شبكة الدفاع عن السنة

شبكة الدفاع عن السنة (http://www.dd-sunnah.net/forum/index.php)
-   الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية (http://www.dd-sunnah.net/forum/forumdisplay.php?f=2)
-   -   يزيد بن معاوية في مجلس العدلِ والإنصــاف (http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=12601)

المنهج 21-03-03 12:04 AM

يزيد بن معاوية في مجلس العدلِ والإنصــاف
 
المقــــــــــــدمـــــــــة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مُضِلَ لهُ،ومن يُضلل فلا هادي له،وأَشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأَشهدُ أنَّ محمداً عَبْدُهُ ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} "آل عمران 102 " .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} "النساء 1" .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} "الأحزاب 70-71".

أما بعد:
فإن خيرَ الكلام كلام الله،وخير الهُدى هديُ محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم،وشَرُ الأمورِ مُحْدَثَاتُها،وكلَّ مُحدَثةٍ بدعة،وكل بدعةٍ ضلالة،وكل ضلالةٍ في النار.

وبعد،
فإن الله تعالى امتدح هذه الأمة بكونها وسط في الحكم والشهادة: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ } الآيـة .. ،والله عز وجل قد أمر بأننا إذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدلِ في قوله تعالى: { وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } "النساء 58"، فالعدل العدل؛لا نغلو نغلو،ولا نجفو نجفو،وإن كان بيننا وبينه مُشاحنات فلا يجعلنا هذا بأن نظلم ونفتري؛بل نحكم بالقسط والعدل،فالله تعالى يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } "المائدة 80" .
والله حذرنا حين الشهادة والحكم بأن نظلم ونميل لمن نُحب ولو كان ذا قربى،يقول سبحانه عز وجل: { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } "الأنعام 152" .
يقول الشيخ د/ ناصر العمر في كتابه الوسطية: "وقفت متأملاً لآيتي المائدة والأنعام،فوجدت أن كلاً منهما تأمر بالعدل وهو طريق الوسط؛ولكن كل آية اختصت بمعنى ليس في الأخرى،فآية المائدة تنهى عن الحيف والجور في حق العدّو،وأن عداوته وبغضه لا يجوز أن يكون حائلاً دون العدل في حقه،شهادة أو حكماً،فهي تنهى عن الإفراط والغلو بالنسبة لصدور الحكم ضده،وعن التفريط والجفاء بالنسبة لحفظ حقوقه وما يجب له.
أما آية الأنعام فإنها تُحذر من الميل والإفراط في حقّ القريب،مما يكون سبباً لعدم ثبوت الحق عليه،وهنا غلو منهي عنه،كما تنهى عن التفريط في حق خصمه بسبب القرابة،فإن عدم أداء الشهادة مُحاباة للقريب فيه تفريط في حق الخصم وضياع للحقوق.
ومن هنا فإن هاتين الآيتين بمجموعهما ترسمان خط الوسطية،وتُرشدان إليه،وتُحذران من الحيف والميل سواءً أكان إفراطاً أو تفريطاً.
وقد يؤدي بغض العدّو بما ليس عليه،ويُحكم للقريب بما ليس له،وكل هذا خروج عن العدل،ومن الظلم الذي لا يرضاه الله أبداً.
أما آية النساء-ستأتي-فإنها جمعت بين المعنيين كما هو واضح من سياقها،وتفسير الطبري لها،وإن كانت لمعنى ما في سورة الأنعام أقرب منها لما في سورة المائدة
".

ويعني بالآية التي في سورة النساء قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} "النساء 135".
يقول الإمام الطبري في قوله: { فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ}: "فلا تتبعوا أهواء أنفسكم في الميل في شهاداتكم إذا قمتم بها؛ولكن قوموا فيه بالقسط،وأدّوا الشهادة على ما أمركم الله بأدائها بالعدل لمن شهدتم عليه وله".

ونؤكد على أن أمتنا هي أمة الوسط بأمر الله،يقول العلامة عبدالرحمن السعدي في رسـالة القواعد الحسان لتفسير القرآن:
"القاعدة(24) :
وبالجملة ف كل شيء بين خلقين ذميمين،تفريط وإفراط،وقال: {
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} "البقرة 143".
ونحن أمة الوسط،أمة العدل،تطلب الحق،وتقول الحق،وتموت في سبيل الحق.
نحن أمة نعرف الرجال بالحقِ؛ولا نعرف الحق بالرجالِ.


ومن هؤلاء الذين لم يحاكموا بالعدلِ؛بل صدرت فيه أحكام متناقضة-وإن كان من أهل السنة كثير عدلوا في ذلك-أحد حكام بني أمة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان رحمه الله ورضي الله عن أبيه وجده،فبينما حكمت الرافضة وغلت جداً في يزيد بتكفيره ولعنه ورميه قذفاً وبهتاناً بكلِ أمرٍ قبيح وشفيع؛بينما النواصب قد أفرطوا وغلو في تزكيته إلى درجة رفعة منزلة أعلى من بعض الصحابة وممن صاحب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم من آل بيته كعلي بن أبي طالب وابنيه الحسن والحسين عليهم السلام؛وغلو في سب آل البيت عليهم السلام وناصبوهم العداء؛في حين ناصبوا الرافضة الصحابة وخلفاء بني أمية العداء،وهذا خلل كبير في منهجية الرافضة والناصبة؛وما هكذا يا سعد تورد الإبل.
وبين هؤلاء وأولئك وَقَفَ أهلُ السنةِ موقف العدل،ومعرفة الرجال بالحق،والحكم على الظواهر؛أما البواطن فأمرها إلى الله،لا العكس.
ولذلك سنقف –بإذن الله- في مجلس الإنصاف مع يزيد بن معاوية،بعيداً عن الهوى { فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ}،لا غلو ولا إفراط كالنواصب والرافضة؛بل هذه شهاداتنا وسيسألنا الله عنها.

وسنبدأ بكلمات عن يزيد،ثم ندرج مع الشيخ محمد بن إبراهيم الشيباني والترجمة الحافلة،ثم مع القصص وقفات كموقفة من مقتل الحسين عليه السلام،وقصة إباحة المدينة،وقصة إحراق الكعبة في عهد يزيد ومناقشتها نقاشاً علمياً؛لا للعواطف والأقصوصات الضعيفة ضغطاً في الشهادة التي أسأل الله أن يغفر لي بها في دفاع عن مُسلم مظلوم.

نقف في مجلس العدل والإنصاف،نُحاكمه بالعدلِ؛بعيداً عن الهوى،وما سبق من منهجية الوسطية هي حادينا نسأل الله الإعانة والإخلاص،ونسأل الله أن يوفقنا للحق،وأن يشرح صدورنا له.

المنهج 21-03-03 12:07 AM

كلمـــــــات في يزيد

"إن يزيد يوم تُمحص أَخباره،ويقف الناس على حقيقة حاله كما كان في حياته،يتبّين من ذلك أنه لم يكن دون كثير ممن تغنى التاريخ بمحامدهم،وأجزل الثناء عليهم."

مُحب الدين الخطيب رحمه الله
(العواصم من القواصم)


"فإن قيل:كان يزيد خمّاراً.
قلنا:لا يحل إلا بشاهدين؛فمن شهد بذلك عليه؟بل شهد العدل بعدالته
."

أبو بكر بن العربي رحمه الله
(العواصم من القوام)


" .... وقد حضرته وأقمت عنده فرأيتهُ مواظبا على اللاة،مُتَحَرِياً الخير،يسأل عن الفقه،مُلازماً للسنة."

محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
(البداية والنهاية)


وسيأتي بإذن الله أقوال أهل العلم في فضل أو التوقف أو نقد يزيد في مجلسنا هذا مع ترجمته بإذن الله.

الموحد 2 21-03-03 12:38 AM

بداية موفقه وموضوع رائع ومختصر ومفيد إن شاء الله ..

وفقك الله أخي الحبيب وأسأل الله لك الإعانة والسداد وأن لا يحرمنا وإياك الأجر والمثوبة ..

وأسأل الله تعالى أن يدافع عنك كما تدافع عن المسلمين .. آمين يا رب العالمين ..

رافضي وكفى 21-03-03 12:49 AM

حشركم الله مع يزيد

قولوا آمين

المثنى 21-03-03 01:35 AM

وحشرك الله مع بن سبا اليهودي والمجوس .

رافضي وكفى 21-03-03 10:20 AM

حشركم الله مع يزيد

قولوا آمين

اتحدى احد يقول

آمين

assunni 21-03-03 10:27 AM

اقتباس:

كاتب الرسالة الأصلية : رافضي وكفى
حشركم الله مع يزيد

قولوا آمين

اتحدى احد يقول

آمين

إن أهل السنة والجماعة أهلُ تمحيص سندٍ ومتن, فما صح فنجري عليه أحكامنا وما لم يصح لم يؤخذ به.

الحجاج 21-03-03 10:48 AM

اقتباس:

كاتب الرسالة الأصلية : رافضي وكفى
حشركم الله مع يزيد

قولوا آمين

اتحدى احد يقول

آمين

اللهم احشرنا ويزيد ووالده وجده وكل الصحابة والصالحين تحت لواء نبيك وحسن لأؤلئك رفيقا.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.

وجزى الله أخينا المنهج خير الجزاء على هذه المقدمة الطيبة، سر على بركة الله ورعايته. وليخســأ المبطلون.

المنهج 21-03-03 02:25 PM

أخي الموحد2:

أسأل الله ذلك...
غفر لنا ولك..

رافضي:
أهل السنة لا يحكمون لأحد بجنة أو نار إلا من حكم الله ورسوله لهم بالجنة أمثال العشرة المبشرين بالجنة ... ولا نحكم بالنار إلا لمن حكم الله ورسوله بذلك مثل أبو لهب وأبو طالب والولبد بن المغيرة وأبو جهل..

أما يزيد فهو مسلم ونحن مازلنا في مجلس الإنصــــاف معه وبعد الوقفات نرى هل يجوز لعنه أم الترحم عليه..

ونسأل الله أن يحشرنا مع نبينا محمد لى الله عليه وعلى آله وسلم...
وأسأل الله أن يهديك وأن لا يحشرك مع عبدالله بن سبأ وأبو لؤلؤة المجوسي..بل أسأله عز وجل أن يهديك ويحشرك مع نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ومع صحابته الكرام على رأسهم أو بكر الصديق والفاروق عمر بن الخطاب وذي النورين عثمان بن عفان وأبو تراب علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجميعن..

ولي وقفة:
قال بعض السلف:
"شرُ إِلَهٍ عُبِدَ في الأرضِ الهوى"
وقال بع أهل العلم:
"من تبع هواه فقد هوى"أي هوى وسقط..
ونحن قوم أهل عدل لسنا كالرافضة والناصبة الذين لا يعرفون للعدل مكاناً..
وهذه الشهادة وأي وقفة مع أي مسلم في تبيان الحقيقة أتقرب بها إلى الله ..

أخي المثنى:
الرفق الرفق...
بل ندعوا للرافضي بالهداية..
فإن شاء الله له الهداية وبحث الافضي عن أسبابها هداه الله..
وإلا من يُضلل فما له من هاد...
وأعظم وأشنع الأمور أن تجد قلباً كالكوزِ مُجخياً فأنا ينفذ له النور فيرى الحقيقة..
ولا أدل من حنقه وكلامه قبل بداية المووع وهذا فقط في المقدمة فكيف إذا دخلنا في الموضوع...
ولكنه الحب الأعمى والبغض الأعمى حب وبغض الجاهلة..
والله يقول على لسان نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في كتابه: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونِ يحببكم الله} فأمر بمن صدق بالمحبة أن يتبع نبيه،هذا النبي الذي أمر بالعدل والتوسط {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً} لا للهوى مجال بيننا...

أخي assunni:
صدقت..
ووقفتنا مع يزيد هذه أو مع غيره هي وقفة مع الدليل ومع تمحيص الأدلة..
فلقد ذُهلت أن غالبية الروايات على يزيد وضعها الرافضة وتجاوز بعض العلماء في الأخبار على أن التمحيص يأتي لمن يعرف الأسانيد والرجال..مثل المسعودي الذي خدمة الرافضة بجمع الأكاذيب في كثير من الأخبار وحسين النخعي الرافضي المُحترق وغيرهم..

أخي الحجاج:
اللهم آمين..
وهو هو الرافضي يُدحر بدعائك..
وسنواصل بإذن الله..

المنهج 25-03-03 08:16 PM

حياته وخلافته ومبايعة المسلمين له(60-64)

لما مات يزيد بن أبي سفيان في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه،ولي عمر مكانه على أحد أرباع الشام أخاه معاوية بن أبي سفيان وذلك لأن الشام كانت أربعة أرباع:
الربع الواحد ربعُ فلسطين:وهو بيتُ المقدس إلى نهر الأردن الذي يُقال له الشريعة.
والربع الثاني:ربعُ الأردُن وهو من الشريعة إلى نواحي عجلون إلى أعمال دمشق.
والربع الثالث:دمشق.
والربع الرابع:حمص،وكانت سيْسُ وأرض الشمال من أعمال حمص.
وبقي معاوية أميراً على ذلك،وكان حلماً كريماً رضي الله عنه،إلى أن قُتلَ عُمر،ثم أقرهُ عثمان بن عفان رضي الله عنه على إمارته وضم إليه سائر الشام،فصار نائباً على الشامِ كله.

وفي خلافة عثمان ولد لمعاوية ولدٌ سماه يزيد باسم أخيه،ويزيد الذي ولِدَ في خلافة عثمان هو من تولى الملك بعد أبيه معاوية "وذلك سنة 60 وبقي حتى عام 64" ^1^ وكان سبب تولية معاوية ابنه يزيد الحكم الفتن التي تلاحقت يتلو بعضها بعضاً،وكان من الصعوبة أن يلتقي المسلمون على خليفة واحد،خاصة والقيادات المتكافئة في الإمكاناتِ قد يَضْرِبُ بعضها بعضاً،فتقع الفتن والملاحم بين المسلمين مرةً ثانية،ولا يعلم مدى ذلك بعد إلا الله تعالى.

ورأى معاوية أن ابنه يزيد قد تمرسَ بالسلطةِ،وخبر أساليبها،ومارسَ جوانب من مسئولياتها،وعرفَ فُنونَها وطَرائقُها،وقادَ الجيوش،وحاصرَ العدو،وعرفَ نكايته وأسليبه وطرائقه،؛وكان هذا كافياً عند معاوية رضي الله عنه لأن يقع اختياره على ابنه يزيد؛وكانت هذه القناعة واضحة في خط معاوية السياسي كله.

ولهذا قال لعبدالله بن عمر فيما يخاطبه به:
"إني خفت أن أذر الرعية من بعدي كالغنم المطيرة ليس لها راع"
ولقد صدق الواقع حدس معاوية وظنه،فبعد هلاك يزيد بن معاوية ماذا كان الأمر؟العراق والحجاز لعبدالله بن الزبير،والشام لعبدالملك بن مروان.ووقعت دماء وسالت أنهاراً حتى انتصر عبدالملك بن مروان على خصمه عبدالله ن الزبير.

يقول ابن كثير المؤرخ رحمه الله: "فلما مات الحسين قوي أمر يزيد بن معاوية،ورأى أنه لذلك أهلٌ،وذلك من شدة محبة الوالد لولده،ولما كان يتوسم ه من النجابة الدنيوية،وسيما أن أولاد الملوك ومعرفتهم بالحروب وترتيب الملك،والقيام بأبهته،وكان ظنه أن لا يقوم أحد من أبناء الصحابة في هذا المعنى" ^2^ .

وأما الصحابة فكان دورهم كما قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن علية،حدثني صخر بن جويرية عن نافع،قال: "أما بعد فإنا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله،وإني سمعت رسول الله لى الله عليه وسلم يقول: ((إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة،يقال هذه غدرة فلان ،وإن من أعظم الغدر إلا أن يكون الإشراك بالله،أن يتابع رجل رجلاً على بيع الله ورسوله ثم ينكث بيعته)) ^3^ فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر،فيكون الفيصل بيني وبينه".

ودخل ابن عمر على ابن مطيع يعظه ويذكره ببيعته ليزيد بعد أن نزعها ونقضها وأراد خلعه.
قال ابن مطيع:مرحباً بأبي عبدالرحمن،ضعوا له وسادة.
فقال:إنما جئتك لأحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من نزع يداً من طاعة فإنه أتي يوم القيامة لا حجة له،ومن مات مفارقا الجماعة فإنه يموت موتة جاهلية)) ^4^ .

وأما آل بيت النبوة فقد جاء عن جعفر الباقر رحمة الله تعالى قوله: "لم يخرج أحد من آل بيت أبي طالب ولا من عبدالمطلب أيام الحرة" ^5^ .
ولما قدم مسلم بن عقبة أكرمه وأدنى مجلسه وأعطاه كتاب أمان.

ثم إن يزيداً أمر بحملِ الطعام إلى أهلِ المدينة وأفاض عليهم بالأعطيةِ،وهذا خلاف ما ذكره الروافض من أنه شمت بهم واشتفى بقتلهم،وأنه أنشد شعر ابن الزِّبعري لما أوتي برأسِ الحسين بن علي رضي الله عنه وأمه وأبيه:
لما بدت تلك الحمولُ وأشرقت ..... تلك الرؤوسُ على رُبا جيرون
نعق الغُـــــــــــــــــــراب فقلت نُــــح ..... فلقد قضيتُ من النبي ديونـي
أو من الحسين ديوني.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "هذا كذب،ومن قال ذلك فهو كافرٌ كاذبٌ مفتر،وديوان الشعر الذي يعزى إليه عامته كذب،وأعداء الإسلام كاليهود وغيرهم يكتبونه للقدح في الإسلام،ويذكرون فيه ما هو كذب ظاهر كقولهم أنه أنشد:
ليت أشيــاخ ببدرٍ شــــــــهدوا ..... جذع الخزرج من وقعِ الأسل
قد قتلنا الكبش من أقرانهم ..... وعدلنــــــــــــــــــــــاه ببدرٍ فاعتدل
وأنه تمثل بها ليالي الحرة.
وهذا الشعر لعبدالله الزِّبعري ^6^ أنشده عام أُحد لما قتل المشركون حمزة،وكان كافراً ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه،وقال أبياتاً يذكر فيها توبته فلا يجوز أن يُغل في يزيد ولا غيره؛بل لا يجوز أن يتكلم في أحد إلا بعلمٍ وعدل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
^1^ يزيد بن معاوية لشيخ الإسلام ابن تيمية،والبداية والنهاية 8/232.
^2^ البداية والنهاية 8/232.
^3^ رواه مسلم 3/1360 والترمذي 4/144 من حديث صخر بن جورية وقال حسن صحيح،وفي لفظ آخر عند أحمد والطيالسي عن أنس ((إن لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به عند استه)) راجع الجامع الصغير 2/228.
^4^ رواه أحمد 2/111.
^5^ الحرة هي:حرة واقم بظاهر المدينة،وكانت الواقعة التي نقلها أكثر المؤرخين سنة ثلاثٍ وستين وكان قائدها مسلم بن عقبة وهو الذي قالوا عنه إنَّه استباح المدينة ثلاثة أيام يقتل فيها أهلها وأسرف جنده في السلب والنهب؛وللأسف فإن أكثر من نقلوا روايتي حريق الكعبة واستباحة المدينة،نقلوا عن رواية إخباري تالف كذاب وهو لوط بن يحيى [أبو مخنف] وهو شيعي محترق صاحب أخبارهم كما قال ابن عدي ف الكامل وتركه أبو حاتم،وقال ابن معين:ليس ثقة.وقال عنه عبدالمنعم ماجد:إنَّه من الشيعة المتحمسين.
^6^ عبدالله بن الزبعري بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي الشاعر،أمه عاتكة بنت عبدالله بن عمرو بن وهب بن حذافة بن جمح،كان من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه بلسانه ونفسه،وكان من أشعر الناس وأبلغهم.يقولون:إنه أشعر قريش قاطبة.قال محمد بن سلام:كان بمكة شعراء،فأبدعهم عراً عبدالله بن الزبعري.قال الزبير:كذلك يقول رواة قريش:إنه كان أشعرهم في الجاهلية.ثم أسلم وحسن إسلامه،واعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه ولم،فقبل عذره ثم شهد ما بعد الفتح من المشاهد:
ومن قوله بعد إسلامه للنبي عليه السلام معتذراً:
يا رســول المليك إن لساني ..... راتق فأفتقت إذ أنا "بور"
إذْ أجاري الشيطان في سنن الغي ..... أنا في ذاك خاسر مبثور
يشهد السمع والفؤاد بما قلـ ..... ت ونفس الشهيد وهي الخبير
إن ما جئتنا به حق صدق ..... سـاطع نوره مضيء منيــر
جئتنا باليقين والصدق والبـدر ..... وفي الصدق واليقين السرور
أَذهبَ الله ضلَّه الجهل عنـا ..... وأتانا الرضاء والميســور
والبور:الضال الهالك،وهو لفظ للواحد والجمع.
الاستيعاب لابن عبدالبر 1/901 وسيرة ابن هشام 4/39.


الساعة الآن 10:54 PM.

Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "