شبكة الدفاع عن السنة

شبكة الدفاع عن السنة (http://www.dd-sunnah.net/forum/index.php)
-   الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام (http://www.dd-sunnah.net/forum/forumdisplay.php?f=7)
-   -   الإستعانة بالكافر على المسلم / الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله (http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=173882)

مهذب 24-10-14 08:26 PM

الإستعانة بالكافر على المسلم / الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله
 
.
قال الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله :


( وأما ما وقع من الحكومة السعودية من طلب الاستعانة من دول شتى للدفاع وحماية أقطار المسلمين لأن عدوهم لا يؤمن هجومه عليهم ، كما هجم على دولة الكويت- فهذا لا بأس به ، وقد صدر من هيئة كبار العلماء- وأنا واحد منهم- بيان بذلك أذيع في الإذاعة ونشر في الصحف ، وهذا لا شك في جوازه ، إذ لا بأس أن يستعين المسلمون بغيرهم للدفاع عن بلاد المسلمين وحمايتهم وصد العدوان عنهم ، وليس هذا من نصر الكفار على المسلمين الذي ذكره العلماء في (باب حكم المرتد )، فذاك أن ينصر المسلم الكافر على إخوانه المسلمين ، فهذا هو الذي لا يجوز ،

أما أن يستعين المسلم بكافر ليدفع شر كافر آخر أو مسلم معتد ، أو يخشى عدوانه فهذا لا بأس به

وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - استعان بدروع أخذها من صفوان بن أمية استعارها منه - وكان صفوان كافرا ذلك الوقت - في قتاله لثقيف يوم حنين ، وكانت خزاعة مسلمها وكافرها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتاله لكفار قريش يوم الفتح وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ((إنكم تصالحون الروم صلحا آمنا ثم تقاتلون أنتم وهم عدوا من ورائكم)) فهذا معناه: الاستعانة بهم على قتال العدو الذي من وراءنا .

والمقصود أن الدفاع عن المسلمين وعن بلادهم يجوز أن يكون ذلك بقوة مسلمة ، وبمساعدة من نصارى أو غيرهم عن طريق السلاح ، وعن طريق الجيش الذي يعين المسلمين على صد العدوان عنهم ، وعلى حماية بلادهم من شر أعدائهم ومكائدهم .

والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ[12] فأمرنا بأخذ الحذر من أعدائنا

وقال عز وجل : وأعدوا لهم .. أي للأعداء والكفار .. مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ[13]

وهكذا من يعتدي علينا ولو كان مسلما أو ينتسب إلى الإسلام ، فإذا خشي المسلمون عدوانه جاز لهم أيضا أن يستعينوا بمن يستطيعون الاستعانة به لصد عدوان الكافر ولصد عدوان المعتدي وظلمه عن بلاد المسلمين وعن حرماتهم

والواجب على المسلمين التكاتف والتعاون على البر والتقوى ضد أعدائهم ، وإذا احتاجوا فيما بينهم لمن يساعدهم على عدوهم أو على من يريد الكيد لهم والعدوان عليهم ممن ينتسب للإسلام فإن لهم أن يستعينوا بمن يعينهم على صد العدوان وحماية أوطان المسلمين وبلادهم كما تقدم .

وأكرر نصيحتي لجميع زعماء المسلمين ولجميع الدول العربية والإسلامية أن يتقوا الله ويحكموا شريعته في كل شيء ، وأن يحذروا ما يخالف شرعه ، وأن يبتعدوا عن الظلم مهما كان نوعه ، هذا هو طريق النجاة وهذا هو طريق السعادة والسلامة . ) ا. هـ.


http://www.binbaz.org.sa/mat/8343

اف 16 24-10-14 09:45 PM

بس هذا الكافر صار لنا سنين نحاول نستعين فيه ضد بشار المعتدي المجرم ومليشيات ايران المجرمه وكان رافض وبعدما ظهرت داعش صار الكافر اول واحد يريد حرب داعش وسحبنا معاه في الحرب على داعش وصار يفرض علينا من هو العدو الاول

هذا الكافر ينصر نفسه ولا ينصرنا والا لماذا ترك بشار الذي يعتبر عدونا الاول وذهب لداعش التي تعتبر نتيجه تخاذل الكافر وغير الكافر في نصره المستضعفين ؟؟؟

هل هناك خطه معا هذا الكافر للتخلص من داعش وبشار ؟؟ ام ان القضيه للتخلص من داعش فقط وبعدها السلام عليكم كل واحد يروح لبيته ؟؟؟

اف 16 24-10-14 10:21 PM

الكافر كان يتحجج علينا ان وده يساعدنا في اسقاط بشار لاكن الفيتو الروسي والصيني كان يمنعه اما الان صار الفيتو مثل الفيمتو عنده ولا يمنعه شي وصار الروسي والصيني مثل الطرشان لا اسمع لا ارى لا اتكلم وهذا يعني اننا كنا عايشين في مسرحيه الفيتو

وين كلام الروس والايرانيين وتهديدهم لاي اعتداء على سوريا ؟؟؟ وين ال 100 الف صاروخ السوري الي بيطلقونهم ضد تركيا والغرب

مهذب 25-10-14 09:36 PM

.
الهدف من الموضوع هو الرد على سفهاء غلاة التكفيريين الذين يلبسون على الغافلين دينهم ليجروهم إلى غلوهم ..

وليس المقصد الدخول في عرض تحليل ما يجري من الأحداث وأهداف هذا وهذا .

فالتحليل تتفاوت فيه آراء الناس بحسب اطلاعهم وحنكتهم ، وقد يظن أحد ما بأنه يفهم كا ما يجري وهو لا يدري أنه خلاف ذلك .

وكم رأينا من تحليلات ممن يصفهم معجبوهم يأنهم فقهاء الواقع وخبراؤه ورأينا النتائج خلاف ما قالوا .

وما رأينا فهم الواقع حقاً إلا عند العلماء الربانيين الذين تمسكوا بطريق السلف ، أسأل الله أن يحفظهم ويثبتنا وإياهم على الحق .

اف 16 26-10-14 12:20 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهذب (المشاركة 1804932)
.
الهدف من الموضوع هو الرد على سفهاء غلاة التكفيريين الذين يلبسون على الغافلين دينهم ليجروهم إلى غلوهم ..

وليس المقصد الدخول في عرض تحليل ما يجري من الأحداث وأهداف هذا وهذا .

فالتحليل تتفاوت فيه آراء الناس بحسب اطلاعهم وحنكتهم ، وقد يظن أحد ما بأنه يفهم كا ما يجري وهو لا يدري أنه خلاف ذلك .

وكم رأينا من تحليلات ممن يصفهم معجبوهم يأنهم فقهاء الواقع وخبراؤه ورأينا النتائج خلاف ما قالوا .

وما رأينا فهم الواقع حقاً إلا عند العلماء الربانيين الذين تمسكوا بطريق السلف ، أسأل الله أن يحفظهم ويثبتنا وإياهم على الحق .

اخوي بالاساس الفتوى لها زمن معين وظروف معينه ولا يجوز تطبيقها في كل الاوقات وكل الاحوال وكل الظروف انت كذا تفتري على الشيخ وتقوله مالم يقله وتحاول انت تطبق فتواه على التحالف الجديد المختلف كليا

انت لا ترد على التكفيريين بهذه الطريقه بل بالعكس ترجع على راسك

محب المهاجرين و الأنصار 27-10-14 11:53 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.


قال العلامة الربّاني حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله

أولاً؛ استعانة المسلمين بالدولة الكافرة على دولة كافرة

اتفق جمهور فقهاء الأمة وعلمائها على تحريم هذا النوع تحريماً عاماً لا يستثنى منه شيء واستدل أصحاب هذا المذهب بأمور منها:

أولاً: الكتاب العزيز:

حيث شدد سبحانه وتعالى في النهي عن موالاة الكفار والركون إليهم واتخاذهم أولياء وأصدقاء في كثير من آيات الكتاب العزيز فمن ذلك قوله: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون} [151]، وقال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [152]. وقال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً} [153]. وقال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} [154]، فهذه الآيات وأمثالها كثيرة في الكتاب العزيز، كلها تحذر من الركون إلى الكافرين وموالاتهم واتخاذهم أصدقاء، والاستعانة بالكفار لا تتم إلا بموالاتهم والركون إليهم.

ثانياً: من السنة المطهرة:

ومنها: ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل بدر فلما كان بحرَّة الوَبَره أدركه رجل قد كان يذكر منه جُرأة ونَجْدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا. قال: فارجع فلن استعين بمشرك قالت: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة قال: فارجع فلن أستعين بمشرك، قال ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة تؤمن بالله ورسوله قال نعم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق " [155].

ومنها: ما أخرجه الطحاوي [156]والحاكم [157] عن أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع إذا هو بكتيبة خشناء [158]، فقال من هؤلاء؟ فقالوا: هذا عبد الله ابن أبي بن سلول في ستمائة من مواليه من اليهود أهل قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام قال: وقد أسلموا؟ قالوا: لا يا رسول الله قال: قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين " [159].

ومنها: ما رواه الإمام أحمد والحاكم عن خبيب بن أساف قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته فأتيته أنا ورجل قبل أن نسلم فقلنا إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهداً ولا نشهده معهم، فقال: أأسلمتما قلنا: لا. قال: فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين " [160].

هذه النصوص كما ترى غاية في الصحة والصراحة على تحريم الاستعانة بالمشركين في الحرب والقتال، فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يستعين بكافر أو يجيز الاستعانة بهم وهو يعلم هذه النصوص الصحيحة الصريحة. وكما ثبت بالكتاب والسنة منع الاستعانة بالكفار كما ترى فكذلك الصحابة رضوان الله عليهم ذهبوا إلى منع الاستعانة بالكفار ومن ذلك ما ثبت عن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه إنكاره على أبي موسى حينما استعمل كاتباً نصرانياً ذكر ذلك البيهقي عن أبي موسى: " أنه استكتب نصرانياً فانتهره عمر وقرأ: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء... الآية} [161]. فقال أبو موسى والله ما توليته وإنما كان يكتب فقال: أما وجدت في أهل الإسلام من يكتب؟ فقال: لا تدنهم إذ أقصاهم الله ولا تأمنهم إذ خونهم الله ولا تعزهم بعد أن أذلهم الله " [162].

وقد ذكر صاحب المذمَّة [163] عن عمر رضي الله عنه غير هذا الخبر فقال: وكتب إليه بعض عماله (أي عمر) ليستشيره في استعمال الكفار فقال: " إن المال قد كثر وليس يحصيه إلا هم فاكتب إلي بما ترى فكتب إليه: لا تدخلوهم في دينكم [164] ولا تسلموهم ما منعهم الله منه ولا تؤمنوهم على أموالكم وتعلّموا فإنما هي الرجال "، وكتب رضي الله عنه إلى عماله أما بعد: " فإنه من كان قِبَله كاتب من المشركين فلا يعاشره ولا يوادده ولا يجالسه ولا يعتضد برأيه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر باستعمالهم ولا خليفته من بعده ".

وورد عليه كتاب معاوية بن أبي سفيان: " أما بعد: يا أمير المؤمنين فإن في عملي كاتباً نصرانياً لا يتم أمر الخراج إلا به فكرهت أن أقلده دون أمرك فكتب إليه: عافانا الله وإياك قرأت كتابك في أمر النصراني: " أما بعد: فإن النصراني قد مات والسلام " [165]، وكان لعمر عبد نصراني فقال له: أسلم حتى نستعين بك على بعض أمور المسلمين فإنه لا ينبغي لنا أن نستعين على أمورهم بمن ليس منهم فأبى فأعتقه وقال: اذهب حيث شئت " وكتب رضي الله عنه إلى أبي هريرة رضي الله عنه: أما بعد: فللناس نفره على سلطانهم فأعوذ بالله أن تدركني وإياك أقم الحدود ولو ساعة من النهار فإذا حضرك أمران أحدهما: أمر لله والآخر للدنيا فآثر الله على نصيبك من الدنيا فإن الدنيا تفقد والأخرى تبقى عد مرضى المسلمين واشهد جنائزهم وافتح بابك وباشرهم وأبعد أهل الشرك وأنكر أفعالهم ولا تستعن في أمر من أمور المسلمين بمشرك وساعد على مصالح المسلمين لنفسك فإنما أنت رجل منهم غير أن الله سبحانه جعلك حاملاً لأثقالهم.

كما ذكر أيضاً [166] عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى جميع عماله في الآفاق: " أما بعد فإن عمر بن عبد العزيز يقرأ عليكم من كتاب الله {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجسٌ} [167]، جعلهم نجساً حزب الشيطان وجعلهم الأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً واعلموا أنه لم يهلك هالك قبلكم إلا بمنعه الحق وبسط يد الظلم وقد بلغني عن قوم من المسلمين فيما مضى أنهم إذا قدموا بلداً أتاهم أهل الشرك فاستعانوا بهم في أعمالهم وكتابتهم لعلمهم بالكتابة والجباية والتدبير ولا خير ولا تدبير فيما يغضب الله ورسوله وقد كان لهم في ذلك مدة وقد قضاها الله، فلا أعلم أن أحداً من العمال أبقى في عمله رجلاً متصرفاً على غير دين الإسلام إلا نكّلت به فإن محو عمالكم كمحو دينهم وأنزلوهم منزلتهم التي خصهم الله بها من الذل والصغار " اهـ.

يُتبع بإذن الرحمن....

محب المهاجرين و الأنصار 27-10-14 11:55 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.


فإن قيل هذه النصوص التي أوردتموها كلها في رفضه عليه الصلاة والسلام الاستعانة بالأفراد أما عدم الاستعانة بالدولة الكافرة فلم يرد فيه نص يمنعه فالجواب أن يقال:

أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم: " لن أستعين بمشرك " مشرك هنا نكرة جاءت في سياق النفي واتفق علماء الأصول على أن النكرة في سياق النفي صيغة من صيغ العموم فيكون قوله " لن استعين بمشرك " يعم كل مشرك فرداً كان أو دولة.

ثانياً: الضرر المتوقع والخطر المحتمل من الاستعانة بالفرد الكافر أخف من الضرر المترتب على الاستعانة بالدولة لأن الفرد يكون تحت سيطرة المسلمين ومراقبتهم له أما الدولة فإن قوتها وقدرتها على إيقاع الضرر بالمسلمين أكثر من قدرة الفرد المتوقع حصولها ضد المسلمين فعلى هذا يكون تحريم الاستعانة بالدولة الكافرة أولى من تحريم الاستعانة بالفرد الكافر وبهذا يتبين أن الاستعانة بالكفار لا تجوز مطلقاً أفراداً كانوا أو دولاً.


يُتبع بإذن الرحمن....

محب المهاجرين و الأنصار 27-10-14 11:56 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.


أما من جوز الاستعانة بالكفار من العلماء فقد استدل بأدلة واهية لا توصل إلى المدّعى لأنها إما ضعيفة أو غير صريحة في الدلالة أو متناقضة وإليك ما استدل به والجواب عنه:

1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً فقال لرجل ممن يدعى بالإسلام: " هذا من أهل النار ". فلما حضرنا القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً فأصابته جراحة فقيل: يا رسول الله الرجل الذي قلت له آنفاً " إنه من أهل النار " فإنه قاتل اليوم قتالاً شديداً وقد مات. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إلى النار ". فكاد بعض المسلمين أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل إنه لم يمت، ولكن به جراحاً شديداً، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال " الله أكبر أشهد أني عبد الله ورسوله "، ثم أمر بلالاً فنادى في الناس: " إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " [168]. قالوا: فهذا الذي قاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات إلى النار فربما أنه كان في حقيقة أمره كافراً أو أنه ارتاب وشك في الإيمان فمات كافراً قالوا ويؤيد ذلك آخر الحديث وهو: " الرجل الفاجر " فالفجور عام ويشمل الفسق والكفر.

2) واشتهر عند أهل السير أن صفوان بن امية شهد حنيناً مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان مشركاً قال ابن حجر [169]: " وقصته مشهورة في المغازي " [170].

3) وجاء عن بعض أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود ولم يسهم لهم قال الإمام الترمذي [171] يروى عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم لقوم من اليهود قاتلوا معه [172].

4) روى أبو داود بسنده قال: قال جبير: انطلق بنا إلى ذي مِخْبر - رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - فأتيناه، فسأله جبير عن الهدنة، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ستصالحون الروم صلحاً آمناً، وتغزون أنتم وهم عدوَّاً من ورائكم " [173].

5) وروى البيهقي أن سعد بن مالك غزا بقوم من اليهود فرضخ لهم " [174].

وهذه الأدلة كما ترى لا تفيد جواز الاستعانة بالكفار لأنها ضعيفة لا توصل إلى المدعى إما في دلالتها وإما في ثبوتها فحديث أبي هريرة ليس صريحاً في أن الرجل الذي قاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم كان كافراً بل فيه عكس ذلك حيث قال أبو هريرة رضي الله عنه أنه " يدعي الإسلام " كما أن القصة لا تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان به وإنما أذن له فقط في الحضور والقتال، وكذلك الشأن في قصة صفوان فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يطلب منه أن يقاتل بل إنه هو بنفسه الذي شهد الوقعة ولم يثبت أنه قاتل وإنما كان خروجه مع المسلمين للتفرج والنظر فيما يحصل ولهذا لما انهزم المسلمون في أول وهلة فرح أبو سفيان بذلك وقال: " والله لا يرد هزيمتهم البحر " فقال له صفوان: اسكت فض الله فاك فوالله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن " [175] اهـ.

ثم إن الخبر الوارد في قصة صفوان على الرغم من أنه لم يتضمن الدلالة على أن صفوان قاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا تثبت به حجة، وهو غير ثابت وفيه اضطراب شديد بمتنه وسنده، قال أبو عمر بن عبد البر[176]: حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الحسن بن محمد وسلمة بن شبيب قالا: حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية ابن صفوان ابن أمية عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه دروعاً يوم حنين فقال: اغصب يا محمد. فقال: بل عارية مضمونة [177]. ثم قال ابن عبد البر قال أبو داود: هذه رواية يزيد ببغداد وفي روايته بواسط غير هذا قال أبو داوود وكان أعاره قبل أن يسلم ثم أسلم: قال أبو عمر: حديث صفوان هذا اختلف فيه على عبد العزيز بن رفيع اختلافاً يطول ذكره فبعضهم يذكر فيه الضمان وبعضهم لا يذكره وبعضهم يقول عن عبد العزيز عن ابن أبي مليكة عن ابن صفوان قال: " استعار النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول عن أبيه ومنهم من يقول عن عبد العزيز بن رفيع عن أناس من آل صفوان أو من آل عبد الله بن صفوان مرسلاً أيضاً وبعضهم يقول فيه عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن أناس من آل صفوان ولا يذكر فيه الضمان ولا يقول مؤداه بل عارية فقط والاضطراب فيه كثير ولا يجب عندي بحديث صفوان هذا حجة من تضمين العارية والله أعلم.

وقال أبو محمد علي بن حزم [178]: أما خبر دروع صفوان فإنا رويناه من طريق أحمد بن شعيب أنبأنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام أنبأنا يزيد بن هارون أنبأنا شريك هو ابن عبد الله القاضي عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه يوم حنين أدرعاً فقال: غصب يا محمد. قال بل عارية مضمونة " شريك مدلس للمنكرات إلى الثقات، وقد روى البلايا والكذب الذي لا شك فيه عن الثقات ".

وقال أيضاً رحمه الله: ومن طريق مسدد أنبأنا أبو الأحوص حدثنا عبد العزيز بن رفيع عن عطاء بن أبي رباح عن ناس من آل صفوان بن أمية استعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان سلاحاً فقال: أعارية أم غصب؟ قال: بل عارية ففقدوا منها درعاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شئت غرمناها لك فقال يا رسول الله إن في قلبي من الإيمان ما لم يكن يومئذ. هذا عند ناس لم يسموا.

ومن طريق أحمد بن شعيب أنبأنا أحمد بن سليمان حدثنا عبيد الله ابن موسى أنبأنا إسرائيل عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية دروعاً فهلك بعضها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت غرمناها لك فقال: لا يا رسول الله " إسرائيل ضعيف وقال في ص17 وقد روينا من طريق ابن أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عبد العزيز بن رفيع عن إياس بن عبد الله بن صفوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أراد حنيناً قال لصفوان هل عندك سلاح. قال: عارية أم غصباً؟ قال لا بل عارية فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعاً فلما هزم المشركون جمعت دروع صفوان ففقد منها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا فقدنا من أدرعك أدرعاً فهل نغرم لك فقال: لا يا رسول الله إن في قلبي اليوم ما لم يكن " فهذا مرسل " اهـ.


يُتبع بإذن الرحمن....

محب المهاجرين و الأنصار 27-10-14 11:59 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.


أما خبر خروج يهود بني قينقاع مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه أسهم لهم أو رضخ لهم فهالك لأسباب:

أولاً: أن الخبر من مراسيل الزهري ومعلوم أن مراسيل الزهري ضعيفة.

ثانياً: أنه ورد ما يعارضه فقد روى الطحاوي [179] والحاكم [180]: هذا الحديث من طريق الفضل ابن موسى السيناني شيخ إسحاق بن راهويه قال الطحاوي حدثنا عبيد بن رجال قال حدثنا محمد بن عمرو عن سعد ابن المنذر بن أبي حميد الساعدي عن جده الساعدي قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى إذا خلف ثنية الوداع إذا هو بكتيبة خشناء فقال: من هؤلاء فقالوا بنو قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام وقوم عبد الله بن أبي بن سلول فقال: أسلموا. فأبوا قال: قل لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين ".

قال ممليه عفا الله عنه: والعجب ممن ذهب من العلماء إلى جواز الاستعانة بالكفار معتمداً في ذلك على هذه الآثار والمراسيل الضعيفة والمضطربة ويعرض عن ما خُرِّج في صحيح مسلم والسنن ومسند الإمام أحمد وغيره من رفضه صلى الله عليه وسلم الاستعانة بالمشركين، إننا إذا سلكنا طريق الترجيح وجدنا أن حديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه مسلم في صحيحه وما وافقه من آثار أخرى أرجح يقيناً من تلك المراسيل المضطربة السند والمتن كما أسلفنا.

قال ابن عبد البر: " وأما شهود صفوان بن أمية مع رسول الله حنيناً والطائف وهو كافر فإن مالكاً قال لم يكن ذلك بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال مالك: ولا أرى أن يستعين بالمشركين على قتال المشركين إلا أن يكونوا خدماً أو نوتيه [181] [182].

وقد ناقش الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن [183] أدلة القائلين بالجواز فتكلم على مرسل الزهري وبين عدم صحة دلالته على المسألة فقال رحمه الله ما نصه: " أما مسألة الاستنصار بهم فمسألة خلافية والصحيح الذي عليه المحققون منع ذلك مطلقاً وحجتهم حديث عائشة وهو متفق عليه، وحديث عبد الرحمن بن حبيب وهو حديث صحيح مرفوع اطلبهما تجدهما فيما عندك من النصوص والقائل بالجواز احتج بمرسل الزهري وقد عرفت ما في المراسيل إذا عارضت كتاباً أو سنة ثم القائل به قد شرط أن يكون فيه نصح للمسلمين ونفع لهم، وهذه القضية فيها هلاكهم ودمارهم، وشَرَطَ أيضاً أن لا يكون للمشركين صولة ودولة يخشى منها، وهذا مبطل لقوله في هذه القضية واشترط كذلك ألا يكون له دخل في رأي ولا مشورة بخلاف ما هنا كل هذا ذكره الفقهاء وشراح الحديث ونقله في شرح المنتقى وضعف مرسل الزهري جداً وكل هذا في قتال المشرك للمشرك مع أهل الإسلام [184].

قال أيضاً ما نصه: " الشبهة التي تمسَّك بها من قال بجواز الاستعانة هي ما ذكرها بعض الفقهاء من جواز الاستعانة بالمشرك عند الضرورة وهو قول ضعيف مردود مبني على آثار مرسلة تردها النصوص القرآنية، والأحاديث الصحيحة الصريحة النبوية، ثم القول بها على ضعفها مشروط بشروط نبه عليها شراح الحديث ونقل الشوكاني [185] منها طرفاً في المنتقى، منها: أمن الضرر والمفسدة وألا يكون لهم شوكة وصولة وأن لا يدخلوا في الرأي والمشورة وأيضاً ففرضها في الانتصار بالمشرك على المشرك، وأما الانتصار بالمشرك على الباغي عند الضرورة فهو قول فاسد لا أثر فيه ولا دليل عليه إلا أن يكون محض القياس وبطلانه أظهر شيء في الفرق بين الأصل والفرع وعدم الاجتماع في مناط الحكم " أهـ [186].

قال ممليه عفا الله عنه: والضرورة التي ترد في بعض كلام الفقهاء المجيزين الاستعانة بالكافر هي الضرورة التي تتعلق بالدين ومصلحة الإسلام والمسلمين. أما الضرورة التي تتعلق بحكم الحاكم وحماية كرسيه وسلطته فإنها لا تبيح الاستعانة بالكفار حتى عند القائلين بجواز الاستعانة بهم للضرورة.

قال الشيخ سليمان بن سحمان [187] رحمه الله تعليقاً على كلمة الضرورة التي جاءت في كلام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن: " غلط صاحب الرسالة - يقصد بصاحب الرسالة من رد عليه الشيخ عبد اللطيف - في معرفة الضرورة فظنها عائدة إلى مصلحة ولي الأمر من رياسته وسلطانه وليس الأمر كما زعم ظنه بل هي ضرورة الدين وحاجته إلى من يعين عليه وتصلح به مصلحته كما صرح به من قال بالجواز وقد تقدم ما فيه والله أعلم " اهـ.

ومن الأئمة الكبار الذين ذهبوا إلى عدم جواز الاستعانة بالكفار في جميع الأحوال الشيخ ابن مفلح [188] في الآداب الشرعية حيث ذكر كلاماً طويلاً في هذا الباب ضمنه مقتطفات من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم حيث قال: فصل في الاستعانة بأهل الذمة. قال بعض أصحابنا: ويكره أن يستعين مسلم بذمي في شيء من أمور المسلمين مثل كتابة وعمالة وجباية خراج وقسمة فيء وغنيمة وحفظ ذلك ونقله إلا ضرورة قال في الرعاية الكبرى ولا يكون بواباً ولا جلاداً ونحوها.

وعن أبي موسى الأشعري أنه اتخذ كاتباً نصرانياً فانتهره عمر بن الخطاب رضي الله عنه [189].

وعن عمر أيضاً أنه قال: لا ترفعوهم إذ وضعهم الله، ولا تعزوهم إذ أذلهم الله (1).

ولأن في الاستعانة بهم في ذلك من المفسدة ما لا يخفى وهي ما يلزم عادة أو ما يفضى إليه من تصديرهم في المجالس، والقيام لهم وجلوسهم فوق المسلمين وابتدائهم بالسلام أو ما في معناه ورده عليهم على غير الوجه الشرعي وأكلهم من أموال المسلمين ما أمكنهم لخيانتهم واعتقادهم حلها وغير ذلك.

ولأنه إذا منع من الاستعانة بهم في الجهاد مع حسن رأيهم في المسلمين والأمن منهم وقوة المسلمين على المجموع لاسيما مع الحاجة إليهم على قول فهذا في معناه وأولى للزومه وإفضائه إلى ما تقدم من المحرمات بخلاف هذا، وبهذا يظهر التحريم هنا وإن لم تحرم الاستعانة بهم على القتال، وقد نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يتخذوا الكفار بطانة لهم فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم} [190] . وبطانة الرجل تشبيهه ببطانة الثوب الذي يلي بطنه لأنهم يستبطنون أمره ويطلعون عليه بخلاف غيرهم، وقوله {من دونكم} أي من غير أهل ملتكم.

ثم قال تعالى: {لا يألونكم خبالاً}. أي لا يبقون غاية في إلقائكم فيما يضركم والخبال الشر والفساد، {ودوا ما عنتم}. أي يودون ما يشق عليكم من الضر والشر والهلاك، والعنت المشقة يقال فلان يُعنِتُ فلاناً أي يقصد إدخال المشقة والأذى عليه. {قد بدت البغضاء من أفواههم}. قيل بالشتم والوقيعة في المسلمين ومخالفة دينكم، وقيل باطلاع المشركين على أسرار المسلمين. {وما تخفي صدورهم أكبر} أي أعظم، {قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون}.

قال القاضي أبو يعلى من أئمة أصحابنا وفي هذه الآية دليل على أنه لا يجوز الاستعانة بأهل الذمة في أمور المسلمين من العمالات والكتبة ولهذا قال الإمام أحمد رضي الله عنه لا يستعين الإمام بأهل الذمة على قتال أهل الحرب، وقد جعل الشيخ موفق الدين رحمه الله هذه المسألة أصلاً في اشتراط الإسلام في عامل الزكاة فدل على أنها محل وفاق.

وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي طالب وقد سأله يستعمل اليهودي والنصراني في أعمال المسلمين مثل الخراج؟ فقال: لا يستعان بهم في شيء. فانظر إلى هذا العموم من الإمام أحمد نظراً منه إلى ردىء المفاسد الحاصلة بذلك وإعدامها وهي وإن لم تكن لازمة من ولايتهم ولا ريب في لزومها فلا ريب في إفضائها إلى ذلك، ومن مذهبه اعتبار الوسائل والذرائع وتحصيلاً للمأمور به شرعاً من إذلالهم وإهانتهم والتضييق عليهم وإذا أمر الشارع عليه الصلاة والسلام بالتضييق عليهم في الطريق المشتركة فما نحن فيه أولى هذا مما لا إشكال فيه، ولأن هذه ولايات بلا شك، ولهذا لا يصح تفويضها مع الفسق والخيانة، والكافر ليس من أهلها بدليل سائر الولايات وهذا في غاية الوضوح، ولأنها إذا لم يصح تفويضها إلى فاسق فإلى كافر أولي بلا نزاع ولهذا قد نقول يصح تفويضها إلى فاسق إما مطلقاً أو مع ضم أمين إليه يشارفه كما نقول في الوصية ولأنه إذا لم تصح وصية المسلم إلى كافر في النظر في أمر أطفاله أو تفريق ثلثه مع أن الوصي المسلم المكلف العدل يحتاط لنفسه وماله وهي مصلحة خاصة يقل حصول الضرر فيها فمسألتنا أولى هذا مما لا يحتاج فيه إلى تأويل ونظر والله أعلم. وقال تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} [191].

وهذا من أعظم السبيل استدل الشيخ وجيه الدين وغيره من الأصحاب بهذه الآية على أنه لا يجوز أن يكون عاملاً في الزكاة وقد قال أصحابنا في كاتب الحاكم لا يجوز أن يكون كافراً واستدلوا بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة} [192]. وبقضية عمر على أبي موسى.

وقال الشيخ تقي الدين في أول الصراط المستقيم في أثناء كلام له: ولهذا كان السلف يستدلون بهذه الآية على ترك الاستعانة بهم في الولايات فروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى قال قلت لعمر رضي الله عنه إن لي كاتباً نصرانياً , قال: مالك قاتلك الله , أما سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} [193]. ألا اتخذت حنيفياً؟ قال قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه، قال لا أكرمهم إذ أهانهم الله ولا أعزهم إذ أذلهم الله ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله. انتهى كلامه [194]. ورواه البيهقي وعنده فانتهرني وضرب على فخذي وعنده أيضاً فقال أبو موسى والله ما توليته إنما كان يكتب. فقال عمر: له أما وجدت في أهل الإسلام من يكتب؟ لا تدنهم إذا أقصاهم الله ولا تأمنهم إذا أخانهم الله ولا تعزهم بعد إذ أذلهم الله [195].

وروى الإمام أحمد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا تستعملوا اليهود والنصارى فإنهم يستحلون الرُّشاء في دينهم ولا تحل الرُّشاء [196].

وقال سعيد بن منصور [197] في سننه ثنا هشيم [198] عن العوام [199] عن إبراهيم [200] التيمي قال قال عمر لا ترفعوهم إذا وضعهم الله ولا تعزوهم إذ أذلهم الله يعني أهل الكتاب كلهم أئمة لكن إبراهيم لم يلق عمر، وقطع الشيخ تقي الدين في موضع آخر بأنه يجب على ولي الأمر منعهم من الولايات في جميع أرض الإسلام، وقال أيضاً الولاية إعزاز وأمانة وهم يستحقون للذل والخيانة، والله يغني عنهم المسلمين، فمن أعظم المصائب على الإسلام وأهله أن يجعلوا في دواوين المسلمين يهودياً أو سامرياً [201] أو نصرانياً، وقال أيضاً: لا يجوز استعمالهم على المسلمين فإنه يوجب من إعلائهم على المسلمين خلاف ما أمر الله ورسوله، والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يُبدأوا بالسلام وأمر إذا لقيهم المسلمون أن يضطروهم إلى أضيق الطرق [202]، وقال الإسلام يعلو ولا يعلى عليه [203]، وقد منعوا من تعلية بنائهم على المسلمين فكيف إذا كانوا ولاة على المسلمين فيما يقبض منهم ويصرف إليهم وفيما يؤمرون به من الأمور المالية ويقبل خبرهم في ذلك فيكونون هم الآمرين الشاهدين عليهم؟ هذا من أعظم ما يكون من مخالفة أمر الله ورسوله، وقد قدم أبو موسى على عمر رضي الله عنهما بحساب العراق فقال ادع يقرؤه فقال إنه لا يدخل المسجد فقال لم؟ قال لأنه نصراني، فضربه عمر بالداوة فلو أصابته لأوجعته وقال لا تعزوهم إذ أذلهم الله ولا تصدقوهم إذ كذبهم الله ولا تأمنوهم إذ خونهم الله [204]، وكتب إليه خالد بن الوليد إن بالشام كاتباً نصرانياً لا يقوم خراج الشام إلا به، فكتب إليه لا تستعمله فأعاد عليه السؤال وإنا محتاجون إليه، فكتب إليه مات النصراني والسلام [205]، يعني قَدِّر موته، فمن ترك لله شيئاً عوضه الله خيراً منه [206]، إلى أن قال وقد يشيرون عليهم بالرأي التي يظنون أنها مصلحة ويكون فيها من فساد دينهم ودنياهم ما لا يعلمه إلا الله وهو يتدين بخذلان الجند وغشهم يرى أنهم ظالمون، وأن الأرض مستحقة للنصارى ويتمنى أن يمتلكها النصارى.

وقال أيضاً: كان صلاح الدين [207] وأهل بيته يذلون النصارى ولم يكونوا يستعملون منهم أحداً، ولهذا كانوا مؤيدين منصورين على الأعداء مع قلة المال والعدد، وإنما قويت شوكة النصارى والتتار بعد موت العادل حتى قام بعض الملوك أعطاهم بعض مدائن المسلمين وحدثت حوادث بسبب التفريط فيما أمر الله به ورسوله فإن الله تعالى يقول: {ولينصرن الله من ينصره}[208]. إلى أن قال: وهم إلى ما في بلاد المسلمين أحوج من المسلمين إلى ما في بلادهم بل مصلحة دينهم ودنياهم لا تقوم إلا بما في بلاد المسلمين والمسلمون ولله الحمد مستغنون عنهم في دينهم ودنياهم، ففي ذمة المسلمين من علماء النصارى ورهبانهم من يحتاج إليهم أولئك النصارى وليس عند النصارى مسلم يحتاج إليه المسلمون مع أن افتداء الإسراء من أعظم الواجبات وكل مسلم يعلم أنهم لا يتجرون إلى بلاد المسلمين إلا لأغراضهم لا لنفع المسلمين، ولو منعهم ملوكهم من ذلك لكان حرصهم على المال يمنعهم من الطاعة فإنهم ارغب الناس في المال ولهذا يتقامرون في الكنائس وهم طوائف كل طائفة تضاد الأخرى ولا يشير على ولي الأمر بما في إظهار شعارهم في دار الإسلام أو تقوية أيديهم بوجه من الوجوه إلا رجل منافق أو له غرض فاسد أو في غاية الجهل لا يعرف السياسة الشرعية التي تنصر سلطان المسلمين على أعدائه وأعداء الدين. وليعتبر المعتبر بسيرة نور الدين [209] وصلاح الدين ثم العادل [210] كيف مكنهم الله وأيدهم وفتح لهم البلاد وأذل لهم الأعداء لما قاموا من ذلك بما قاموا وليعتبر بسيرة من والي النصارى كيف أذله وكبته إلى أن قال: وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن مشركاً لحقه ليقاتل معه فقال له: " إني لا استعين بمشرك " [211]، وكما أن استخدام الجند المجاهدين إنما يصلح إذا كانوا مؤمنين فكذلك الذين يعاونون الجند في أموالهم وأعمالهم إلى أن قال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم} [212]. وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم} [213].

وذكر سبب نزولها ثم قال وقد عرف أهل الخبرة أن أهل الذمة من اليهود والنصارى والمنافقين يكاتبون أهل دينهم بأخبار المسلمين وربما يطلعون على ذلك من أسرارهم وعوراتهم وغير ذلك وقد قيل:

كل العداوات قد ترجى مودتها إلا عداوة من عاداك في الدين

انتهى كلامه.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا في خواتيمكم عربياً " [214] رواه الإمام أحمد والنسائي [215] وعبد ابن حميد [216] وغيرهم، ومعنى قوله: " ولا تستضيئوا بنار المشركين " أي لا تستشيروهم ولا تأخذوا آراءهم. جعل الضوء مِثْلا الرأي عند الحيرة هذا معنى قول الحسن [217] رواه عبد بن حميد، واحتج الحسن بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم} [218]. وكذا فسره غيره، وفسر الحسن: " ولا تنقشوا في خواتيمكم عربياً " أي لا تنقشوا فيها محمداً وفسره غيره محمد رسول الله لأنه كان نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديث عمر: " لا تنقشوا في خواتيمكم العربية " وعن ابن عمر أنه كان يكره أن ينقش في الخاتم القرآن.

وقال ابن عبد البر قال ابن القاسم [219] سئل مالك عن النصراني يستكتب؟ قال لا أرى ذلك، وذلك أن الكاتب يستشار، فيستشار النصراني في أمر المسلمين؟ ما يعجبني أن يستكتب، وذكر ابن عبد البر أنه استأذن على المأمون [220] بعض شيوخ الفقهاء فأذن له، فلما دخل عليه رأى بين يديه رجلاً يهودياً كاتباً له عنده منزله وقربه لقيامه بما يصرفه فيه ويتولاه من خدمته فلما رآه الفقيه قال: وقد كان المأمون أومأ إليه بالجلوس، فقال: أتأذن لي يا أمير المؤمنين في إنشاد بيت حضر قبل أن أجلس؟ قال نعم، فأنشده:

إن الذي شُرِّفتَ من أجله **** يزعم هذا أنه كاذب

وأشار إلى اليهودي، فخجل المأمون ووجم ثم أمر حاجبه بإخراج اليهودي مسحوباً على وجهه فأنفذ عهداً بإطراحه وإبعاده وأن لا يستعان بأحد من أهل الذمة في شيء من أعماله. قال ابن عبد البر كيف يؤتمن على سر، أو يوثق به في أمر، ومن وقع في القرآن، وكذَّب النبي عليه السلام؟

وقد أمر الناصر لدين الله [221] أن لا يستخدم في الديوان بأحد من أهل الذمة، فكتب إليه عن أبي منصور بن رطيناً النصراني إنا لا نجد كاتباً يقوم مقامه، فقال نقدِّر أن رطيناً مات هل كان يتعطل الديوان؟ فحينئذ أسلم وحسن إسلامه [222] اهـ.




مهذب 29-10-14 11:36 PM

.
قال السرخسي الحنفي في المبسوط :
"وَإِنْ ظَهَرَ أَهْلُ الْبَغْيِ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ حَتَّى أَلْجَؤُهُمْ إلَى دَارِ الشِّرْكِ فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ أَهْلَ الْبَغْيِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ أَهْلِ الشِّرْكِ ظَاهِرٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَعِينُوا بِأَهْلِ الشِّرْكِ عَلَى أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ حُكْمُ أَهْلِ الشِّرْكِ هُوَ الظَّاهِرُ.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَعِينَ أَهْلُ الْعَدْلِ بِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْخَوَارِجِ إذَا كَانَ حُكْمُ أَهْلِ الْعَدْلِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ لِإِعْزَازِ الدِّينِ، وَالِاسْتِعَانَةُ عَلَيْهِمْ بِقَوْمٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالِاسْتِعَانَةِ عَلَيْهِمْ بِالْكِلَابِ."


الساعة الآن 06:38 PM.

Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "