2. أن قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) يدل على حفظ القرآن بدلالة المطابقة، ويدل على حفظ السنة المبينة للقرآن بدلالة التضمين، فإن حفظ المبين يتضمن ويستلزم حفظ ما يبينه، لأن هذا من جملة الحفظ. كما بين ذلك الإمام الشاطبي رضي الله عنه.

فالحفظ له مظهران: مظهر مادي وهو حفظ الألفاظ والعبارات أن تنسى أو تحذف أو تبدل. ومظهر معنوي، وهو حفظ المعاني أن تحرف أو تمسخ وتشوه.

والكتب السماوية السابقة لم يتكفل الله بحفظها، واستحفظها أهلها، فلم يحفظوها، فتعرضت لنوعين من التحريف: التحريف اللفظي بتبديل الألفاظ بأخرى أو إسقاطها، والتحريف المعنوي بتأويلها بما يبعدها عن مراد الله تعالى منها.

وقد حفظ الله القرآن من كلا التحريفين، وكان البيان النبوي بالسنة من تمام حفظ الله تعالى لكتابه، وتصديقا لوعده بذلك حين قال: (ثم إن علينا بيانه).

ولقد أثبت التاريخ العلمي للمسلمين صدق ذلك، وحفظ الله تعالى سنة نبيه، كما حفظ كتابه الكريم.

وقام في كل عصر حراس أيقاظ، يحملون علم النبوة، وميراث الرسالة، يورثونه للأجيال، مشاعل تضيء، ومعالم تهدي، تصديقا لتلك النبوءة المحمدية، والبشارة المصطفوية: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين".

* أطوار تدوين السنة:

3. صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل للسنة كتابا يكتبونها كالقرآن، بل نهى عن كتابة غير القرآن في أول الأمر، لتتوفر الهمم على كتابة القرآن، لقلة الكاتبين، وقلة مواد الكتابة وتنوعها، وعسرها، وخشية اختلاط القرآن بغيره. ولكنه كتب أشياء مهمة لتبلغ عنه وتنفذ، مثل كتبه في الصدقات والديات وغيرها، وأذن لبعض الصحابة أن يكتبوا، مثل عبد الله بن عمرو وغيره. وحث على تبليغ الأحاديث لمن لم يسمعها بدقة وأمانة، وجاء في ذلك حديثه المستفيض، بل المتواتر عند بعض العلماء: "نضر الله امرءا سمع مقالتي، فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع"، وفي رواية: "فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".

ومن الثابت بيقين لدى الباحثين المتخصصين اليوم: أن تدوين السنة لم يبدأ في رأس المائة الأولى للهجرة، كما قيل يوما، بل إن للتدوين أطورا بدأت منذ عصر النبوة، ونمت بعد ذلك في عصر الصحابة فمن بعدهم، كما دلت على ذلك الدراسات العلمية الموضوعية.

* جهود علماء الأمة في خدمة السنة وتنقيتها:

4. من المؤكد أن هناك من كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم متعمدين لدوافعشتى، فاستحقوا أن يتبوءوا مقعدهم بين عيني جهنم، ولا غرو، فهناك من افتروا الكذب على الله ذاته، ومن قال: أوحي إلي ولم يوح إليه شيء! ولكن من المؤكد أن علماء الأمة وصيارفة السنة، تصدوا لهؤلاء الدجالين، وكشفوا أستارهم، وفضحوا زيفهم، وقد قيل للإمام عبد بن المبارك: هذه الأحاديث الموضوعة؟ قال: تعيش لها الجهابذة!

ولقد عاش لها الجهابذة النقاد بالفعل، وطاردوها كما يطارد الخبراء النقود الزائفة في الأسواق، فقد تروج لدى بعض العوام، وتمر من يد إلى يد ثانية في غفلة عن الأعين الساهرة، ثم لا تلبث أن تضبط وينكشف زيفها وغشها.

وضع علماء الحديث القواعد الضابطة، ورفعوا المنارات الهادية، وأسسوا علوم الحديث ومصطلحه، واشترطوا لقبول الحديث شروطا أشرنا إليها من قبل. وهو ما لم تفعله أمة سبقت لحفظ تراث نبيها من الضياع أو التزوير.

وما قيل من أن الصحيح قد التبس بالضعيف، والحابل اختلط بالنابل، فهو ادعاء من لم يغص في بحار هذا العلم الشريف، ولم يسبر أغواره، ولم يطلع على الجهود الضخمة التي بذلتها عقول كبيرة، وملكات عالية، ومواهب خارقة، نذرت نفسها لخدمته وتجليته والدفاع عنه. فأسسوا علوم الرجال والطبقات والتواريخ، للثقات والمقبولين، وللضعفاء والمجروحين، وصنفوا في نحو تسعين علما ابتكروها عرفت باسم "علوم الحديث"، وكانت هي للحديث بمثابة "الأصول" للفقه. وأفردوا الصحيح من غيره، وعنوا بأحاديث الأحكام، وألفوا في الأحاديث الواهية والموضوعة. وكذلك في علل الأحاديث ونقدها.

إن التاريخ لم يسجل لأمة في حفظ تراث نبيها ما سجل لهذه الأمة الخاتمة. ووجود أحاديث زائفة لا يجعلنا نلقى الأحاديث كلها في سلة المهملات. هل يقول عاقل بإلغاء النقود السليمة وتحريم التعامل بها، أو اعتبارها عديمة القيمة، لأن هناك من المزورين من زيفوا بعض العملات، وروجوه لدى بعض الغافلين؟!
الاستغناء عن السنة بالقرآن مخالف القرآن:

ثم إن الذين يزعمون الاستغناء عن السنة بالقرآن يخالفون ـ أول ما يخالفون ـ القرآن ذاته مخالفة صريحة.

فالقرآن يأمر بطاعة الرسول، بجوار طاعة الله تعالى، وذلك في عدد من الآيات الكريمة.

بل اعتبر القرآن الكريم طاعة لله تعالى، كما اعتبر بيعته بيعة لله تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله).

وهذه بعض الآيات الآمرة بطاعة الرسول مع طاعة الله:

(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا، فإن توليتم فاعلموا إنما على رسولنا البلاغ المبين).

(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون).

(قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلا).

ولو كانت طاعة الرسول تعني اتباع القرآن وحده، لم هناك معنى لعطف الأمر بطاعته على طاعة الله تعالى، إذ العطف يقتضي المغايرة، وقد طلب الطاعة ـ في غير موضع ـ لكل منهما. فأفاد أن لكل منهما طاعة مستقلة.

وللعلامة ابن القيم كلام جيد في معنى الآية التي ذكرناها من سورة النساء.

جل أحكام الفقه مرجعها السنة:

والحق الذي لا مراء فيه: أن جل الأحكام ـ التي يدور عليها الفقه في شتى المذاهب المعتبرة ـ قد ثبت بالسنة.

ومن طالع كتب الفقه تبين له ذلك بكل جلاء! ولو حذفنا السنن، وما تفرع عليها واستنبط منها من تراثنا الفقهي، ما بقي عندنا فقه يذكر!!

ولهذا كان مبحث "السنة" ـ باعتبارها الدليل التالي للقرآن ـ في جميع كتب أصول الفقه، ولدى جميع المذاهب المعتبرة مبحثا إضافيا طويل الذيول، يتناول حجيتها وثبوتها وشروط قبولها، ودلالتها، وأقسامها، إلى غير ذلك مما لا يخفى على الدارسين.

وهذا ـ كما قلت ـ ينطبق على جميع المذاهب، من مذهب داود وابن حزم الظاهري المنكرين للقياس والتعليل، إلى أبي حنيفة وأصحابه الذين يعرفون باسم "مدرسة الرأي" في تاريخ الفقه الإسلامي.

جاسمكو 11-06-12 10:45 AM

حدثنا ‏ ‏يزيد بن هارون ‏ ‏قال أخبرنا ‏ ‏حريز ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي ‏ ‏عن ‏ ‏المقدام بن معدي كرب الكندي ‏ ‏قال ‏
‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه لا يوشك رجل ‏ ‏ينثني ‏ ‏شبعانا على ‏ ‏أريكته ‏ ‏يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ‏ ‏ناب من السباع ألا ولا ‏ ‏لقطة ‏ ‏من مال ‏ ‏معاهد ‏ ‏إلا أن يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم أن ‏ ‏يقروهم ‏ ‏فإن لم ‏ ‏يقروهم ‏ ‏فلهم أن ‏ ‏يعقبوهم ‏ ‏بمثل ‏ ‏قراهم ‏ مسند أحمد

لقد حفظ الله تعالى السنة مع القرآن فالذي نقل لنا القرآن هم الصحابة الذين نقلوا لنا الحديث الشريف و قد استدل أئمة المحدثين و الاصوليين كالشافعي و الصنعاني و غيرهما قد استدلوا على حفظ الله تعالى لحديث نبيه صلى الله عليه وسلم من الضياع بقوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون) الحجر 9
ووجه الإستدلال في هذه الآية أن الذكر لفظ عام يشمل نوعين من الوحي و هما الوحي المتلو و هو القرآن الكريم و الوحي غير المتلو و هو الحديث النبوي كما قال تعالى ( و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) النجم 3-4 و كما قال صلى الله عليه وسلم ( أوتيت القرآن و مثله معه ) يعني السنة و الحق أن الله تعالى حفظ حديث نبيه صلى الله عيه وسلم كما حفظ كلامه سبحانه حفظه بأن سخر علماء الإسلام الذين عملوا وبذلوا الجهد و افنوا اعمارهم في حفظ الحديث و تمحيصه فوضعوا علم مصطلح الحديث الذي يمثل أدق منهج علمي عرف في تاريخ العلوم الإنسانية على الإطلاق وبقواعده سبروا منهج روايات السنن أسانيد ومتونا و ميزوا الصحيح من السقيم كما عرفوا الأحفظ فالأحفظ من الرواة فكانت الراواية و الدراية تسيران جنبا الي جنب وكما يقال
الحق ما شهد به الأعداء وهذا ما شهد به أهل الإنصاف من غير المسلمين حتى قال " مرجليوث " : " ليفتخر المسلمون ما شاؤوا بعلم حديثهم "
بذل المحدثون جهوداً مضنية في مقاومة الوضع والافتراء على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من ثمار هذه الجهود نشوء مصطلح الحديث وعلومه التي وضعت القواعد والأصول لتصحيح الأخبار ونقدها نقداً علمياً ، حتى عُدّت هذه القواعد من أصح قواعد البحث العلمي المتعلق بتوثيق الأخبار والنصوص ، وهي ميزة لا توجد في تراث أي أمة من أمم الأرض كلها ، بل حتى ولا في كتبهم المقدسة .إن منهج النقد عند المحدثين يعد بحق مفخرة من مفاخر هذه الأمة من جهة السبق أولا ، ومن جهة الشمولية والموضوعية ودقة النتائج ثانياً ، وهذا ما شهد به أهل الإنصاف من غير المسلمين حتى قال " مرجليوث " : " ليفتخر المسلمون ما شاؤوا بعلم حديثهم " ، وقد ألف أحد علماء التاريخ في العصر الحاضر كتاباً في أصول الرواية التاريخية وهو كتاب مصطلح التاريخ لمؤلفه النصراني " أسد رستم " ، اعتمد فيه على قواعد علم الحديث ، واعترف بأنها طريقة علمية حديثة لتصحيح الأخبار والروايات ، وقال بعد أن ذكر وجوب التحقق من عدالة الراوي ، والأمانة في خبره : " ومما يذكر مع فريد الإعجاب والتقدير ما توصل إليه علماء الحديث منذ مئات السنين في هذا الباب ، وإليك بعض ما جاء في مصنفاتهم نورده بحرفه وحذافيره تنويهاً بتدقيقهم العلمي ، اعترافاً بفضلهم على التاريخ " ثم أخذ ينقل نصوصاً عن بعض أئمة هذا الشأن .

جاسمكو 11-06-12 10:56 AM

منقول من منتدى التوحيد

http://www.eltwhed.com/vb/showthread...1%C9#post84377

جاسمكو 11-06-12 11:28 AM

الرد على ما هي السنة حفظ السنة من المنافقين التواتر والقطعي والظني حجية الآحاد

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=73265


الساعة الآن 12:17 AM.

Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "