يقول المشرف المحترم

وأقول : حبًا وكرامة.

نعم هناك شروط وضعها بعض علماء أهل السنة والجماعة وليس فقط علماء الشيعة ونذكر للإخوة بعض النماذج .. ورجائي من الجميع التأني وعدم الاستعجال .. فكم رأيتكم استعجلتم فأتى استعجالكم عليكم .. فأرجوا منكم الصبر .. وعدم الحديث فيما ليس لكم فيه علم .. وصدقوني ليس عيبًا ان يقول المرأ لا أعلم .. فكم سؤلت من قبل وكان جوابي : لا أعلم .. ومن قال لا أعلم فقد أفتى كما يقولون .. وما اقبح رمي الناس بالجهل قبل فهمهم والاستماع إلى دليلهم وحجتهم .. وما أجمل أن يكون المرأ مصداقًا لقوله تبارك وتعالى ((الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)).

ثم لماذا نستخدم دائمًا صيغة العموم؟؟ أعني الرافضة جهال .. الرافضة حمقى .. الرافضة همج رعاع .. الرافضة كفار .. يهود .. زنادقة ... لماذا؟؟ أصلن متى اطلع هذا الذي يدعي هذه الصفة لكل شيعي على خافية صدور الشيعة؟؟ أيدعي الألوهية لنفسه والعياذ بالله؟؟ أليس الإطلاع على خوافي الصدور من الصفات الخاصة بالله كما تقولون؟؟ أليس من الشرك أن يدعي أحد هذه الصفة لنفسه؟؟

نعم نحن لا ندعي العصمة .. كما ولا ندعي عدالة كل شيعي .. بل ولا حتى إيمان كل شيعي .. فينا المنافق .. وفينا الفاسق المجاهر بفسقه وغير المجاهر .. وفينا الكذاب الوضاع .. وفينا وفينا .. وكذلك كل فرق المسلمين .. ومن ادعى عدالة جميع أبناء أي فرقة من فرق المسلمين .. فهو واهم.

ولكن يا عقلاء .. أبسط لفتة من العقل إلى الواقع تكشف لنا أن المسألة ليست بهذه البساطة .. الفرق المخالفة لنا حسب اعتقادي لا تخلو من مؤمن دين .. ومستقيم عادل .. وورع تقى .. إلخ .. كيف لا وأنا ممن جالسهم واستمع إلى حديثهم .. بل أكثر من ذلك .. نحن لنا من الأصحاب المخالفين الكثير .. فما يمنعنا من مصاحبتهم والإستئناس بهم ونحن لا نعلم منهم إلا كل خير؟؟ وأنا والله لا أقول الكلام هذا بدافع استجداء التعاطف منكم .. بل هو اعتقادي الذي سأقابل به ربي يوم بعثي من قبري.

ولأن إمامي الصادق أمرني بهذا حيث جاء في الرواية: عن صفوان بن يحيى عن ابي أسامة زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) اقرأ على من ترى أنه يطيعني منكم ويأخذ بقولي السلام وأوصيكم بتقوى الله عز وجل والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث واداء الامانة وطول السجود وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ادوا الامانة الى من ائتمنكم عليها برّا او فاجرا، فان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يامر باداء الخيط والمخيط؛ صلوا عشائرهم واشهدوا جنائزهم (يعني المخالفين) وعودوا مرضاهم وادوا حقوقهم، فان الرجل منكم اذا ورع في دينه وصدق الحديث وادى الامانة وحسن خلقه مع الناس قيل: هذا جعفري، فيسرني ذلك ويدخل عليّ منه السرور، وقيل: هذا ادب جعفر، واذا كان على غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره وقيل: هذا ادب جعفر فو الله لحدثني ابي عليه السلام ان الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي (عليه السلام) فيكون زينها، اداهم للامانة واقضاهم للحقوق واصدقهم للحديث، اليه وصاياهم وودائعهم، تُسأل العشيرة عنه فتقول: من مثل فلان انه لأدانا للامانة واصدقنا للحديث.

والأحاديث في استحباب الصلاة خلف المخالفين تقية - أي بنية توحيد الصفوف فالذي نتقيه هنا هي الفرقة - كثيرة ولمن أراد أرشدناه إلى مصادرها .. أما الصلاة خلفهم مع الاعتقاد بصحة مذهبهم ومذهبنا على حد سواء فالأظهر عندي عدم جوازه ولا أفتي .. إذ لا بد من إحراز الأحقية لمذهبنا.

وفي نفس الوقت أنا مع الحوار والبحث والنظر .. لأن الله سبحانه وتعالى ذم المقلدين لآبائهم قبل أن يستبينوا الحجة في ذلك .. قد يقول قائل ليس كل مقلد مخطئ فمقلد صائب ومقلد مخطئ .. والجواب : لاحراز الصائب وجب النظر.

ونحن قلنا أن الذين قالوا بتحريف القرآن كانت لهم دوافعهم وأسبابهم .. وعلى أساسها نحاسبهم .. فمن ثبت عندنا علمه وورعه واجتهاده حملنا قوله على انه اجتهاد منه .. ومن لم تثبت عندنا له هذه الصفات قلنا بكفره .. وأوكلنا أمره إلى الحاكم الشرعي.

ومن أقوال علماء السنة في هذا المقام :

قال العلامة ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق : " أنـها – البسملة - من الفاتحة ومن كل سورة ونسب إلى الشافعي ووجه الأصح إجماعهم على كتابتها مع الأمر بتجريد المصحف وقد تواترت فيه وهو دليل تواتر كونـها قرآنا وبه اندفعت الشبهة للاختلاف وإنما لم يحكم بكفر منكرها لأن إنكار القطعي لا يوجب الكفر إلا إذا لم يثبت فيه شبهة قوية فإن ثبتت فلا كما في البسملة "
( البحر الرائق ج1ص330-331.) .


وقال القاضي أبو بكر الباقلاني :" فإن قيل : إذا قلتم أنـها –البسملة- ليست بقرآن هل تكفّرون من قال إنـها قرآنا كما تكفّرون من جعل " قفا نبك " قرآن ؟ قيل : هذا يلزم على قول من يكفر من قال إنـها ليست منه ، وهذا ليس بصحيح ولا مرضي ، بل كل من أثبتها آية من القرآن مخطئ ذاهب عن الحق ولم يجب تكفيره لأن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أمر بكتابتها في فواتح السور ، وجهر بـها تارة ، فوجب تخطـئـته لأجل تركه تأمل حال عادته صلى الله عليه (وآله) وسلم في إلقاء القرآن ، وأنه يلقيه إلقاء شائعا ذائعا ، فكان مخطئا في هذا الوجه متأولاً ضربا أقول : هذه المصنفات لعلماء من أهل السنة قد أغفلها الدهر ، فيتضح أن الاقتصار على المصنفات الموجودة بين أيدينا للحكم بخلو فرقة ما من رأي معين أمر غير صحيح .

من التأويل لا يُصيّره بمثابة من ألحق بالقرآن ما علم ضرورة من أنّ الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم قال قولا ظاهرا إنـها ليست من القرآن وأشاع ذلك إشاعة تكفّر من ردّها " ( نكت الانتصار لنقل القرآن ص79 ) .

وقال العلامة محي الدين النووي في المجموع :" وأجمعت الأمة على أنه لا يكفر من أثبتها –البسملة- ولا من نفاها لاختلاف العلماء فيها ، بخلاف ما لو نفى حرفاً مجمعاً عليه أو أثبت ما لم يقل به أحد ، فإنه يكفر بالإجماع " ( المجموع ج3ص281 ، إعانة الطالبين ج1ص139، عون المعبود ج2ص353، نيل الأوطار للشوكاني ج2ص208 ط الحلبي الثانية ، أقول : قول النووي الأخير ستأتي مناقشته بإذنه تعالى .).

وذكر البيهقي في سننه الكبرى : " قالوا والذي روينا عن الشافعي وغيره من الأئمة من تكفيـر هؤلاء المبتدعة فإنـما أرادوا به كفرا دون كفر هو كما قال الله عز وجل {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ}(المائدة/44) ، قال ابن عباس : إنه ليس بالكفر الذي تذهبون إليه إنه ليس بكفر ينقل عن ملة ولكن كفر دون كفر .

قال الشيخ رحمه الله : فكأنـهم أرادوا بتكفيرهم ما ذهبوا إليه من نفي هذه الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه وجحودهم لها بتأويل بعيد مع اعتقادهم إثبات ما أثبت الله تعالى فعدلوا عن الظاهر بتأويل فلم يخرجوا به عن الملة وإن كان التأويل خطأ كما لم يخرج من أنكر إثبات المعوذتين في المصاحف كسائر السور من الملة لـما ذهب إليه من الشبهة وإن كانت عند غيره خطأ "
( سنن البيهقي الكبرى ج10ص207ح20688) .

وقال ابن تيمية:

" فالتكفير يختلف بحسب اختلاف حال الشخص ، فليس كل مخطئ ولا مبتدع ولا جاهل ولا ضال يكون كافرا ، بل ولا فاسقا بل ولا عاصيا ، لا سيما في مثل مسألة القرآن ، وقد غلط فيها خلق من أئمة الطوائف المعروفين عند الناس بالعلم والدين ، وغالبهم يقصد وجها من الحق فيتبعه ويعزب عنه وجه آخر لا يحققه ، فيبقى عارفا ببعض الحق جاهلا بعضه بل منكرا له"
( كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في التفسير ج12ص179-180.).


فعلمائكم يقولون بعدم كفر من قال بما لا يجب قوله حتى وإن كان القول في حد ذاته كفر وذلك بسبب الشبهة .. فلماذا الإصرار على مسألة التكفير .. سبحان الله!!